زافون... صاحب الرواية الأكثر رواجاً في إسبانيا بعد «دون كيخوتي»

رحل عن 55 عاماً بعد صراع طويل مع المرض

خوان كارلوس زافون
خوان كارلوس زافون
TT

زافون... صاحب الرواية الأكثر رواجاً في إسبانيا بعد «دون كيخوتي»

خوان كارلوس زافون
خوان كارلوس زافون

شهد النور على ساحل المتوسط في برشلونة منذ 55 عاماً، وانطفأ على ضفاف المحيط الهادي في لوس أنجليس بعد أن لمع كما الشهب في فضاء الأدب الإسباني ووضع الرواية الأكثر رواجاً في تاريخ لغة سرفانتيس بعد «دون كيخوتي».
إنه خوان كارلوس زافون، الذي رحل بعد صراع طويل مع المرض في المدينة التي انتقل إليها لينصرف إلى الكتابة السينمائية التي كان يعشقها إلى جانب الأدب والتأليف الموسيقي، وكان قد أصاب شهرة عالمية منذ روايته الأولى «ظل الريح» التي تُرجمت إلى أكثر من خمسين لغة وحطّمت جميع الأرقام القياسية في الأدب الإسباني. وكانت تلك الرواية توطئة لرباعيته «مقبرة الكتب المنسية» التي ختمها برواية «متاهة الأرواح».
عاش زافون طفولته في الحي المحاذي لكاتدرائية العائلة المقدسة الشهيرة في مدينة برشلونة، التي تظهر في معظم رواياته التي كانت تزخر بالحيوانات الأسطورية والخرافات التاريخية التي كان مولعاً بها. وبعد انقطاعه عن مواصلة دراسة الصحافة في الجامعة انصرف للعمل في عدد من وكالات الإعلان قبل أن ينشر روايته الأولى بعنوان «أمير الضباب» التي حازت جائزة أدب الأطفال عام 1992، وقرّر الانتقال إلى كاليفورنيا، حيث كان يعيش مع عائلته منذ عام 1994.
كان يردّد دائماً أن أسلوبه مدين بشكل كلّي لعمله في حقل الإعلان «حيث تتعلّم أن ترى إلى اللغة وتشاهد الكلمات كالصور»، وكان حريصاً على البعد عن الأضواء والمنتديات الأدبية التي كان يقول عنها «هي 1 في المائة أدبية و99 المائة منتديات».
لم يتمكّن النقّاد من حصر أسلوب زافون في خانة أدبية معينة رغم النجاح الكبير الذي لاقته أعماله في كل اللغات التي ترجمت إليها. كان يغرف من كل المناهل المتاحة ما يناسبه ويحتاج إليه، ويرفض الانتساب إلى أي مدرسة أدبية بما فيها مدرسة الذين لا ينتمون إلى أي مدرسة.
تتجمّع في كتبه عناصر الأدب الكلاسيكي والأدب الشعبي والملاحم الأسطورية والسينما والمسلسلات التلفزيونية والصور المتحركة التي كان عميق الإلمام بها. لكنه عرف كيف يصهرها جميعاً في أسلوب خاص رشيق ينضح ببراءة طفولة سعيدة أمضاها في شوارع برشلونة ويفوح منه حنين شديد إلى سعادة بعيدة يعرف أنها لن تعود.
شكّل زافون ظاهرة غريبة في عالم آداب اللغة الإسبانية الذي دخله خلسة تقريباً، وبين ليلة وضحاها أصبح نجماً عالمياً لم يعرف أحد كيف يفسّر أسباب صعوده الذي أسرّ لأصدقائه غير مرة بأنه كان أول المندهشين منه، وأنه كان يجد صعوبة في التحرر من عبئه الذي يعيق قدرته على الكتابة.
كان نجاحه الباهر والسريع مصدر حسد وغيرة بين الأدباء الذين لم يكن ينتمي إلى عالمهم قبل أن ينشر روايته الأولى، ثم أوصدوا بوجهه أبواب هذا العالم بعد ما نال من شهرة؛ لأن مثل هذا النجاح الذي يصعب تصنيفه وتفسيره هو خطيئة لا تغتفر في دنيا الأدب. وكان منطوياً خجولاً، نادراً ما يدلي بمقابلات أو تصريحات، ومحاطاً بحزام أمني كلما كان يوقّع رواية جديدة أو يشارك في معارض الكتب.
لكن أصدقاءه المقرّبين، مثل الروائي إدواردو مندوزا، يقولون إنه كان لطيف المعشر، ودوداً وظريفاً، ويحمل شقاوة الطفولة في عينيه وحركاته وكلامه. كان في نيته أن يستقر مع أسرته في لندن، لكن أزمة «بريكست» وتفاقم مرضه دفعاه إلى البقاء في الولايات المتحدة حيث كان يخصص نصف وقته تقريباً للعلاج قبل عامين من وفاته.
وفي رسالة وداعية يصفه مندوزا بقوله «كان غريب الأطوار حتى في ملبسه، يتأرجح باستمرار بين الرصانة المفرطة والأزياء التنكرية، كما لو أنه كان يرى نفسه شخصية هاربة من إحدى رواياته. لكن الأرجح أن تلك كانت وسيلته ليحمي نفسه».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

سائح يفقد ساقه خلال ممارسته التجديف في نهر أسترالي

كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
TT

سائح يفقد ساقه خلال ممارسته التجديف في نهر أسترالي

كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)

اضطر عناصر إنقاذ في أستراليا السبت، إلى بتر ساق رجل كان يمارس رياضة التجديف في قارب كاياك، بعدما علقت بشقّ صخري في جزء خطير من أحد أنهر ولاية تسمانيا، وفق ما أفادت الشرطة.

وكان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة، عندما علقت ساقه «بين الصخور»، بحسب الشرطة.

وتلقت أجهزة الطوارئ تنبيهاً من ساعته الذكية، فشرعت في عملية «معقدّة وطويلة جداً» لإنقاذه، لكنّ المحاولات لم تُجدِ.

وبقي الرجل مغموراً جزئياً في المياه الباردة، وراح وضعه الصحي يتدهور، ما حدا بعناصر الإنقاذ إلى تخديره وبتر ساقه السبت.

وقال الناطق باسم الشرطة داغ أوسترلو، إن «عملية الإنقاذ هذه كانت شديدة الصعوبة واستلزمت جهداً هائلاً طوال ساعات».

ونُقِل الرجل إلى مستشفى «رويال هوبارت» في ولاية تسمانيا، وأشارت الشرطة إلى أنه لا يزال في حال حرجة.