الحكومة اللبنانية تبذل جهوداً لتطويق الانهيار المالي واحتجاجات الشارع

عون يتحدث عن «مخطط مرسوم» للأزمة ويدعو إلى مواجهته

من اجتماع الرؤساء الثلاثة عون وبري ودياب أمس (دالاتي ونهرا)
من اجتماع الرؤساء الثلاثة عون وبري ودياب أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية تبذل جهوداً لتطويق الانهيار المالي واحتجاجات الشارع

من اجتماع الرؤساء الثلاثة عون وبري ودياب أمس (دالاتي ونهرا)
من اجتماع الرؤساء الثلاثة عون وبري ودياب أمس (دالاتي ونهرا)

حاول المسؤولون اللبنانيون تطويق انهيار سعر الليرة أمام الدولار، والغضب المتصاعد في الشارع، عبر إجراءات سياسية ومالية، لتهدئة المخاوف واتخذ الحكومة قراراً بضخ الدولار في السوق لتهدئة الطلب عليه، وسط إصرار على توحيد الأرقام التي ينوي لبنان التقدم بها للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وبعد ساعات على اشتعال الشارع احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بما يذكّر بالأيام الأولى للاحتجاجات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تداعى أركان السلطة لفرض حلول سريعة لاحتواء الأزمة، أثمرت تعهداً من حاكم مصرف لبنان بضخ دولارات في السوق بدءاً من يوم الاثنين المقبل، بحسب ما أعلن الرئيس ميشال عون.
وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة بشكل مفاجئ بنسبة 25 في المائة خلال اليومين الماضيين، ووصل ليل الخميس إلى حدود الـ5 آلاف ليرة للدولار في السوق السوداء، علما بأن سعر الصرف الرسمي لا يزال مستقراً عند 1515 ليرة، بينما كان الصرافون يتداولون بالسعر بين 3850 ليرة و4000 ليرة، وهو ما أثار حالة الغضب التي عبّر عنها اللبنانيون بالاحتجاجات في الشارع.
وقبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء برئاسة عون بعد ظهر أمس، عقد اجتماع ثلاثي في قصر بعبدا ضمّ الرئيس اللبناني ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب. وأعلن بري بعد اللقاء أنه «تمّ الاتفاق على خفض قيمة الدولار إزاء الليرة بدءاً من اليوم (أمس) ولكن فعلياً بدءاً من الاثنين إلى تحت الـ4000 وصولاً إلى 3200 وهذا الأمر سيحصل والإجراءات تمّ الاتفاق عليها في جلسة مجلس الوزراء اليوم. وتابع «تم الاتفاق على مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة».
وعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال في مستهلها: «ما حصل بالأمس نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون أي مبرر يجعلنا نتساءل عما إذا كان الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية أم مصرفية أم شيء آخر؟ وأضاف «توصلنا إلى تدبير سيبدأ تنفيذه الاثنين المقبل يقوم على تغذية السوق بالدولار من قبل مصرف لبنان. وعليه يفترض أن يتراجع سعر الصرف تدريجياً». وتابع: «مسؤولية ما حصل مالياً تتحملها جهات ثلاث: الحكومة ومصرف لبنان والمصارف وعليه فإن الخسائر يجب أن تتوزع على هذه الجهات وليس على المودعين». وقال: «الخبراء الماليون أكدوا أنه لا يمكن للدولار أو أي عملة أخرى أن تقفز خلال ساعات إلى هذا الحد. وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل، ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته».
من جانبه، قال رئيس الحكومة حسان دياب: «البلاد لم تعد تحتمل خضات إضافية. المطلوب إجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص أو جهة تلجأ إلى هذا الأسلوب ولا بد من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة». وأفيد أن مجلس الوزراء أخذ علما بتعهد حاكم مصرف لبنان بضخ دولارات بالسوق بسعر 3850 ليرة.
ويتعامل مصرف لبنان مع الأزمة بالخيارات المتاحة، وذلك عبر وضع اليد على كامل التحويلات المالية التي تصل عبر شركات التحويل النقدي، وصرفها للمرسل إليهم بسعر 3850 ليرة للدولار الواحد، وهو ما يقارب السعر المعروض لدى الصرافين الشرعيين. كما يتدخل في السوق عبر ضخ الدولارات من الاحتياطي الموجود لديه بطريقة مدروسة لا تؤثر على احتياطاته من العملة الأجنبية، بحسب ما قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط». وقالت المصادر إن هذين الحلين هما المتوفر والممكن الآن، كون المصارف لا تستطيع إحضار الأموال النقدية بسبب أزمات بعض المصارف المحلية مع المصارف المراسلة لها في الخارج، شارحة أن بعض المصارف مديونة للمصارف المراسلة لها، لذلك يصعب عليها التحرك لإحضار الأموال النقدية إلى لبنان، وهو ما دفع مصرف لبنان لاتخاذ إجراءاته للتدخل بالسوق. وقالت المصدر: «ثمة رهانات على إعادة فتح المطار وتنشيط حركة السياح والمغتربين وهو من شأنه أن يساهم في توفير الدولار وانعاش السوق إلى حد ما».
وبمجرد الإعلان عن الحلول المقترحة، تراجع التداول في السوق السوداء إلى حدود الـ4700 ليرة للدولار بعد ظهر أمس، بعد أن كان يُصرف 5000 أو 5250 ليرة صباحاً، علما بأن الصرافين السرعيين لم يتداووا بالدولار صباحاً، فيما نفذت الأجهزة الأمنية حملة أمنية على الصرافين غير الشرعيين لتهدئة السوق.
وبدأت التهدئة مع إعلان وزير الصناعة ​عماد حب الله​، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، أن مصرف لبنان بدأ بضخّ الدولارات.
وكان مجلس الوزراء الطارئة عقدت جلسة صباحية لمعالجة الأوضاع النقدية برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، وفي حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد نقابة الصرافين الذي حضر جانبا من الجلسة إضافة إلى وفد من جمعية المصارف. وأكد دياب أنه «لن نسمح باللعب بلقمة عيش المواطن بأي شكل مشددا على أن هذا الأمر خط أحمر».
وأعلن نائب نقيب الصيارفة محمود حلاوي أنه تم الاتفاق أن يقوم حاكم البنك المركزي بضخ الدولار النقدي بما يكفي حاجة المستوردين وبما يكفي حاجة المواطنين». ولفت حلاوي إلى أن «الاجتماع خلص لدعم القوى الأمنية لقمع السوق السوداء»، مؤكداً «أننا سنرشّد بيع الدولار كي لا يذهب مخزون البنك المركزي «عالفاضي» وسنلتزم ببيع الدولار بسعر 3940 أي السعر الذي وضعته نقابة الصيارفة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».