مفاوضات «سد النهضة» تتجه لمزيد من التصعيد بعد فشل الجولة الثانية

مصر تتمسك بوثيقة واشنطن وإثيوبيا تعد بتقديم مقترح متكامل

السيسي يترأس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي المصري ناقش تطورات ملف {سد النهضة» مساء أول من أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي يترأس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي المصري ناقش تطورات ملف {سد النهضة» مساء أول من أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مفاوضات «سد النهضة» تتجه لمزيد من التصعيد بعد فشل الجولة الثانية

السيسي يترأس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي المصري ناقش تطورات ملف {سد النهضة» مساء أول من أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي يترأس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي المصري ناقش تطورات ملف {سد النهضة» مساء أول من أمس (الرئاسة المصرية)

سيطرت الخلافات على انطلاقة مفاوضات «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان، والتي استأنفت، أمس، لليوم الثاني، بحضور مراقبين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي).
واتفقت وزارتا المياه في مصر وإثيوبيا، في بيانين منفصلين، أمس، على أن المحادثات (التي تستمر حتى 13 من الشهر الجاري)، «لم تسفر عن أي نتيجة تذكر»، فيما وضعت القاهرة 4 شروط، وصفتها بـ«الثوابت» لضمان جدية المحادثات، بينها تعهد إثيوبي بالامتناع عن أي «إجراء أحادي بملء السد لحين نهاية التفاوض والتوصل لاتفاق».
ويعد «دور المراقبين» و«المرجعية الأساسية» للقضايا محل النقاش، أبرز نقاط الخلاف بين مصر وإثيوبيا. وبحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «البداية المتعثرة، وإصرار أديس أبابا على مناقشة كافة القضايا من جديد، وليس وفق مرجعية اتفاق واشنطن، لا يبشر بإمكانية الوصول لحل، بل إن الأزمة تتجه نحو مزيد من التصعيد، ما لم يحدث اختراق بفضل ضغوط دولية».
وتطالب مصر أن تكون مرجعية النقاش وثيقة 21 فبراير (شباط) 2020، التي أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي بناء على مناقشات الدول الثلاث خلال الأشهر الماضية، واتفقت فيها كافة الأطراف، على نحو 90 في المائة من القضايا الخلافية، قبل انسحاب إثيوبيا من الاجتماع الأخير بواشنطن، المخصص لتوقيع الاتفاق النهائي الخاص بقواعد ملء وتشغيل السد.
وذكر بيان صادر عن وزارة الري السودانية، أن اجتماع أمس والذي استضافته القاهرة استمع لوجهات نظر الدول الثلاث. وأضاف البيان أن مصر جددت تمسكها بوثيقة واشنطن المبرمة في 21 فبراير كأساس للتفاوض، فيما وعد الجانب الإثيوبي بتقديم مقترح متكامل للاجتماع.
وأكد السودان على موقفه المقدم سابقا في وثيقة الحل الوسط التي دفع بها في اجتماع أول من أمس. وتصر مصر على أن مرجعية النقاش لاستئناف التفاوض يجب أن تكون على الوثيقة التي أعدها كل من أميركا والبنك الدولي، بناءً على مناقشات الدول الثلاث خلال الأشهر الماضية.
ويأمل السودان تجاوز الدول الثلاث العقبات الراهنة والتوصل لاتفاقية تعالج وتستوعب المسائل المتصلة بملء وتشغيل سد النهضة. وأعلن السودان رفضه أي خطوة أحادية من الجانب الإثيوبي، قبل التوصل لاتفاق نهائي حول قواعد الملء الأول وتشغيل السد.
وسبق أن رفض السودان مقترحا إثيوبيا لتوقيع اتفاق جزئي حول ملء بحيرة السد، منوها إلى وجود جوانب فنية وقانونية يجب أن تضمن في الاتفاق.
وانطلقت الاجتماعات، أول من أمس، على مستوى وزراء الموارد المائية للدول الثلاث، عبر تقنية «الفيديو كونفرنس». وعكست مناقشات اليوم الأول وجود توجه لدى إثيوبيا لفتح النقاش من جديد حول كافة القضايا، بما في ذلك كافة الجداول والأرقام التي تم التفاوض حولها في مسار واشنطن، فضلا عن التمسك ببدء الملء في يوليو (تموز) المقبل. كما أشار بيان وزارة الموارد المائية في مصر.
وفي تعبير بدا أكثر بعداً عن التفاؤل، قالت الوزارة المصرية، أمس، إنه «من الصعب وصف الاجتماع بأنه كان إيجابيا أو وصل إلى أي نتيجة تذكر، حيث ركز على مسائل إجرائية ذات صلة بجدول الاجتماعات ومرجعية النقاش ودور المراقبين وعددهم». وحددت الوزارة ما وصفته بـ«ثوابت الموقف المصري»، والتي تتضمن، مطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ «أي إجراء أحادي بالملء لحين نهاية التفاوض والتوصل لاتفاق»، وأن مرجعية النقاش هي «وثيقة 21 فبراير 2020»، وأن يكون دور المراقبين كـ«مسهلين». كما اشترطت أن تكون فترة المفاوضات من 9 - 13 يونيو (حزيران) الجاري، للتوصل إلى اتفاق كامل للملء والتشغيل.
وستجري الاجتماعات بشكل يومي، عدا يومي الجمعة والأحد، للوصول إلى توافق حول النقاط الخلافية، بحسب ما اتفق عليه (الثلاثاء)، دون أن يتم تحديد موعد نهائي واضح.
في المقابل، قالت وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، إن كل بلد قدم جدول أعماله الخاص بالمفاوضات ووافق على عقد سلسلة من الاجتماعات خلال الأيام القادمة، لكنه وكما أشار بيان الوزارة، فإنه «لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث بشأن دور المراقبين».
وتعتزم إثيوبيا ملء بحيرة السد كمرحلة أولى، خلال موسم الأمطار، في يوليو المقبل «دون انتظار الاتفاق» على حد تأكيدها. ويخشى كل من السودان ومصر من أن يحتجز الخزان، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 74 مليار متر مكعب، إمدادات المياه الأساسية السنوية للنهر.
ويرى الدكتور نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، أن «المفاوض المصري ضاق ذرعا من تعنت الطرف الإثيوبي ومحاولاته إعادة التفاوض حول القضايا التي تم الاتفاق حولها مسبقا في واشنطن، لإهدار مزيد من الوقت، حتى بدء ملء السد في يوليو القادم»، ووصف علام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» انطلاقة المفاوضات بـ«الصعبة»، محذرا من «فشل التوصل إلى اتفاق». واستبقت القاهرة المفاوضات، باجتماع لـ«مجلس الأمن القومي»، ترأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، وحذر إثيوبيا من إهدار المزيد من الوقت، وطالب بـ«تحديد إطار زمني مُحكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها»؛ منعا لأن تصبح «أداة جديدة للمماطلة والتنصل».
ولفت الخبير في الشأن الأفريقي، الدكتور هاني رسلان، إلى ما اعتبره «بوادر فشل المفاوضات»، مؤكدا في تدوينة له أن «إثيوبيا تريد هدم كل ما تم والبدء من جديد، مع التمسك بالملء في يوليو»، معتبرا أن الأمر «يمثل إحراجا للحكومة السودانية... فما هي التفاهمات التي حدثت، وعلى أي أساس تم توجيه الدعوة»؟



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.