بيونغ يانغ {تفجّر} العلاقات مع سيول

لوّحت بتصعيد عسكري بعد تدمير مكتب الاتصال... وكوريا الجنوبية تحمّلها التبعات

كوري جنوبي يتابع التفجير على شاشة التلفزيون في سيول أمس (أ.ف.ب)
كوري جنوبي يتابع التفجير على شاشة التلفزيون في سيول أمس (أ.ف.ب)
TT

بيونغ يانغ {تفجّر} العلاقات مع سيول

كوري جنوبي يتابع التفجير على شاشة التلفزيون في سيول أمس (أ.ف.ب)
كوري جنوبي يتابع التفجير على شاشة التلفزيون في سيول أمس (أ.ف.ب)

نسفت كوريا الشمالية، أمس، مكتباً أقيم لتحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية، وكان بمثابة «سفارة»، فيما وصفته بأنه «انفجار رائع» بعد أن هددت باتخاذ إجراءات إذا مضت الجماعات المنشقة قدماً في حملتها لإرسال منشورات دعائية مهينة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى أراضيها.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن مكتب الاتصال الذي يقع في مدينة كايسونغ داخل حدود كوريا الشمالية، والمغلق بسبب تفشي «كورونا» منذ مطلع العام «تم تدميره بالكامل».
وقالت وكالة «رويترز» إن تسجيل فيديو من كاميرات مراقبة واستطلاع بالأبيض والأسود نشرته وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أظهر انفجاراً ضخماً، بدا أنه هدم بناية مؤلفة من 4 طوابق. كما بدا أن الانفجار تسبب أيضاً في انهيار جزئي لبناية أخرى مجاورة، مؤلفة من 15 طابقاً، كانت تستخدم مقراً لإقامة مسؤولين من كوريا الجنوبية عملوا في مكتب الاتصال.
وكان المكتب بمثابة سفارة للدولتين المتعاديتين منذ فترة طويلة، ويمثل تدميره انتكاسة كبرى لجهود رئيس كوريا الجنوبية مون جيه - إن، لجذب الشمال صوب مسار التعاون.
وعقد مجلس الأمن الوطني في كوريا الجنوبية اجتماعاً طارئاً، أمس، وقال إن سيول ستردّ بصرامة إذا استمرت بيونغ يانغ في تصعيد التوتر. وقال نائب مدير مجلس الأمن الوطني، كيم يو غيون، في إفادة صحافية، إن تدمير المكتب «خيّب توقعات كل من يأملون بتطوير العلاقات بين الكوريتين وتحقيق السلام الدائم في شبه الجزيرة» الكورية. وأضاف: «نقولها بوضوح... الشمال مسؤول بالكامل عن كل التبعات».
ولا تزال حالة الحرب قائمة بين الكوريتين، إذ انتهى الصراع العسكري الذي دار بين عامي 1950 و1953 بهدنة، وليس بمعاهدة. وأصيبت محادثات بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية مع الولايات المتحدة بالجمود منذ فترة. وتصاعدت التوترات على مدى الأيام الماضية، مع تهديد بيونغ يانغ بقطع العلاقات بين الكوريتين واتخاذ إجراءات انتقامية بسبب المنشورات التي تحمل رسائل تنتقد كيم جونغ أون.
واعتبر نائب وزير الوحدة في كوريا الجنوبية، سوه هو، الذي كان يشارك في رئاسة مكتب الاتصال للصحافيين، أن الهدم خطوة «غير مسبوقة في العلاقات بين الكوريتين... وتصرف غير معقول، ما كان يجب أن يحدث». وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية إن نسف المكتب تم لإجبار «حثالة البشر، ومن يؤوون حثالة البشر، على دفع ثمن باهظ لجرائمهم». وتشير كوريا الشمالية للمنشقين بأنهم «حثالة البشر».
وتأسس مكتب الاتصال بين الكوريتين، وهو منشأة دبلوماسية فريدة من نوعها، عام 2018، في إطار سلسلة من المشروعات كانت تهدف لتخفيف التوتر بين البلدين، وتستخدم كمكاتب لإدارة عمليات مجمع كايسونغ الصناعي، وهو مشروع مشترك بين الكوريتين توقف العمل فيه في 2016 إثر خلافات بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.
وأنفقت كوريا الجنوبية 9.78 مليار وون (8.6 مليون دولار) على الأقل لتجديد المبنى في 2018. وقالت وقت إغلاق المكتب في يناير (كانون الثاني) الماضي، إنه كان لديها 58 موظفاً يعملون هناك.
وعبّرت روسيا عن قلقها حيال الموقف في شبه الجزيرة الكورية، ودعت الطرفين إلى ضبط النفس، لكنها لم تعلن خططاً حتى الآن لإجراء اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى. وقال تشاو ليجيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أمس، خلال إفادة صحافية يومية في بكين، إن بلاده تأمل في تحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
ونقلت وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية عن الجيش قوله إنه يدرس «خطة عمل» لإعادة دخول المناطق التي أخليت من السلاح بموجب اتفاقية بين الكوريتين، و«تحويل الخط الأمامي إلى حصن».
ووجّهت وزارة الدفاع في سيول نداء إلى بيونغ يانغ للالتزام باتفاق 2018 الذي نصّ على وقف كل «الأعمال العدائية» وتفكيك عدد من المنشآت في المنطقة منزوعة السلاح شديدة التحصين بين البلدين.
وكانت كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، أعلنت قبل أيام أن «المشهد المأساوي لمكتب التنسيق المشترك بين الشمال والجنوب سيظهر قريباً، وهو منهار تماماً».
ويرى محللون أن بيونغ يانغ تسعى إلى خلق أزمة مع سيول، في وقت لا تزال المفاوضات بشأن الملف النووي مع واشنطن متوقفة. وقال ليف إريك إيزلي، الأستاذ في جامعة أوها في سيول، إن «كوريا الشمالية بدأت دوامة استفزاز مع مراحل من التصعيد»، واصفاً تفجير مكتب الارتباط بأنه «ضربة رمزية للمصالحة بين الكوريتين والتعاون». وأضاف أن «نظام كيم يوجه أيضاً رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لن تحظى بامتياز تأجيل التعامل مع ملف كوريا الشمالية خلال ما تبقى من السنة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».