تنسيق بين موسكو وطهران لمواجهة العقوبات على دمشق

اتفاق على قمة افتراضية لرؤساء روسيا وتركيا وإيران

TT

تنسيق بين موسكو وطهران لمواجهة العقوبات على دمشق

أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، جولة محادثات وصفها بأنها «بناءة ومفيدة» مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ركزت في جزء كبير منها على الوضع في سوريا، وترتيبات المرحلة المقبلة خصوصاً على صعيد الجهود الممكنة لمواجهة تداعيات «قانون قيصر» الأميركي. وأعلن الطرفان عن اتفاق على ترتيب قمة افتراضية تجمع رؤساء روسيا وإيران وتركيا خلال الأسابيع المقبلة في إطار تنسيق الجهود المشتركة في سوريا.
وعكس المؤتمر الصحافي للوزيرين في ختام اللقاء «تطابقاً» في المواقف حيال غالبية الملفات المطروحة وفقاً لتعبير لافروف، الذي قال إنه «تم بحث الوضع في سوريا على الأرض، وفي إطار الضغوط المتواصلة من جانب واشنطن وحلفائها على سوريا وعلى إيران».
ولم يشر لافروف خلال المؤتمر الصحافي إلى «قانون قيصر» بشكل مباشر لكنه كرر موقف بلاده المعارض بقوة لـ«تحركات أميركية أحادية لتعزيز الضغوط خارج القانون الدولي». وقال إن روسيا «ستواصل عمل كل ما بوسعها لمواجهة هذه السياسة». وتطرق لافروف إلى القمة الافتراضية المنتظرة، وقال إن رؤساء البلدان الضامنة لمسار آستانة يأملون في عقد قمة مباشرة في طهران وفقاً لاتفاقات سابقة، لكن «حتى تتوفر الظروف المناسبة لذلك، فقد توافقنا على الاقتراح المقدم (من إيران) لعقد قمة افتراضية قريباً». وزاد أن العمل جارٍ لتحديد موعدها وجدول أعمالها. لكنه أوضح رداً على سؤال حول احتمال أن تسبق اجتماع اللجنة الدستورية الذي دعا إليه المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن في أغسطس (آب) المقبل، بأن القمة الثلاثية «ستكون قبل هذا الموعد بالتأكيد».
من جانبه، أشار ظريف إلى أنه حصل قبل ذلك، على موافقة تركية على ترتيب الفقمة الافتراضية في أسرع وقت، وأنه «سمع اليوم (أمس) موافقة الجانب الروسي». وزاد أنه سيتم لاحقاً الإعلان عن موعد اللقاء. وقال إن بلاده ستواصل العمل مع روسيا لتعزيز التعاون في سوريا، معرباً عن قلق إيراني «بشأن محاولات واشنطن زيادة الضغوط على سوريا».
كان ظريف قد أبلغ وسائل إعلام روسية قبل اللقاء بأن طهران «ستعمل مع الأصدقاء على تطوير الوضع الاقتصادي في سوريا». وأكد ظريف أن بلاده لديها اعتقاد قوي بأن الولايات المتحدة تفعل كل شيء لزعزعة استقرار المنطقة. وتابع: «نحن قلقون بشأن بعض التطورات السياسية والاقتصادية في سوريا، ومحاولات الولايات المتحدة فرض مزيد من الضغط، والضغط الاقتصادي على سوريا». وزاد: «نملك علاقات اقتصادية قوية مع سوريا ولسوريا خط ائتماني في إيران ونحن وأصدقاؤنا سنعمل على تطوير الوضع الاقتصادي في سوريا وسنفعّل كل وسائل التعاون الاقتصادي بين إيران وسوريا».
وكان لافتاً أن ظريف ربط بين الوضع في سوريا مع تطورات الموقف في ليبيا، وقال إن إيران تتشارك وجهات نظر مع تركيا بشأن سبل حل الأزمة الليبية، وهو أمر تطرق إليه أيضاً الوزير لافروف رداً على سؤال حول احتمال نقل تجربة التعاون في سوريا إلى ليبيا، فأجاب: «ممكن بالتأكيد، لدينا تنسيق جيد في سوريا وهي تجربة مهمة، والمهم أن يكون المدخل قائماً كما في سوريا على وقف النار ودعوة كل الأطراف إلى الجلوس على طاولة الحوار وفقاً للقرارات الدولية».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قنبلة انفجرت أمس، على طريق دورية روسية - تركية في إدلب (طريق اللاذقية حلب إم 4) الدولي، وقالت إن مدرعة روسية تضررت ولم يُصَب أي من الجنود بأذى. وقال اللواء إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إن التفجير وقع في أثناء مرور دورية مشتركة على الطريق بين بلدتي أريحا ووروم الجوز، و«حاول المسلحون تنفيذ هجوم إرهابي بهدف تعطيل رصد الوضع على طول الطريق السريع M - 4. ونتيجة لانفجار عبوة ناسفة على طريق القافلة، أصيبت مدرعة ناقلة جند بأضرار طفيفة ولم يصب أفراد الدورية المشتركة». ووفقاً له، عادت جميع المعدات ووحدات الجيش الروسي إلى القاعدة من دون خسائر جدية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.