دبلوماسية «كوفيد ـ 19» تضيف بعداً لنزاع العملاقين الآسيويين

TT

دبلوماسية «كوفيد ـ 19» تضيف بعداً لنزاع العملاقين الآسيويين

> خلف النزاع الحالي بين الهند والصين، انطلقت الدولتان في حملات جهود دبلوماسية قوية على صلة بجائحة «كوفيد - 19» وقدمتا الكثير من عروض المساعدة. وتشير الأرقام إلى أن ثماني دول أعضاء في «رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي» (الهند وباكستان والمالديف وسريلانكا وأفغانستان وبنغلاديش ونيبال وبهوتان)، تشكل في مجموعها نحو 7.5 في المائة من إجمالي حالات الإصابة عالمياً البالغة 7.9 مليون حالة، بجانب قرابة 3 في المائة من مجمل الوفيات بسبب الوباء.
الصين، حيث كانت البؤرة الأولى للجائحة، أطلقت حملة دبلوماسية قوية في جنوب آسيا وعرضت المعاونة بتوفير فرق طبية وأرسلت أجهزة اختبارات ومعدات وقائية، كما عرضت بناء مستشفيات. وبوجه عام، تنفذ بكين حملة جهود دبلوماسية قوية في المنطقة على صلة بتفشي الجائحة القاتلة. ولقد حرص الرئيس الصيني شي جينبينغ على إجراء اتصالات مع عدد كبير من رؤساء دول منطقة شبه القارة الهندية للتأكيد على أهمية العلاقات الثنائية مع كل منها، وعرض عليهم تقديم العون والدعم في مواجهة الـ«كوفيد - 19».
وخلال محادثة أجراها شي مع رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة واجد، قال الرئيس الصيني: «الصين على استعداد للمعاونة في تلبية احتياجات بنغلاديش» في إطار محاربة «كوفيد - 19»، تبعاً لما أفادته وزارة الشؤون الخارجية الصينية. كذلك أرسلت بكين فرقاً طبية إلى بنغلاديش لمعاونة البلاد على احتواء تفشي الجائحة. وحرص الأطباء الصينيون، الذين كانوا في معظمهم من الاختصاصيين بأمراض الجهاز التنفسي، على زيارة مستشفيات مخصصة لمرضى الجائحة ومراكز للحجر الصحي ومنشآت اختبار.
وأثناء حديثه مع رئيس ميانمار (بورما سابقاً)، تحدث شي عن التعجيل من تنفيذ مشاريع تشكل جزءاً من الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار، وعرض دعم جهود البلاد في محاربة تفشي الفيروس هناك. واحتفالاً بمرور 70 سنة على إقرار العلاقات الدبلوماسية بين الصين وميانمار، تحدث الرئيس الصيني عن العلاقات «الأخوية» التي تجمع البلدين والقائمة على «التضامن والمساعدات المتبادلة وروح الجماعة الواحدة ذات المستقبل المشترك»، تبعاً لما ذكرته وزارة الشؤون الخارجية الصينية.
وبالمثل، أجرى شي اتصالاً هاتفياً برئيس سريلانكا (المحسوب على يسار الوسط) غوتابايا راجاباكسا. وداخل سريلانكا، نفسها توفر البنوك الصينية ومؤسسات صينية أخرى دعماً قوياً لجهود البلاد للتعافي اقتصادياً، وذلك عبر قنوات مالية واستثمارية وغيرها.
وفي نيبال، شارك المبعوث الصيني هو يانكي في مطلع مايو (أيار) الماضي بجهود دبلوماسية مكوكية، وأجرت بكين اتصالات مكثفة مع رئيس الوزراء شارما أولي واثنين آخرين من قادة الحزب الشيوعي النيبالي هما بوشبا داهال براشاندا ومادهاف نيبال، في محاولة صينية واضحة لرأب الصدع داخل صفوف الحزب النيبالي الحاكم وتحاشي أي تهديدات لاستمرار شارما أولي في السلطة.
وللعلم، عرض كل من جيش التحرير الشعبي الصيني والجيش الهندي إرسال فرق طبية إلى نيبال، لكن بعد دراسة العرضين قررت الحكومة النيبالية أنه من الأفضل عدم قبول أي منهما خشية التعرض لانتقادات من جانب حزب المؤتمر النيبالي المعارض للسماح بدخول فرق عسكرية صينية البلاد.
وفيما يخص باكستان، فإنها تعتمد كثيراً على المساعدات الصينية، وبخاصة في إطار «مبادرة الحزام والطريق»، ولقد أبدت سلطات إسلام آباد انفتاحاً كبيراً على عروض بكين بتقديم العون. وراهناً، تولي إسلام آباد أولوية كبرى لعلاقاتها مع بكين، ورفضت إجلاء رعاياها من الصين في قلب أزمة تفشي الجائحة، ولم توقف الرحلات الجوية من وإلى الصين، وكذلك فعلت إيران.
على الجانب الآخر، في بداية تفشي فيروس الجائحة، عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قمة افتراضية لـ«رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي» أعلن خلالها تعهده بتوفير دعم ومساعدات لدول مجاورة، تضمنت الإسهام بـ10 ملايين دولار أميركي في صندوق طوارئ «كوفيد - 19» التابع للرابطة. كذلك بعثت الهند بأدوية طوارئ إلى الكثير من الدول المجاورة، بجانب إرسالها فرقاً طبية إلى المالديف وأفغانستان، وذلك في إطار جهودها الهادفة إلى مواجهة المحاولات الصينية لتغيير مسار الخطاب الدولي حول الجائحة، وفق عدد من المحللين الهنود.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»