مصر تتمسك باتفاق قانوني شامل يُلزم إثيوبيا بحفظ «حقوقها المائية»

تصريح سوداني يُبشّر بـ«تقدم جزئي» في المفاوضات

أحرزت المحادثات «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية» لسد النهضة (أ.ف.ب)
أحرزت المحادثات «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية» لسد النهضة (أ.ف.ب)
TT

مصر تتمسك باتفاق قانوني شامل يُلزم إثيوبيا بحفظ «حقوقها المائية»

أحرزت المحادثات «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية» لسد النهضة (أ.ف.ب)
أحرزت المحادثات «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية» لسد النهضة (أ.ف.ب)

استأنفت مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة»، لليوم السادس، حيث جرت مناقشة «الأمور القانونية»، بعد أن أحرزت المحادثات «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية»، حسب وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس.
وتتسمك القاهرة بـ«توقيع اتفاق شامل لملء وتشغيل السد، يُلزم إثيوبيا قانونياً، بحماية حقوقها المائية، قبل البدء بملء الخزان المقرّر في يوليو (تموز) المقبل»، وفقاً لمصدر مسؤول تحدث لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً «ضرورة إتمام كل الجوانب الفنية والقانونية للاتفاق، ومن ضمنها آلية فض المنازعات، قبل الإعلان عن أي نتائج إيجابية للمفاوضات».
وتجري المفاوضات، عبر الفيديو كونفرنس، بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي). واستبقت مصر اجتماع، أمس، بالتلويح بـ«خيارات أخرى» حال استمر فشل التوصل لاتفاق. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن بلاده ستضطر لـ«بحث خيــارات أخرى كاللجـوء إلـى مجلس الأمن»، مؤكداً أن الموقف الإثيوبي «لا يبشر بنتائج إيجابية».
وكان وزير الري السوداني ياسر عباس قد كشف عن خلافات في الجوانب القانونية المتعلقة بإلزامية الاتفاقية وطرق تعديلها، بيد أنه عاد وأكد التقدم الكبير المحرز في الملفات الفنية المتعلقة بأمان السد، والملء الأول للسد والتشغيل طويل الأمد، وتبادل البيانات والدراسات البيئية واللجنة الفنية للتعاون.
وأشار بيان وزارة الري السودانية، أول من أمس، إلى اتفاق الوفود الثلاثة على تكليف الفرق القانونية على مواصلة المداولات بحضور المراقبين. وقال وزير الري السوداني، إنه تم التوافق على معظم الجوانب الفنية المتعلقة بعمليات الملء خلال السنين العادية والسنين الجافة، عدا بعض التفاصيل الصغيرة.
وأوضح أن كمية المياه المتدفقة خلال السنة هي التي تحدد عدد السنوات التي سيتم فيها ملء السد، منوهاً إلى تضمين الدراسات والآثار البيئية في المستقبل في وثائق المفاوضات. وأشار عباس إلى أن السودان اقترح «رفع التفاوض لمستوى رؤساء الوزراء إذا لم يحدث توافق، إلا أن إثيوبيا ومصر فضّلتا مواصلة التفاوض».
واتفقت أديس أبابا مع ما صرح به الوزير السوداني، وحسب وكالة الأنباء الإثيوبية فقد توصل اجتماع اليوم الخامس، أول من أمس (الاثنين)، إلى «قواعد ملء المرحلة الأولى، وحجم التدفق البيئي، والمبادئ التوجيهية لملء المرحلة الأولى، وقواعد إدارة الجفاف، وقواعد سلامة السدود، والأثر البيئي والاجتماعي لدراسات التقييم ودخول الإرشادات والقواعد حيز التنفيذ».
وأكدت إثيوبيا «ضرورة اتباع نهج يضمن المسؤولية المشتركة للدول الثلاث في حدوث الجفاف مع الحفاظ على التشغيل الأمثل للسد».
ورجح خبير المياه المصري عباس شراقي، صدور بيان خلال الساعات القادمة عن «اتفاق جزئي يركز على الملء الأول والتشغيل، على أن يكون هناك تواصل بين الدول الثلاث خلال الشهور القادمة لحسم النقاط العالقة، الخاصة بكميات التصريف في السنوات العادية والجافة، وإلزام التطبيق وآلية فض المنازعات».
وأضاف الخبير، في تصريحات له: «هذا يذكّرنا باتفاق واشنطن حيث التصريح بأننا اتفقنا على 90% وباقٍ 10% فقط، وكذلك في مفاوضات مبادرة حوض النيل في التسعينات، والاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل (عنتيبي)... دائماً نختلف في الـ10% التي لا تريد أن تُحل أبداً».
من جهة أخرى، تلقت مصر، أمس، دعماً جديداً من جامعة الدول العربية، في نزاعها مع إثيوبيا. وقال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة: «إن الإدارة المصرية للمفاوضات اتسمت بكثير من الحكمة والتعقل، لكن مع الأسف تعنت الجانب الإثيوبي ومماطلته أوصلنا لهذه النقطة».
وأبدى زكي، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (الرسمية)، دعم الجامعة للمفاوض المصري والسوداني، لافتاً إلى القرار الوزاري الذي اتُّخذ من مجلس وزراء الخارجية في مارس (آذار) الماضي، ووجه الانتقاد واللوم إلى الجانب الإثيوبي لأنه لم يلتزم بالمسار التفاوضي.
وتتخوف مصر من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار. في المقابل تقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.
من جهة اخرى دعا وزير الري السوداني ياسر عباس، القوى السياسية والشارع للاصطفاف خلف موقف البلاد في ملف سد النهضة بوصفها قضية وطنية لا تحتمل التجاذبات السياسية. وأشار إلى أن فوائد سد النهضة للسودان «أكبر من مساوئه بشرط الوصول إلى اتفاق قبل الملء الأول والتشغيل». مضيفاً: «نحن مطمئنون من سلامة وأمان السد في مرحلة التصميم والإنشاء، لكن يبقى الوصول لسلامة تشغيل سد (الروصيرص) بعد الملء الأول، وهذا ما نتفاوض عليه حالياً».
ويعد سد (الروصيرص) من أكبر السدود للتوليد الكهربائي والمائي في البلاد. وقدم عباس شرحاً لقادة الأحزاب السياسية حول آخر التطورات في مفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث، حضره عدد من خبراء ومهندسي الري. وأكد حرص الوفد المفاوض على إبلاغ الشعب السوداني وقادة العمل السياسي بتفاصيل ما يجري حول مجريات ملف السد لتوحيد الجبهة الداخلية خلف موقف البلاد.
كما شدد الوزير على أن التفاوض يجري وفق مصالح السودان أولاً وأخيراً، مبرزاً أن الجهات المعنية أكثر حرصاً على الابتعاد عن أي محاولات للاستقطاب.
من جانبها، أعلنت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية في البلاد مساندتها للوفد المفاوض في القضية التي وصفتها بالحساسة. وطالب وزير الري الأسبق كمال علي خلال مشاركته عبر الهاتف، بضرورة التحوط لأي موقف أحادي يصدر من أي طرف.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.