الهند وأستراليا تتبادلان استخدام القواعد العسكرية

لتحقيق التوازن أمام النفوذ المتنامي للصين

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي- أرشيفية
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي- أرشيفية
TT

الهند وأستراليا تتبادلان استخدام القواعد العسكرية

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي- أرشيفية
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي- أرشيفية

بهدف تحقيق التوازن أمام نفوذ الصين الاقتصادي والعسكري المتنامي في المنطقة، أبرمت الهند وأستراليا اتفاقاً على استخدام كل منهما القواعد العسكرية لدى الأخرى، وهو اتفاق سيمهد الطريق لمزيد من التبادل العسكري والتدريبات في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وتعد «ترتيبات الإسناد اللوجيستي المتبادل» جزءاً من 7 اتفاقيات جرى إبرامها في الآونة الأخيرة بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ونظيره الأسترالي سكوت موريسون، وذلك خلال قمة افتراضية عُقدت بينهما الأسبوع الماضي. ومن بين الاتفاقيات المهمة الأخرى التي جرى التوقيع عليها خلال القمة الافتراضية المشار إليها، اتفاقية التعاون المشترك في مجال التعدين، ومعالجة المعادن ذات الطبيعة الحيوية والاستراتيجية. وصرحت فيجاي ثاكور سينغ، المسؤولة في وزارة الشؤون الخارجية الهندية، بأنه يمكن لأستراليا أن تصبح مصدراً موثوقاً به وآمناً للغاية للمعادن المهمة لدى الحكومة الهندية، حيث تعتمد الهند حالياً وبشكل كبير على الصين في واردات المعادن الحيوية.

ومن شأن الاتفاقية الجديدة تيسير الوصول إلى المنشآت اللوجيستية العسكرية لدى كلا الجانبين، وتسمح بمزيد من التدريبات العسكرية، مع تحسين إمكانات التشغيل البيني المتبادل بين قوات الأمن لدى كلا البلدين.
كما تسمح الاتفاقية المشتركة الجديدة للسفن الحربية والطائرات العسكرية لدى البلدين بالوصول إلى مرافق الصيانة المتاحة في القواعد العسكرية الهندية والأسترالية. وكانت الهند قد وقعت على اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة. وتتمثل الخطوة المقبلة، كما صرحت الحكومة الهندية، في العمل من أجل إبرام معاهدات مماثلة مع اليابان وبريطانيا وروسيا. وتعزز هذه الاتفاقيات العسكرية الوجود الهندي في منطقة المحيط الهندي، التي كانت ولا تزال محل تركيز رئيسي وكبير لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
وتواصل الحكومة الصينية معارضتها المستمرة مثل هذا المفهوم، وتصمه بأنه يتسم بميل غربي واضح. وفي حين أن مفهوم «الهند والمحيط الهادئ» يوحي ببنية استراتيجية مفردة تربط جيوسياسياً المياه المتاخمة لمنطقة غرب المحيط الهادي والمحيط الهندي، إلا إنه يشتمل أيضاً على المناطق البحرية ذات النزاعات الكبيرة؛ مثالاً بحر الصين الجنوبي.
وكانت الحكومة الصينية قد رفعت خلال السنوات الأخيرة من وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي؛ الأمر الذي سبب إزعاجاً كبيراً لدى البلدان الغربية المعنية بالمنطقة مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأستراليا.
يقول المحلل الهندي سي. راجا موهان: «بات الوقت الراهن هو الوقت المناسب تماماً بالنسبة إلى الحكومة الهندية لنفض حالة التردد والتذبذب السابقة بشأن ضم القوات البحرية الأسترالية إلى مناورات (مالابار) البحرية الثلاثية. وينبغي على الهند دعوة الحكومة الأسترالية للانضمام إلى المناورات، والتي تضم أيضاً القوات البحرية الأميركية واليابانية، بحسبانها عضواً دائماً في المجموعة الثلاثية. ومن شأن انضمام أستراليا إلى المناورات أن يمنح قوة دفع إضافية إلى الحوار الأمني الرباعي».
المناورات تنظمها الهند مع الولايات المتحدة منذ عام 1992 في المحيط الهندي، وجرت دعوة اليابان للانضمام إلى الدول الأعضاء في المناورة عضواً دائماً منذ عام 2015. وكانت أستراليا قد تقدمت مراراً بشأن الانضمام إلى تلك المناورات من قبل. وكانت الحكومة الهندية تعترض على طلبات الانضمام الأسترالية في محاولة لعدم تعقيد علاقاتها الثنائية مع الصين.

مواجهة الصين
رغم أنه جرى الإعلان الرسمي عن أن الصين لم تظهر بصورة واضحة في محادثات القمة الافتراضية، إلا إنه من الواضح أن حالة الصداقة الهندية - الأسترالية الراهنة كانت متأثرة جزئياً بالعلاقات غير الودية القائمة مع الصين. ولم تمر أهمية ميعاد انعقاد القمة الافتراضية مرور الكرام على المراقبين والمحللين؛ ففي حين تنخرط القوات الهندية في مواجهة تتسم بالتوتر مع قوات «جيش التحرير الشعبي الصيني» عند «خط السيطرة الفعلية» في إقليم لاداخ، تلقت الروابط الأسترالية - الصينية صدمة قوية بعد مطالبة الحكومة الأسترالية نظيرتها الصينية بالإفصاح بمزيد من الشفافية عن أصول تفشي وباء «كورونا» المستجد والتعاملات الصينية الأولية في مواجهة الوباء.
وأشار البروفسور سواران سينغ، الأستاذ في جامعة جواهر لال نهرو، بقوله: «من الواضح أن الرغبة الراهنة ما بين الحكومة الهندية ونظيرتها الأسترالية في توسيع تعاونهما العسكري مدفوعة بصورة واضحة من خلال اعتمادهما الأمني الكبير على الولايات المتحدة الأميركية... لذلك، فإنهم يرغبون في تعزيز نسخة (الهند والمحيط الهادي) الشاملة؛ مع إسناد المبادرات الدبلوماسية ممثلة بالارتباط الأميركي الأخير مع الشبكة الرباعية الإضافية المكونة من 7 بلدان تضم: كوريا الجنوبية، وفيتنام، ونيوزيلندا، فضلاً عن الحوار الأمني الرباعي الذي يتألف من الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا. ويعد هذا القالب الأوسع نطاقاً نموذجاً يعد بمساعدة الهند وأستراليا في المحافظة على حالة التحوط المشترك التي خضعت لاختبار الزمن خلال الفترة الطويلة الماضية مع تحقيق التوازن المطلوب فيما بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لا سيما مع استشراف هاتين القوتين الكبيرتين أعتاب الحرب الباردة الجديدة».
تقول الصحافية الهندية غيتا موهان: «تمكنت الهند من اتخاذ خطوات حاسمة على سبيل المضي قدماً إلى الأمام من خلال تعزيز العلاقات الثنائية مع أستراليا إلى مستوى (الشراكة الاستراتيجية الشاملة)، ومع ذلك، فإن الحكومة الهندية تلتزم الحرص في تعاملها مع الحكومة الصينية، كما تلتزم العناية في تناول مشكلاتها الخاصة المعنية بخفض التصعيد في النزاعات الحدودية بينها وبين الصين».

العلاقات بين الهند وأستراليا
جمعت العلاقات الاستراتيجية بين الهند وأستراليا منذ عام 2009. ولدى كلتيهما كثير من البنى الديمقراطية العلمانية، مع ارتباطهما الجغرافي المشترك عبر مياه المحيط الهندي، فضلاً عن عضويتهما في رابطة دول الكومنولث التي تحظى فيما بينها بعلاقات تقليدية وجيدة للغاية.
يقول الدبلوماسي الهندي الأسبق إم. كي. بهإدراكومار: «تنبع الجاذبية الأسترالية الراهنة تجاه نيودلهي من زاويتين: أولاً؛ أن رئيس الوزراء الأسترالي من أقرب أصدقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب من جهة؛ وثانياً، أنه على مسار الصراع المباشر مع الصين من جهة أخرى. وبحسبان أن سكوت موريسون من أخلص أصدقاء الرئيس الأميركي، فقد شرع فوراً في التلفظ بعبارة (فيروس ووهان) التي استخدمها قبله الرئيس ترمب، مع كيل الاتهامات ضد بكين؛ مثل (الثور الهائج)، داعياً في خضم ذلك إلى البدء في التحقيقات المستقلة بشأن أصول نشأة فيروس (كورونا) المستجد... ويدرك رئيس الوزراء الهندي أنه تغافل بدرجة يسيرة عن حقيقة أن أستراليا تدين بازدهار اقتصادها إلى العلاقات التجارية الوثيقة مع الحكومة الصينية، التي هي في واقع الأمر أكبر حجماً من حجم تجارتها مع الولايات المتحدة الأميركية، واليابان، والهند؛ مجتمعة!».
زار جميع رؤساء وزراء أستراليا الجدد (جوليا غيلارد، وتوني أبوت، ومالكولم تيرنبول) نيودلهي. وكان من المقرر توجه موريسون لزيارة الهند في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، غير أن الزيارة قد ألغيت بسبب اندلاع كارثة حرائق الغابات في أستراليا بحلول ميعاد الزيارة، تلك التي أعقبتها كارثة وباء «كورونا» المستجد. وكانت الرسالة الموجهة إلى الحكومة الصينية واضحة للغاية: «لن تسمح القوى الآسيوية المعنية للصين بالتدخل وتغيير حالة الوضع الراهن السائدة بالقوة في مختلف الأماكن، مثل بحر الصين الجنوبي أو إقليم لاداخ الحدودي تحت مظلة تفشي وباء (كورونا) المستجدّ». وربما تنجح الصين في تشتيت انتباه المجتمع الدولي عن مجريات ما تفعله في تلك الأماكن، ولكن القوى المهمة المعنية لا تزال تراقب التصرفات الصينية في المنطقة من كثب.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.