الكاظمي... بين مدافع الخارج وصواريخ الداخل

تغريدته عن «اختطاف الدولة» عدت رسالة تحذير لمطلقي الكاتيوشا

TT

الكاظمي... بين مدافع الخارج وصواريخ الداخل

قبل أيام، أعلنت وزارة الداخلية، عبر المتحدث باسمها، أنها تمكنت للمرة الأولى من اعتقال عدد من مطلقي الصواريخ التي تستهدف السفارة الأميركية في قلب بغداد أو المعسكرات التي يوجد فيها أميركيون في محيط بغداد. هذا الإعلان الذي لا يزال يخلو من التفاصيل المهمة حفز رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على أن يطلق تغريدة ذات شفرة تحذيرية واضحة للجهات المتورطة بالإدمان على إطلاق صواريخ الكاتيوشا حتى قبل توليه السلطة قبل شهر ونيف.
الكاظمي أعلن، في تغريدة على «تويتر»، أن «الصواريخ التي استهدفت الجندي المجهول في بغداد تسعى إلى تهديد استقرارنا ومستقبلنا، وهو أمر لا تهاون فيه»، وأضاف: «لن أسمح لجهات خارجة على القانون باختطاف العراق من أجل إحداث فوضى، وإيجاد ذرائع لإدامة مصالحها». واختتم رئيس الوزراء تغريدته بالقول: «ماضون في عهدنا لشعبنا بحماية السيادة، وإعلاء كرامة الوطن والمواطن».
تغريدة الكاظمي هذه بدت تعبيراً عن نهجه السياسي في معالجة سلسلة من الأزمات والمشكلات التي ورثها عن سابقيه، لكنها تزامنت مع نوعين من القصف والاستهداف: مدافع تركية وإيرانية من خارج الحدود بذريعة استهداف معارضين أكراد لكلتا الدولتين داخل الأراضي العراقية، وصواريخ كاتيوشا في الداخل بذريعة استهداف المصالح الأميركية لإخراجها من الأرض العراقية. الكاظمي اختزل عمليات الاستهداف التي لن يسمح بها طبقاً لتعهد لا يزال ينتظر إجراءات على الأرض بأنه بمثابة «اختطاف للعراق» الدولة. فإيران وتركيا طبقاً لهذا النهج تختطفان العراق عبر إطلاق مدافع بعيدة المدى أو قصف بالطيران لمعارضيهما من داخل العراق الذين يستخدمون حدوداً مفتوحة بين البلدان الثلاثة، فضلاً عن وعورتها.
في الوقت نفسه، فإن الفصائل أو الجهات الخارجة عن القانون تختطف القرار السيادي العراقي، عبر تكرار القصف بصواريخ الكاتيوشا مستهدفة المصالح الأميركية. وقد حاول الكاظمي تخفيف عملية الاستهداف، مبيناً أن المقصود هو «الجندي المجهول»، بينما هدف الصواريخ الحقيقي هو السفارة الأميركية التي لا تبعد عن موقع الجندي المجهول سوى أقل من كيلومترين. كل ما في الأمر أن الصواريخ ضلت طريقها، وهو ما يحصل كثيراً، وسقطت في ساحة الاحتفالات القريبة من نصب الجندي المجهول.
والعراق لا يملك حيال ما تقوم به تركيا أو إيران من اعتداءات معلنة على الأراضي العراقية سوى مذكرات الاحتجاج شديدة اللهجة للسفير التركي، وخفيفة اللهجة للسفير الإيراني، وكلا السفيرين معروف حتى للأوساط الشعبية العراقية أكثر من وزراء في الحكومات العراقية. مع ذلك، فإن المواقف العربية والدولية بدت هذه المرة أقوى بشأن القصف الإيراني - التركي للأراضي العراقية، بينما تستمر الخلافات العراقية - العراقية بشأن كيفية التعامل مع الدولتين اللتين تحصلان سنوياً من العراق على أكثر من 22 مليار دولار، في ميزان تجاري يميل لصالحهما بدرجة تكاد تكون 99 في المائة لصالحهما، مقابل 1 في المائة لصالح العراق.
العراق، وعلى لسان وزير خارجيته فؤاد حسين، يحاول تحديد مفهومه للعلاقات الخارجية مع الدول. ففي لقاء جمعه مع عدد من السفراء والقائمين بالأعمال من دول آسيا وأميركا اللاتينية وأستراليا المُعتمدين في العراق، أكد حسين «التزام الحكومة العراقية الكامل بمواصلة جهدها في مواجهة التحديات وتجاوزها».
ودعا حسين، طبقاً لبيان عن وزارة الخارجية، إلى «اعتماد مبدأ الحوار في حلحلة الأزمات التي تواجه المنطقة، من دون التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان»، مشيراً إلى أن «العراق يرفض رفضاً قاطعاً التدخل في شؤونه الداخلية»، وعد أن «من أولويات الحكومة تقوية العلاقات مع العالم، وفتح آفاق للتعاون، بما يحقق المصالح المُشتركة».
وإذا كانت هذه اللهجة الدبلوماسية لا تتعامل معها دول جوار العراق من تركيا وإيران، فإن المهمة لا تقل صعوبة في الداخل حيال من يصنفون على أنهم خارجون على القانون، ومع ذلك يختطفون الدولة، مثلما يعترف رئيس الحكومة.
السياسي العراقي حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، يقول إنه «يجب على رئيس الوزراء أن يلقي القبض فوراً على مطلقي الصواريخ لكي يكونوا عبرة لسواهم ممن يعملون على تقويض أركان الدولة والسلطة».
ويضيف الملا أن «العراقيين قدموا خلال سنوات الحرب ضد الإرهاب دماء زكية بكل العناوين، من المؤسسة العسكرية جيشاً وشرطة وحشداً، وجهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية، وبالتالي لا ينبغي السماح لمن يريد اختطاف ما تحقق من خلال قطاع الطرق لمصالح ضيقة».
ومن جهته، يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التغريدة التي شدد فيها الكاظمي على عدم سماحه باختطاف الدولة يمكن أن تكون إحدى الرسائل التي يريد إيصالها للجهات التي تتجاوز بحق الدولة، وتربك الوضع الأمني»، مبيناً أنها تأتي «في إطار الخطوات التي دفع بها، سواء في المنهاج الوزاري أو مواقفه المعروفة لجهة حصر السلاح بيد الدولة، بصفتها أولوية بالنسبة له».
ويضيف الشمري أن «الكاظمي بدأ يستشعر أن هذا السلاح الرديف للدولة بات يشكل خطراً، ليس فقط على مستوى الحوار الجاري بين العراق والولايات المتحدة، بل حتى في مقبل الأيام، لأن هذا السلاح يمكن أن يستخدم لأغراض شتى».
وحول استمرار عمليات القصف بالصواريخ، بالتزامن مع قصف إيراني - تركي على الأراضي العراقية، يقول الشمري إن «الوضع برمته يعد انتقاصاً من هيبة الدولة، بحيث أصبحت مسألة السيادة على المحك».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.