اتهامات للحوثيين بإجبار بائعي «المثلجات» على الترويج لأفكار الجماعة

TT

اتهامات للحوثيين بإجبار بائعي «المثلجات» على الترويج لأفكار الجماعة

في كل مرة تفاجئ الميليشيات الحوثية سكان صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها بأساليب تعسفية جديدة، بغية مضاعفة معاناة اليمنيين وتضييق الخناق عليهم. إذ بلغ الحال بالجماعة أن قامت باستهداف العشرات من بائعي المثلجات الذين يطوفون بعرباتهم ودراجاتهم التي تحمل مكبرات صوت يوميا حارات وشوارع العاصمة لكسب لقمة العيش.
مصادر محلية في العاصمة صنعاء أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة وعبر مشرفيها وعقال الحارات الموالين لها شنت حملة ميدانية استهدفت من خلالها عددا من بائعي المثلجات (الآيس كريم) في عدد أحياء وحارات صنعاء وأجبرتهم على فتح مكبرات الصوت الخاصة بهم لبث خطابات زعيم الجماعة وشعارات أخرى تحرض على العنف والقتل والطائفية.
قبل أن تسخر من الجماعة وتقول إن المثلجات أصبحت بنكهة الملازم الخمينية وأفكار الجماعة، نقلت المصادر عن الشهود في صنعاء قولهم «إن عناصر مسلحة أقدمت في بداية الحملة الحوثية غير القانونية على إيقاف العشرات من بائعي المثلجات والمواد الأخرى وتوعدتهم بعقوبات قاسية إذا ما عادوا لبث مقطوعاتهم الترويجية عبر مكبرات الصوت».
برر مسلحو الجماعة تعسفهم تجاه العشرات من بائعي المثلجات وغيرهم بأن المقطوعات والأناشيد المتنوعة التي تبثها مكبرات الصوت الخاصة لديهم «داعشية» و«مزعجة» وتسببت في ورود شكاوى كثيرة من السكان، لا سيما وأنها لا تمت لليمنيين بأي صلة.
وتداول يمنيون حديث «عقال حارات» ومشرفين حوثيين للباعة الذين تم إيقافهم عن العمل بأن هناك تعميمات انقلابية بضرورة إعادة تنظيم وترتيب عمل هذه الفئة وإجبار عناصرها على الالتزام والتقيد بعدد من الضوابط والإجراءات.
وفي حين طالب بائعو المثلجات الجائلين في شوارع صنعاء الجهات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية بسرعة إنقاذهم والعمل على وقف الاستهداف الحوثي لهم ورفع الظلم عنهم، أكدوا أن السبب الفعلي لسلوك الجماعة هو محاولة تجنيدهم لبث شعارات الجماعة وأفكارها الطائفية.
وقال أحد الباعة لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته، إن مشرفي الجماعة زودوا الموقوفين بحزمة من التوجيهات والتعليمات للسماح لهم بالعودة للعمل، ومنها تزويدهم بذاكرات رقمية تحوي زوامل وأناشيد وخطابات حوثية إلى جانب فواصل إعلانية قصيرة، تحض على تقديم الدعم ورفد الجبهات القتالية.
ومن ضمن التعليمات الحوثية، بحسب بائع المثلجات، التزامهم بتعليق ملصقات وشعارات وأعلام حوثية إلى جانب صور قادة الميليشيات وصرعاها في الجبهات القتالية.
السكان في صنعاء عبروا عن استهجانهم ورفضهم الشديد للجرائم والانتهاكات التي أقدمت عليها الميليشيات بحق بائعي المثلجات وهم تلك الفئة التي أكدوا أنها تندرج ضمن الفئات اليمنية الأشد ضعفا وفقرا.
ونفى أحد السكان في حي مذبح (شمال غربي المدينة) كل الاتهامات الحوثية الموجهة لباعة المثلجات وغيرهم من الباعة الآخرين، وقال «إن باعة (الآيس كريم) وغيرهم من الباعة المتجولين في حارات وأحياء صنعاء يبحثون عن الرزق ولقمة العيش الحلال في زمن الجوع والنهب والبطش والقمع الحوثي وليسوا مزعجين كما تدعي الجماعة».
وأشار إلى أن باعة «الآيس كريم» تحديدا دائما ما يبهجون صباحات العاصمة صنعاء بعرباتهم الملونة المصحوبة بأغان وأناشيد طفولية ووطنية جميلة ورائعة اعتبرت من أكثر الأشياء المميزة لصباحات المدينة.
ومنذ انقلاب الجماعة على الشرعية قبل خمسة أعوام، تزايد إقبال الآلاف من اليمنيين، ونتيجة الأزمات والصعوبات الاقتصادية والمعيشية وانقطاع المرتبات، على اقتناء عربات ودراجات نارية وهوائية بهدف تحويلها إلى وسيلة مهمة لكسب الرزق.
وتشير تقارير حكومية ومنظمات مدنية عدة إلى ارتفاع أعداد الباعة المتجولين بمناطق سيطرة الحوثيين خلال الفترة الأخيرة ومعظمهم من شريحة الأطفال، الذين يتركون التعليم ويتجهون إلى سوق العمل تحت ضغط الأوضاع المعيشية المتردية التي خلفتها الجماعة الحوثية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».