تعديل الدستور الجزائري يفجّر جدل «الهوية والدين»

انتقادات لرئيس اللجنة بسبب موقفه من «المواطنة والإسلام»

TT

تعديل الدستور الجزائري يفجّر جدل «الهوية والدين»

احتج عبد الله جاب الله، أحد قدامى قادة التيار الإسلامي في الجزائر، على «مدى الجهل بالإسلام»، بعد تصريحات مثيرة لرئيس «لجنة تعديل الدستور»، أحمد لعرابة، جاء فيها أن «ما يليق بالجزائر دستور يتوجه إلى مواطنين، وليس إلى مؤمنين». وجاءت هذه التصريحات في وقت تطرح فيه هذه القضية، من جديد، وبشكل أكثر حدة «مسألة الهوية» و«عناصر الشخصية الوطنية».
وقال جاب الله، رئيس الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية»، إن «الزعم بأنهم يريدون دولة المواطنة، لا دولة المؤمنين، يكشف عن مدى الجهل بالإسلام ومعنى المواطنة. فالمواطنة عندهم مضادة للدين ومتعارضة معه، وهذا قول لم يقل به العلماء، لأنهم يعلمون أن المواطنة هي الحقوق التي يكتسبها الفرد باعتباره فردا في الدولة»، وكان يشير بذلك ضمنا إلى تصريحات لعرابة لصحيفة محلية، تناولت الجدل حول مواد في الدستور، أبرزها «الإسلام دين الدولة» و«الأمازيغية لغة وطنية ورسمية».
وذكر الخبير القانوني، المحسوب من طرف الإسلاميين على «التيار الفرنكفوني المعادي للتعريب»، أن التعديل الدستوري الذي يعرضه الرئيس عبد المجيد تبون للنقاش، منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، «يعني مواطنين وليس مؤمنين، وبالتالي فإن عناصر الهوية يمكن إبعادها عن الدستور ليصبح بإمكانك أن تكون جزائريا، دون أن تكون عربيا ولا أمازيغيا ولا مسلما، لكن مجتمعنا غير مستعد لهذا المفهوم من المواطنة، وبالتالي علينا التقدم بالتدريج، وسترون أن هذه العناصر المكونة للهوية ستختفي من الدستور مستقبلا».
وبحسب جاب الله فإن «المواطنة عرّفها الإسلام في بداية تأسيسه لدولته، فالأساس في المواطنة هو الولاء للدولة، بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون أو اللسان، وقد عدّها الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة من قواعد نظام حكمه في صحيفة المدينة المنورة، التي كتبها صلى الله عليه وسلم لساكنة يثرب، وفيهم يومئذ أهل الكتاب من اليهود عندما شرع في بناء الدولة، وقد أقامها على قاعدتي العدل والمساواة، ووفر لها ضمانات الحماية من كل التعسفات والتجاوزات، فسبق بذلك الغرب سبقا بعيدا. ومهما قيل عن تطور في الفكر السياسي الغربي، فإنه لا يزال بعيدا عما جاء به الإسلام، وشرحه علماؤه».
يشار إلى أن وثيقة التعديلات تقترح استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، وإلغاء منصب «وزير أول»، واستبداله برئيس الحكومة يختاره الرئيس، ولن يكون منبثقا عن الأغلبية. وقد أعادت إلى الواجهة جدلا قديما يخص «الهوية»، كما طرح بعض الحقوقيين بالمناسبة موضوع «الأقليات الدينية من غير المسلمين، وضرورة أن يتضمن الدستور احترام باقي العقائد».
من جهته، قال عبد القادر بن قرينة، رئيس الحزب الإسلامي «حركة الإصلاح الوطني»، ومرشح انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي، إن الموقف الذي عبر عنه لعرابة «صادم، فهو لا يمثل الحياد، ولا الموضوعية المتوقعة من رئيس لجنة إعداد مسودة الدستور». وأكد بأن الخبير القانوني «كأنما يريد أن يقول إن الشعب الجزائري غير مؤهل لاستيعاب مقتضيات المواطنة، وأن الدستور الجزائري لا بد أن يخلو مستقبلا من الموروث القيمي والتاريخي للجزائريين».
ودعا بن قرينة الرئيس تبون إلى «تصحيح الوضع، ويتوجب على مختلف القوى الوطنية أن تبادر إلى حوار وطني، يحمي مكتسبات الحراك المبارك، ومساره نحو جزائر جديدة في ظل الوفاء لرسالة الشهداء».
وفي سياق هذا الجدل، ذكرت «لجنة خبراء الدستور»، في بيان الأربعاء الماضي أنها «أنجزت مهمتها وفق ما كلفها به رئيس الجمهورية، ووضعت مقترحاتها في متناول الطبقة السياسية والمجتمع المدني والمواطنين، من أجل المناقشة والإثراء. غير أن النقاش، لا سيما على مستوى بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، انحرف في الكثير من الحالات عن الهدف الأساسي، وهو إثراء مشروع الوثيقة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.