«الفنان في زمن كورونا»... رسائل تشكيلية من «عزلة الوباء»

معرض يضم 67 تشكيلياً من 8 دول

عمل للفنانة المصرية حسناء صلاح الدين نوية (المصدر: المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون)
عمل للفنانة المصرية حسناء صلاح الدين نوية (المصدر: المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون)
TT

«الفنان في زمن كورونا»... رسائل تشكيلية من «عزلة الوباء»

عمل للفنانة المصرية حسناء صلاح الدين نوية (المصدر: المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون)
عمل للفنانة المصرية حسناء صلاح الدين نوية (المصدر: المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون)

إذا كان «الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية»، كما قال بابلو بيكاسو، فماذا يمكن أن يفعل «الفن في زمن كورونا»؟... يحاول 67 فناناً من دول مختلفة تقديم إجابة عن هذا التساؤل، من خلال أعمالهم الفنية التي يحتضنها المعرض التشكيلي الدولي الافتراضي «الفنان في زمن كورونا»، الذي تنظمه في الوقت الحالي «المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون»، مقرها مدينة ليج البلجيكية، بمشاركة فنانين من مصر والجزائر ولبنان والعراق والمغرب وتونس وبلجيكا وكندا.
أما الإجابات التي يقدمها هؤلاء الفنانون عبر 77 عملاً فنياً، فتتنوع بين الخوف من المجهول، ومحاولة خلق بصيص الأمل، أو البحث عن نقطة بيضاء، في ظل ما تعاني منه البشرية من قتامة الصورة العامة في ظل تفشي فيروس «كورونا المستجد».
يقول الدكتور الفنان سمير النفيلي، مؤسس «المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنون»، ومنظم المعرض، إن «فكرة المعرض هي الخروج بالفنانين التشكيليين من الحالة التي يعيشونها منذ 3 شهور بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، والتغيير من أحوالهم، وسط حالة الإجراءات الوقائية في مشروع يجمعهم، بهدف أن يطوروا إبداعهم المتوقف بفعل الوباء العالمي، وأن يعبروا عن مشاعرهم تجاه هذه الجائحة في أعمال فنية، وبالتالي تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الفنان في أوقات الأزمات».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لذا كان اختيار عنوان (الفنان في زمن كورونا) للمعرض، لكي يعبر كل فنان عن نفسه، في ظل توقف الحياة الفنية والثقافية في العالم أجمع، ولكي ينقل إحساسه، وهو محبوس ولا اتصال بينه وبين العالم الخارجي، لذا كان التفكير في حثه على خوض هذه التجربة التشكيلية، والانخراط مجدداً في الفعاليات الثقافية والفنية، وخلق مساحة للإبداع والتلاقي الفني، ولو بشكل افتراضي».
في ظل الجنسيات المختلفة التي يجمعها المعرض، وبمشاركة الهواة والمحترفين، أعطى ذلك تنوعاً للأعمال، وجعل من المعرض بوتقة تجمع أفكاراً متعددة، لكن تظل فكرة التعبير عن الجائحة الفيروسية هي المسيطرة، حيث تغلب على 60 في المائة من الأعمال المعروضة.
ورغم تنوع المدارس الفنية بالمعرض، فإن المدرسة التلقائية تسيطر على أعمال المعرض، التي تنطلق فيها عفوية الفنان لتعبر عن إحساسه الداخلي الصادق، كما تنطلق اللوحات دون ترجمة بسبب اللغة المباشرة بين الفرشاة ومشاعر الفنان. كذلك تمتد الأعمال حاملة اللغة الكلاسيكية والرمزية للتعبير عن زمن الوباء.
ويشير النفيلي إلى إحدى لوحاته بالمعرض التي تعكس تمدد الفيروس في العالم، والتي عبر عنها بوجود الكرة الأرضية، ومن حولها سيول من الدموع، لتعبر عن الحزن والكآبة اللذين يعيشهما سكان الكرة الأرضية.
التعبير عن الجائحة يمكن أن نراه أيضاً في لوحة الفنانة المصرية حسناء صلاح الدين نوية، التي تحمل عنوان «الكورونا الأرضية»، والتي تشير إلى أنه عنوان يأتي على وزن مصطلح الكرة الأرضية، التي تتحول فيه إلى شكل أقرب للصورة المجهرية للفيروس، وتتشكل حوافها مثل تكوين جزيئاته.
الكرة الأرضية نراها أيضاً بشكل آخر لدى الفنان الجزائري ياسين أحمادي، حيث حولها لتمثل رأس فتاة، بينما تختفي ملامح وجهها خلف قناع الوجه.
أما الفنان العراقي جاسم البياتي، فجاء اشتراكه بالمعرض عبر لوحتين، يقول: «اللوحة الأولى تمثل بكاء الناس على فقدان شخص عزيز، وعلى البيوت التي أصبحت خالية من أهلها بعد أن دمرهم الوباء، بينما تظهر أيدي أناس آخرين وهم يحاولون التمسك بالحياة بإشارتهم إلى الشمس، أما اللوحة الثانية فتمثل بكاء الأمهات، واللوعة التي يمر بها الإنسان بعد فقدان الأعزاء، وعبرت بامرأة تبكي للإشارة للدين الإسلامي، وبتمثال السيدة مريم العذراء عن الدين المسيحي، كربط بين الأديان والإشارة إلى أن الهدف واحد وهو نجاة الإنسانية».
ويثمّن البياتي فكرة المعرض، قائلاً: «العراق مثل بقية دول العالم نعيش حالة الحظر المنزلي بسبب وباء (كورونا)، وهو ما يؤذي الكثير من الناس، لكن الفنان يحاول أن يتكيف مع الوضع المحيط به، فعلى الرغم من أنه في حالة تقييد شبه تام لحريته، إلا أنه يتوجه إلى الألوان والفرشاة كمتنفس له في ظل الأوضاع الاستثنائية».
يذكر أن المؤسسة البلجيكية المصرية للتنمية الثقافية والفنية والأدبية تأسست عام 1980 في مدينة ليج البلجيكية، وتهدف إلى رعاية الفن والفنانين، وإقامة المعارض المحلية والدولية، بالتعاون مع وزارة الثقافة البلجيكية، إلى جانب تنظيم الورش التعليمية واكتشاف المواهب ودعمها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».