أنقرة: تقاربنا مع واشنطن سيحدث فارقاً إيجابياً في ليبيا

TT

أنقرة: تقاربنا مع واشنطن سيحدث فارقاً إيجابياً في ليبيا

جددت أمس تركيا اتهاماتها لقائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بعدم الإصغاء لنداءات الحل السياسي، وأشارت إلى قرب بدء تعاون مع الولايات المتحدة «ستكون له نتائج إيجابية» ويحدث فارقا في الأزمة الليبية، رافضة في المقابل تقريرا حقوقيا أمميا حول التدخلات في ليبيا، وإرسال الأسلحة الفتاكة والمرتزقة، وإفلات البعض من العقاب.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي أمس إن الحل السياسي هو الأفضل لليبيا، وحفتر لم يصغِ لنداءات التهدئة، بل على العكس زاد من عدوانه، لذلك فإن مصيره الهزيمة».
في السياق ذاته، أعلنت تركيا رفضها لما وصفته بـ«الادعاءات التي لا أصل لها، الصادرة عن آلية الإجراءات الخاصة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة»، إذ قال المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أكصوي، في بيان: «لدينا شكوك جدية حيال الأهداف الكامنة وراء التهم، المجهولة المصدر والفاقدة للموضوعية والدقة... والموجهة لتركيا دون مراجعة حقيقة رؤيتها».
وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، قد ذكرت في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان عن الوضع الإنساني في ليبيا، الخميس الماضي أن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في ليبيا تواصلت منذ سبتمبر (أيلول) 2019. وسط إفلات كامل وتام من العقاب، وتحدثت عن «تحشيد عسكري ينذر بالخطر جراء إرسال بعض الدول الأجنبية الداعمة للأسلحة المتطورة والفتاكة دون انقطاع، فضلا عن تجنيد المزيد من المرتزقة لطرفي الصراع». موضحة أن سيطرة المجموعات التابعة لحكومة الوفاق على بلدات ساحلية غربية في أبريل (نيسان) الماضي، صاحبتها تقارير عن أعمال ثأر، بما في ذلك أعمال نهب وسرقة، وإحراق للممتلكات العامة والخاصة.
في غضون ذلك، قال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، إن التعاون بين بلاده والولايات المتحدة في الملف الليبي «اكتسب عمقا قد يصنع فارقا إيجابيا».
وأضاف أوكطاي خلال اجتماع غرفة التجارة الأميركية ومجلس الأعمال الأميركي - التركي عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»: «نقوم بتعميق محادثاتنا الثنائية حول ليبيا كما اتفق على ذلك الرئيسان رجب طيب إردوغان ودونالد ترمب خلال المكالمة الهاتفية في الثامن من يونيو (حزيران) الجاري، ويمكن للولايات المتحدة وتركيا إحداث فارق إيجابي معا».
من جانبه، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، خلال مشاركته بندوة نقاشية افتراضية، نظمتها مؤسسة «كونراد أديناور» السياسية الليلة قبل الماضية، ضرورة لعب حلف شمال الأطلسي (ناتو) دورا موحدا في ليبيا، واصفا السياسة الأميركية تجاه ليبيا بـ«المتقلبة».
إلى ذلك، انتقد المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، فايق أوزتراك، زيارة الوفد التركي رفيع المستوى إلى ليبيا، قائلا إنه يجد صعوبة حتى الآن في فهم أسباب تلك الزيارة، التي كان على رأسها وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير المالية برات البيرق، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان ومتحدث الرئاسة إبراهيم كالين، مع مسؤولين آخرين التقوا أعضاء حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.
وتواجه تركيا العديد من الانتقادات بشأن تدخلاتها في الأزمة الليبية، والتي ترى أنها تؤجج الفتنة بين أبناء الشعب الليبي، سعياً نحو تحقيق أطماعها في ليبيا، والسيطرة على ثروات البلد الغني بالنفط وحقول الطاقة المواجهة لسواحله في البحر المتوسط.
وفي هذا الصدد قال جاويش أوغلو أمس إن أي اتفاقية أو خطوة في هذه منطقة شرق المتوسط بمعزل عن تركيا «تعتبر باطلة... إننا لم نتمكن من إفهام هذا الأمر للأطراف الأخرى بشكل شفهي، لكننا نجحنا في ذلك بالطرق العملية، من خلال سفننا الخاصة بالتنقيب عن مصادر الطاقة، والاتفاقيات التي عقدناها (في إشارة إلى مذكرة التفاهم البحرية مع حكومة السراج)». وأكد استعداد بلاده للحوار مع جميع الأطراف بخصوص شرق المتوسط، بما فيها اليونان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.