أميركا تراجع «الماضي البغيض»... وتسأل من نحن؟

مواقفها تغيّرت تجاه «الكمامة» وآليات انتقال الفيروس وبعض الأدوية

تمثال لرئيس الولايات المتحدة الأسبق جيفرسون ديفيس ملقى على الأرض بعد مظاهرة في ريتشموند بفيرجينيا (أ.ف.ب)
تمثال لرئيس الولايات المتحدة الأسبق جيفرسون ديفيس ملقى على الأرض بعد مظاهرة في ريتشموند بفيرجينيا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تراجع «الماضي البغيض»... وتسأل من نحن؟

تمثال لرئيس الولايات المتحدة الأسبق جيفرسون ديفيس ملقى على الأرض بعد مظاهرة في ريتشموند بفيرجينيا (أ.ف.ب)
تمثال لرئيس الولايات المتحدة الأسبق جيفرسون ديفيس ملقى على الأرض بعد مظاهرة في ريتشموند بفيرجينيا (أ.ف.ب)

أزيلت نصب تذكارية تعود للحقبة الكونفدرالية واقتلعت تماثيل كريستوفر كولومبوس في وقت يواجه الأميركيون أشباح ماضي البلاد العنصري غداة وفاة جورج فلويد.
وقال أستاذ التاريخ في جامعة كنساس ديفيد فاربر: «يبدو أننا لربما وصلنا إلى نقطة مفصلية في إعادة سرد الرواية بشأن من نحن كشعب أميركي».
وأضاف: «رأينا عشرات الملايين إن لم يكن مئات الملايين من الأميركيين يخوضون صراعاً مع أسئلة جوهرية بشأن ما الذي علينا فعله مع جوانب ماضينا البغيضة، وبصراحة اللاأخلاقية حتى».
وأثارت وفاة فلويد، الأميركي من أصول أفريقية، في 25 مايو (أيار) على يدي شرطي أبيض البشرة في مينيابوليس تظاهرات حاشدة للمطالبة بالعدالة العرقية وإصلاح جهاز الشرطة في أنحاء الولايات المتحدة. لكن وفاة الرجل البالغ 46 عاما دفعت كثيرين للعودة إلى التاريخ لمحاسبة الذات.
واستهدف متظاهرون في مدن أميركية عدّة نصب تذكارية تعود لجنرالات وسياسيين من الجنوب المؤيد للعبودية خلال الحرب الأهلية، فأسقطوا تمثالاً في ريتشموند لجيفرسون ديفيس، رئيس الولايات الكونفدرالية خلال النزاع الذي استمر من عام 1861 حتى 1865.
وقال فاربر إن «رموز الكونفدرالية باعتقادي هي الأكثر استقطابا بين هذه النصب التذكارية. لكن الأمر يشمل الولايات المتحدة بأسرها».
وتابع: «في نيويورك، هناك تماثيل كولومبوس. في نيو مكسيكو، هناك تمثال لفاتح يعد شخصية ارتكبت إبادات جماعية في نظر شعوب بويبلو (السكان الأصليين). هناك مدارس ثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة تحمل اسم جون كالهون»، وهو نائب رئيس سابق كان صريحا في دعمه للعبودية.
ونوّه فاربر إلى أن النقاش بشأن النصب التذكارية العائدة للحقبة الكونفدرالية يدور منذ سنوات وسبق أن أعرب المدافعون عن الحقوق المدنية الذين نظموا مسيرات خمسينات وستينات القرن الماضي عن غضبهم «للسير في شوارع تحمل أسماء عنصريين وشخصيات تؤمن بنظرية تفوق البيض».
واكتسبت جهود إزالة النصب التذكارية العائدة للكونفدرالية زخما بعدما أطلق مسلحون يؤمنون بنظرية تفوق العرق الأبيض النار على تسعة أميركيين من أصول أفريقية وأردوهم في كنيسة في تشارلستون في كارولاينا الجنوبية عام 2015.
وقالت أستاذة العلوم السياسية المساعدة في جامعة إيموري آندرا غيلسبي إن «وتيرة ذلك تزداد حالياً بسبب المطالبات والغضب الشعبي». وأضافت: «أعتقد أن ما نراه هو إعادة نظر في الكثير من فرضياتنا وتحد لأشكال عدة من التاريخ بحسب تأثيره على الأميركيين من أصول أفريقية».
وأكدت أن «هذه لحظة تتسلط فيها الأضواء على العنصرية ضد السود لكن دون استثناء أشكال أخرى من الاضطهاد العرقي».
بدورها، أوضحت أستاذة التاريخ في جامعة «ديوك» لورا إدواردز أن «الناس بدأوا يدركون أن لهذه الرموز معاني سياسية وأنها تتسبب بمشكلات بأشكال لم يكونوا يدركونها بشكل كامل». وأردفت: «لم يعد من السهل مثلا وصف ذلك بالتراث»، في إشارة إلى معارضي إزالة رموز الكونفدرالية الذين يرون في الأمر محوا لتاريخ الجنوب.
وأكدت إدواردز أنها «فوجئت» عندما قررت شركة «ناسكار» المنظمة لسباقات السيارات الأكثر شعبية في هذا المجال في الولايات المتحدة حظر رفع شعار الكونفدرالية خلال مناسباتها. وقالت: «من بين جميع الرياضات، تبنّت (+ناسكار+) ما اعتبرته إرث الجنوب الأبيض». وأضافت: «كانت الرموز المرتبطة بنظرية تفوّق البيض والكونفدرالية جزءا من علامتهم التجارية». ورأت إدواردز أن الإطاحة برموز الكونفدرالية وتماثيل كولومبوس «مرتبطة ببعضها بشكل كبير» إذ تشكل جميعها «الاستعمار العنيف للولايات المتحدة».
وقالت: «يتمثّل الجزء الأول بقدوم الأوروبيين وادعائهم بحقهم في مكان كان للسكان الأصليين ومن ثم استهلال إبادة جماعية للقضاء عليهم».
وأعقب ذلك استيراد العبيد من أفريقيا وهو أمر وصفه أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية آلان كراوت بـ«الخطيئة الأساسية التي لن يكون بإمكاننا تجاوزها إطلاقا».
وقال كراوت: «ما نشهده الآن هو مراجعة للتاريخ رداً على لحظة سياسية» رغم أن «إعادة التقييم هذه كانت جارية منذ مدة».وأشار إلى أن «مناقشة أمر التماثيل وإزالتها كانت جارية في الأساس» لكن «وفاة جورج فلويد شكّلت حافزا للقيام بالأمر سريعا وبشكل درامي».
ورأى الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية بجامعة «سيراكيوز» ستفين وايت أن السكان «يعيدون التفكير بعنصرية التاريخ الأميركي بشكل أوسع. هناك محاسبة أوسع». وقال: «أعتقد أنه بالنسبة لعدد متزايد من الأميركيين البيض، هناك المزيد من الاهتمام بالأسباب بعيدة الأمد لعدم المساواة العرقية في أميركا». وأفاد: «أعتقد أن السؤال هو إن كانت هذه التغيّرات في الرأي العام ستدوم. هل هذه بداية تحوّل ملموس حقا؟».


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

«الجمعية العامة»: حل الدولتين هو السبيل الوحيد إلى السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين

الجمعية العامة للأمم المتحدة (صورة من الحساب الرسمي على إكس)
الجمعية العامة للأمم المتحدة (صورة من الحساب الرسمي على إكس)
TT

«الجمعية العامة»: حل الدولتين هو السبيل الوحيد إلى السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين

الجمعية العامة للأمم المتحدة (صورة من الحساب الرسمي على إكس)
الجمعية العامة للأمم المتحدة (صورة من الحساب الرسمي على إكس)

قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيلمون يانغ، الثلاثاء، إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للتوصل إلى سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأضاف على منصة «إكس»، بعدما ألقى كلمة أمام الجمعية العامة حول الشرق الأوسط: «لا يزال حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم، الذي يوفر للإسرائيليين والفلسطينيين فرصة العيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن وكرامة».

وأكد يانغ أن «السلام والأمن لن يتحققا أبداً بالقوة أو الاحتلال»، وأن الحوار والاعتراف المتبادل والقانون الدولي هي الوسائل الوحيدة للتوصل إلى سلام عادل ودائم.