حفتر يتعهد «الحفاظ على ليبيا»... وأميركا تحذّر من «عواقب التصعيد»

ترمب يرحب باقتراح مصر وقف إطلاق النار... وبومبيو يشيد بـ«استئناف المحادثات»

المشير خليفة حفتر خلال لقائه بمكتبه أمس سفير ألمانيا لدى ليبيا (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر خلال لقائه بمكتبه أمس سفير ألمانيا لدى ليبيا (القيادة العامة)
TT

حفتر يتعهد «الحفاظ على ليبيا»... وأميركا تحذّر من «عواقب التصعيد»

المشير خليفة حفتر خلال لقائه بمكتبه أمس سفير ألمانيا لدى ليبيا (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر خلال لقائه بمكتبه أمس سفير ألمانيا لدى ليبيا (القيادة العامة)

واصلت حكومة «الوفاق» الليبية، المدعومة من تركيا والتي يترأسها فائز السراج، محاولة الضغط السياسي والعسكري على قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، والسيطرة على مدينة سرت الاستراتيجية، وسط تهديدات أميركية من «عواقب التصعيد»، وتوعد قبيلة «شيخ الشهداء» عمر المختار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالهزيمة عسكرياً. فيما تعهد حفتر بالحفاظ على ليبيا وأمنها.
وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً، أمس، بنظيره الأميركي دونالد ترمب، تناول في جوانب منه الأزمة الليبية.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة في بيان، إنه تم خلال الاتصال تبادل وجهات النظر حول تطورات الوضع في ليبيا، في ضوء إطلاق مبادرة «إعلان القاهرة»، حيث أعرب ترمب عن ترحيبه بالجهود المصرية لتحقيق التسوية السياسية للأزمة، ولإنهاء أعمال العنف بدعم وقف إطلاق النار في البلاد، وتفعيل إرادة الشعب الليبي في تحقيق الأمن والاستقرار.
كما رحب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، باستئناف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة في ليبيا، وحث على إجراء مفاوضات سريعة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال بومبيو في مؤتمر صحافي إن «موافقة حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني على العودة إلى محادثات الأمم المتحدة الخاصة بالأمن خطوة أولى جيدة وإيجابية جدا». مضيفا أن المطلوب الآن «بدء مفاوضات سريعة تجري بحسن نية لتطبيق وقف إطلاق النار، واستئناف المحادثات السياسية الليبية التي تقودها الأمم المتحدة». داعيا «جميع الليبيين وجميع الأطراف للعمل كي لا تتمكن روسيا، أو أي دولة أخرى، من التدخل في سيادة ليبيا من أجل أهدافها الخاصة».
وأكد حفتر لدى استقباله بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي، أمس، سفير ألمانيا لدى ليبيا، أوليفر أوفتشا، «استمرار قوات الجيش الوطني في سعيها لحفظ الوطن وسيادته ووحدة أراضيه». وعبر في بيان أصدره مكتبه خلال اللقاء، الذي ناقش أيضا (إعلان القاهرة) الذي أيدته ألمانيا، عن شكره لجهود الدولة الألمانية المُستمرّة في دعم السلام في ليبيا، ونقل عن سفيرها إشادته بما وصفه بـ«انضباط قوات الجيش والتزام كافة منتسبيها بأوامر حفتر».
وقطع بيان حفتر المقتضب، والمعزز بصور اجتماعه مع السفير الألماني، الطريق على تقارير إعلامية زعمت وضعه تحت الإقامة الجبرية في مصر التي زارها مؤخراً.
في غضون ذلك، أكد عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع السراج، جاهزيتها واستعدادها لتنظيم انتخابات في كافة أرجاء البلاد في أي وقت. وأكد السراج في بيان حرصه على توفير كافة متطلبات المفوضية العليا للانتخابات، وتهيئة الظروف الموضوعية المناسبة لإجراء انتخابات، باعتبارها خياراً ومطلباً عاماً لكل الليبيين.
ميدانيا، قالت قوات «الوفاق» على لسان محمد قنونو، المتحدث باسمها، إنها لن تتراجع عن إعادة بسط سيطرة الدولة على سرت، مؤكدة استمرارها في تنفيذ التعليمات بضرب «بؤر المتمردين» في مدينة سرت، وإنها استهدفت مساء أول من أمس مراكز للجيش الوطني داخل المدينة. كما أكدت غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لحكومة «الوفاق»، أن هدفها «سرت ولا تراجع عنه»، مشيرة إلى أن الجفرة «ستكون تحت سيطرتها قريبا».
كما أكدت وزارة الصحة في حكومة «الوفاق» مقتل سبعة أشخاص وإصابة عشرة بانفجار ألغام جنوب طرابلس.
وقال المتحدث باسم الوزارة أمين الهاشمي إن «سبعة أشخاص قضوا جراء انفجار ألغام في عدد من المواقع جنوب العاصمة طرابلس، إلى جانب إصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة».
في المقابل، تحدث «الجيش الوطني» عن استمرار القتال في محاور شرق مصراتة (غرب)، ووصول المزيد من التعزيزات لوحداته. وقالت شعبة إعلامه الحربي إنه تم تدمير منظومة دفاع جوي تُركية في مُحيط منطقة بوقرين، ومدفعية تابعة لمجموعات الحشد والمرتزقة الأتراك في منطقة جارف، التي أسقطت بالقرب منها منصات الدفاع الجوي للجيش الوطني طائرة تُركية مُسيرة. كما أعلنت قصف وتدمير عربات عسكرية في منطقة السواليط، ومواقع في منطقة القداحية.
وظهر النقيب محمد بوخزام، أحد مسؤولي إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» أمام محطة البخارية لينفي ما سماه بـ«الأخبار الكاذبة» عن سيطرة الميليشيات عليها. مشيرا إلى أن قوات الجيش تؤمن سرت وما بعدها بأعداد هائلة، على حد قوله.
في سياق ذلك، أعربت السفارة الأميركية عن «مخاوف فورية» بشأن احتمال حدوث أزمة إنسانية أخرى في مدينة سرت، وحذرت من أن يؤدي التصعيد المستمر هناك إلى تفاقم معاناة المدنيين، وزرع الانقسامات التي يمكن استغلالها من قبل الجهات المتطرفة، وتحويل الموارد بعيدا عن الاستجابة لجائحة فيروس «كورونا»، وهددت بمحاسبة المخالفين.
في غضون ذلك، رفضت قبيلة المنفة، التي ينتمي إليها عمر المختار تصريحات الرئيس التركي إردوغان، بشأن مواصلته تقديم الدعم لأحفاد المختار. وقال مجلس حكماء بئر الأشهب، مسقط رأس المختار، في بيان مساء أول من أمس، إن القبيلة التي تراقب ما يحدث في ليبيا من «انتهاكات صارخة، وجرائم ترتقي إلى جرائم حرب على يد إردوغان، تستنكر تصريحاته». واعتبرت أن طائرات تركيا «هي من تقتل أحفاد المختار»، واتهمته بـ«إرسال آلاف المرتزقة والإرهابيين الأجانب للقتال في ليبيا». متعهدة بتسخير كافة إمكانياتها لـ«طرد الغزاة الأتراك من ليبيا»، وقالت إنهم «لن يجدوا إلا الموت الذي سنلاحقهم به في كل شبر من هذه الأرض الطاهرة».
وفي إطار الجهود الدولية لوقف النار في ليبيا، وجه الاتحاد الأوروبي من جديد نداء للأطراف الليبية بوقف فوري وفعال لإطلاق النار، وذلك في بيان مشترك للمنسق الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وجاء في البيان الذي صدر في وقت متأخر من مساء أول من أمس أنه «في أعقاب الالتزامات البناءة بوقف القتال واستئناف الحوار، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، التي اتخذت في القاهرة في 6 يونيو (حزيران)، يحث المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا، جميع الأطراف الليبية والدولية على الوقف الفعال والفوري لجميع العمليات العسكرية، والمشاركة بشكل بناء في مفاوضات 5 + 5، استنادا إلى مشروع الاتفاق في 23 فبراير (شباط)».
وعلى صعيد آخر، التقى الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، أمس، بعدد من القادة والضباط وضباط الصف وجنود المنطقة الغربية العسكرية. وبحسب بيان عسكري مصري، فإن رئيس الأركان «أشاد بحماة البوابة الغربية، وما يبذلونه من جهد في تنفيذ مهامهم الموكلة إليهم، وتأمين وحماية الوطن وسلامة أراضيه»، مؤكداً أن «القوات المسلحة المصرية في أعلى درجات الجاهزية والاستعداد القتالي لمواجهة كافة المخاطر والتحديات، وصون مقدساته، وتأمين حدوده على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».
وقال فريد إن «القوات المسلحة المصرية تزداد يوماً بعد يوم قوة في ظل ما تمتلكه من أحدث الأسلحة والمعدات البرية والبحرية والجوية، بالإضافة إلى الروح القتالية والمعنوية العالية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).