أنقرة تدعو القاهرة إلى «الحوار»... ومصدر مصري يتهمها بـ«التناقض»

سجال بين البلدين على خلفية «فتح القسطنطينية»

TT

أنقرة تدعو القاهرة إلى «الحوار»... ومصدر مصري يتهمها بـ«التناقض»

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن «الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات التركية المصرية، تكون عبر الحوار والتعاون مع تركيا بدلا من تجاهلها»، في تصريح لافت حول العلاقات المتوترة بين البلدين، منذ عام 2013. وبينما رفض مصدر مصري مسؤول التعليق على الدعوة التركية، قال مصدر دبلوماسي، لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن «تصريحات المسؤول التركي متناقضة... لا تستحق الرد». ويشير المصدر المصري، إلى إصرار وزير الخارجية التركي على وصف النظام المصري بـ«الانقلاب»، في حواره أمس مع قناة «إن تي في» التركية.
وقال جاويش أوغلو في التصريحات، التي أوردتها وكالة الأنباء الألمانية، «تركيا تعارض الانقلاب في مصر، وتقف إلى جانب الشعب المصري الشقيق، وترغب في استقرار مصر دائما».
وأضاف: «لا نريد أن تهدر الانقلابات والفوضى طاقة دولة وأمة قوية، العالم العربي والإسلامي والشرق الأوسط بحاجة لمصر قوية ومستقرة».
وساءت العلاقات بين أنقرة والقاهرة منذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) 2013، والذي كان حليفا للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ما تسبب في قطع العلاقات بين البلدين. ويحتدم الخلاف أيضا بين الجانبين في الوقت الراهن بسبب منطقة نفوذ وموارد بحرية في شرق البحر المتوسط، والتدخل التركي في ليبيا.
وفي حوار تلفزيوني كشف جاويش أوغلو عن قيامه، بتفويض من الرئيس رجب طيب إردوغان، باتصالات مع مصر في السابق، إلا أن «التوازنات في ليبيا أدت إلى توتر العلاقات قليلا». وقال الوزير «عند النقطة التي وصلنا إليها، تطبق الطريقة الأكثر عقلانية، وهي إجراء حوار وتعاون مع تركيا بدلا من تجاهلها». وقبل أيام رفضت تركيا اقتراح مصر وقف إطلاق النار في ليبيا قائلة إنه «يهدف إلى إنقاذ خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي بعد فشل هجومه لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس». وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا برئاسة فائز السراج والتي تمكنت قوات تابعة لها في الأسابيع القليلة الماضية من صد هجوم شنته قوات حفتر على طرابلس، بينما يحظى الجيش الوطني الليبي بدعم مصر.
من جهة أخرى, دخلت دار الإفتاء المصرية ورئاسة الشؤون الدينية التركية في سجال على خلفية «فتح القسطنطينية»، و«حديث عن استغلال النظام التركي للفتاوى لتبرير الأطماع الخارجية». وأكدت «إفتاء» مصر «عدم وجود صلة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان فيما يتعلق بـ(فتح القسطنطينية)؛ بل هو (فتح إسلامي)»، كما جاءت في بيان لـ«المؤشر العالمي للفتوى» التابع لدار الإفتاء عبارة: «احتل العثمانيون إسطنبول». بينما ردّ علي أرباش، رئيس الشؤون الدينية في تركيا، عبر تغريدة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل «تويتر»، قائلاً إن «وصف فتح إسطنبول بـ(الاحتلال) لا يليق»، رافضاً في تصريح له مساء أول من أمس «هذا الادعاء»؛ على حد قوله.
وقالت «الإفتاء» عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، الاثنين الماضي: «أكدنا مراراً وتكراراً بالوثائق والمؤشرات والأدلة، أن الرئيس التركي يواصل استخدام سلاح الفتاوى لتبرير الأطماع الخارجية»؛ على حد تعبيرها.
وكان «فتح القسطنطينية» مثار جدل بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، مما دعا «الإفتاء» المصرية إلى التأكيد أن «ما يتعلق بـ(فتح القسطنطينية)؛ فهو (فتح إسلامي عظيم) بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وتم على يد السلطان العثماني محمد الفاتح»، مضيفة: «أما إردوغان فلا صلة له بمحمد الفاتح». وكان «المؤشر العالمي للفتوى» التابع للدار قد قال في بيان سابق إن «إردوغان يستخدم الخطاب الديني وسلاح الفتاوى لتثبيت أركان حكمه في الداخل التركي». وأورد «المؤشر» فتوى لعالم دين تركي تقول إن «الضرر الذي يلحق بجماعة صغيرة جائز، في مقابل تحقيق المصالح العامة للأمة». وكشف «المؤشر» حينها عن أن «مسؤولي الشؤون الدينية في تركيا نشروا أخيراً رسائل جديدة تدعو الأتراك لانتظار قرار تحويل متحف (آيا صوفيا) إلى مسجد». وعدّ «المؤشر» أن «تجدد الحديث الآن عن موضوع تحويل الكنيسة القديمة (آيا صوفيا) إلى مسجد، وما رافقه من نشر مقطع فيديو لإردوغان وهو يتلو القرآن في رمضان الماضي، هي موضوعات استهلاكية لكسب الطبقات البسيطة في تركيا». وأكد «المؤشر» أن «قضية تحويل (آيا صوفيا) لمسجد طُرحت منذ عقود، بيد أنها ظلت أداة وسلاحاً دعائياً بيد مختلف السياسيين في حملاتهم لاستقطاب الناخبين... وقد بُنيت (آيا صوفيا) ككنيسة خلال العصر البيزنطي عام 537 ميلادية، وظلت لمدة 916 سنة حتى (احتل العثمانيون إسطنبول) عام 1453، فحولوا المبنى إلى مسجد». وأثارت جملة «احتل العثمانيون إسطنبول» التي وردت في بيان «مؤشر الإفتاء» ردود فعل من قبل الأتراك على مواقع التواصل الاجتماعي.
في السياق ذاته، أكد «المؤشر العالمي للفتوى» أن «الرئيس التركي لا يزال يراهن على جماعات الإسلام السياسي للدفاع عن مصالح أنقرة داخل بلدانهم». وذكر «موشن غرافيك» أنتجته وحدة الرسوم المتحركة في دار الإفتاء، أول من أمس، أن «الجماعات السياسية تختزل الإسلام بكل أبعاده وقيمه ومقاصده في المسألة السياسية، وأن جماعات الإسلام السياسي يعتبرون الإسلام بكل تاريخه وفكره وتراثه يتجسد في جماعة (الإخوان) فقط، فيحصرون الإسلام في فكرها ورؤيتها واختياراتها... أما ما يخالفها ويخرج عنها فهو مخالف لها وخارج عنها». في حين قال «مرصد الإفتاء» في بيان آخر له، إن «تركيا ما زالت تعوّل على جماعة (الإخوان) في إحياء مشروعها الإمبراطوري التوسعي في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى لإشعال الأزمة في ليبيا وتزكية الصراع داخلها»؛ على حد قوله. وتصنف السلطات المصرية «الإخوان» جماعة «إرهابية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.