دورية روسية ـ تركية في إدلب وسط حشود من النظام و«تحرير الشام»

TT

دورية روسية ـ تركية في إدلب وسط حشود من النظام و«تحرير الشام»

سيّرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة جديدة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في إدلب وسط استمرار التوتر في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا وتأكيدات تركيا أنها «لن تسمح باندلاع الصراع فيها مجدداً»، في وقت واصلت «هيئة تحرير الشام» الحشد في جبل الزاوية جنوب إدلب التي تعرضت لقصف مكثف من الطيران الروسي وهجمات من قوات النظام وحلفائه.
وانطلقت الدورية التركية الروسية، وهي السادسة عشرة منذ بدء تسيير الدوريات في 15 مارس (آذار) الماضي، من قرية النيرب شرق إدلب وصولاً إلى منطقة محمبل في غربها. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات التركية انتشرت لتأمين الطريق قبل انطلاق الدورية. وأشار إلى أن قوات النظام نفذت، بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، قصفاً صاروخياً على مناطق في الفطيرة وكنصفرة وسفوهن بجبل الزاوية، والعنكاوي بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، في حين تشهد أجواء إدلب تحليقاً مكثفاً لطائرات استطلاع؛ حيث تحلق الروسية منها في أجواء جبل الزاوية، بينما تحلق التركية في أجواء مدينة إدلب وريفها الشمالي.
في غضون ذلك، واصلت «هيئة تحرير الشام» تحركاتها العسكرية في جبل الزاوية بعدما حشدت عناصرها المسلحة في جبل الزاوية وسط تصاعد الهجمات من جانب النظام بدعم من الطيران الروسي.
وسيّرت «الهيئة»، الاثنين الماضي، رتلاً عسكرياً ضخماً ضمّ عشرات السيارات والعربات العسكرية المصفحة باتجاه مناطق جبل الزاوية، وضمّ عشرات السيارات المحملة بالجنود المدججين بالسلاح، وبعضها مثبتة عليها رشاشات أرضية مضادة للطائرات، في الوقت الذي تتصاعد فيه تهديدات الميليشيات الموالية للنظام وحشوده لشنّ عملية عسكرية بالمنطقة.
واجتمع القائد العام لـ«الهيئة» أبو محمد الجولاني، خلال الأيام الماضية مع وجهاء وأعيان جبل الزاوية، واستعرض معهم الأوضاع ومخرجات اجتماع عسكري للفصائل في إدلب، مطالباً إياهم بالاستعداد لمعركة مقبلة.
وشهدت جبهات «جبل الزاوية» خلال الفترة الماضية، حشوداً للنظام والميليشيات الداعمة له على جبهات معرة النعمان والرويحة وكفرنبل، قابلها حشد عسكري كبير للقوات التركية وفصائل الجيش الوطني وفصائل أخرى.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عقب اجتماع لحكومته، مساء أول من أمس، أن بلاده لن تسمح باندلاع الصراع مجدداً في محافظة إدلب، رغم تكثيف النظام استفزازاته في الفترة الأخيرة. وشدّد إردوغان على أن أنقرة لن تسمح بزعزعة الهدوء في إدلب، أو خرق وقف إطلاق النار بموجب الاتفاق المبرم مع روسيا في 5 مارس (آذار) الماضي، الهادف لإرساء الاستقرار في المنطقة. وأوضح أن تركيا عبر مؤسساتها المعنية تتابع الوضع عن كثب في المنطقة، وتتخذ جميع التدابير اللازمة.
وقالت رئاسة الجمهورية التركية إن أنقرة تواصل مبادراتها كدولة محورية في موضوع جعل إدلب منطقة آمنة دائمة، وإنها حققت مكاسب كبيرة في حماية المدنيين، ووقف تدفق اللاجئين، ومكافحة الإرهاب.
ونشرت دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، الليلة قبل الماضية، على حسابها الرسمي بموقع «تويتر» بياناً تحت عنوان: «لماذا إدلب مهمة بالنسبة لتركيا؟»، أرفقته بمقطع فيديو تم إعداده حول إدلب، يتضمن مقاطع تجسد المأساة التي تشهدها المنطقة، ومشاهد من العمليات التي نفذتها القوات التركية هناك، ويؤكد على دور تركيا كأهم جهة لإيجاد حل للحرب الداخلية في سوريا التي شارفت على عامها العاشر.
وأشار الفيديو إلى أن تركيا الدولة الأكثر استضافة للاجئين على مستوى العالم، وكذلك الأكثر تضرراً من الحرب الداخلية في سوريا التي ترتبط بها بحدود برية تبلغ 911 كيلومتراً.
وذكرت الرئاسة التركية أن «نظام بشار الأسد، وداعميه ممن يسعون للهيمنة على المنطقة من خلال السيطرة على كامل إدلب، تحدوهم رغبة في الإبقاء على النظام السوري بالحكم، والقضاء على قوى المعارضة، متجاهلين مدى تأثر تركيا من الحرب الداخلية».
وأكدت أنه لا يوجد ثمة خيار آخر بالنسبة لتركيا سوى زيادة قوتها العسكرية بالمنطقة، والرد على هجمات النظام السوري، مشيرة إلى أنه في هذا الصدد تأتي الأهمية الكبيرة لطريقي «إم 4»، و«إم 5» البريين الدوليين اللذين يربطان شرق سوريا بغربها.
وأضافت أنه «بفضل العمليات العسكرية الناجحة التي نفذتها تركيا استتب الأمن بشكل كامل في المناطق الواقعة شمال وغرب هذين الطريقين اللذين يمران من جنوب إدلب وشرقها. وأضافت أن اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا بدأوا العودة من جديد لمنازلهم، بعد إقامة تركيا منطقة آمنة، وأن أنقرة من ناحية أخرى تمكنت من وقف مجازر الأسد بحق المدنيين من خلال مباحثات عقدتها مع روسيا.
وجدّدت التأكيد على أن تركيا مستمرة في مبادراتها بخصوص تحول إدلب إلى منطقة آمنة دائمة من أجل تحقيق وقف إطلاق النار بالحرب الداخلية السورية، وتصدر مساعي الحل السياسي للأزمة، وتبديد مخاوف تركيا بشأن أمنها القومي.
وأشارت إلى أن توازن القوى بمنطقة إدلب مرتبط بـ«خيط هشّ من القطن، فهناك النظام السوري المدعوم من روسيا، وكذلك التنظيمات الإرهابية المدعومة من قوى دولية، والجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، إلى جانب بعض الجماعات الأخرى».
وأضافت أن «وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع روسيا قد يتبدد في أي وقت، لذلك فإن تركيا ستواصل وجودها بإدلب كدولة محورية في المساعي الرامية للتصدي لأي حرب قد تنتقل لحدودها، ولمنع انتقال الأنشطة الإرهابية داخل إدلب، ولعدم فقد المكاسب التي تم تحقيقها، وللتصدي لأي محاولات من شأنها فتح الطريق أمام أزمة إنسانية جديدة، ولإيجاد حلول سياسية، ولتحقيق السلام الدائم بالمنطقة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.