جمعية المصارف اللبنانية تصف وزراء بـ«مستشارين عاطلين عن العمل»

TT

جمعية المصارف اللبنانية تصف وزراء بـ«مستشارين عاطلين عن العمل»

في رد غير مسبوق في لهجته ومضمونه، تتعرض له حكومة الرئيس حسان دياب، نبهت جمعية المصارف إلى أن «فريقاً من المستشارين العاطلين عن العمل يتولى مهمة التخطيط لمستقبل لبنان واقتصاده وقطاعه المالي. وهو قرر اعتماد خيار عبر إفلاس البلاد ومؤسساتها الاستراتيجية، من خلال الإصرار على مندرجات خطة التعافي الحكومية، بدلاً من خيار الإصلاح الشامل الذي يكفل الإنقاذ وتوزيع الخسائر بعدالة، وحفظ مقومات القطاعات الحيوية».
ولاحظ مصرفيون يتقدمهم رئيس الجمعية سليم صفير، أن الحكومة تبنت موقفاً هجومياً وعدائياً من دون أي مسوغ مشروع ضد البنك المركزي والجهاز المصرفي، ولم تنسق مع الطرفين في مرحلة صياغة الخطة، ثم وضعت النظام المالي بأكمله في خطر شديد، من خلال تقدير الخسائر بنحو 241 تريليون ليرة، والتنصل من مسؤولياتها كمدين، وتحميل الأعباء للدائن الأساسي المتمثل بالبنك المركزي الذي استقطب أغلب توظيفات المصارف، بهدف تغطية عجز المالية العامة، وتلبية الحاجات التمويلية للدولة.
جاء كلام صفير خلال حوار مغلق مع صحافيين وخبراء، من بينهم «الشرق الأوسط»، وشاركه في الحوار أعضاء مجلس الإدارة، وليد روفايل، وتنال صباح، ونديم القصار، وأمين عام الجمعية مكرم صادر، والخبير المالي روجيه داغر، بهدف عرض مساهمة جمعية المصارف في تطوير خطة التعافي، والوقائع المستجدة، بعد نتائج الاجتماع المالي برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي أفضى إلى تكريس الاعتماد على الخطة الحكومية، واعتبار أرقامها منطلقاً للتفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولي، من دون الأخذ بتحذيرات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واعتراضه الخطي على هذا التوجه. كذلك من دون الاستماع إلى وجهة النظر المصرفية وخطتها البديلة التي تم تسليمها سابقاً لرئيس الحكومة حسان دياب، ووزير المال غازي وزني، وإعلانها للرأي العام.
ويعول المصرفيون على إعادة النظر في التقديرات وتنسيقها للتوافق على أرقام نهائية، عبر تواصل التنسيق مع لجنة المال النيابية التي عبَّرت عن قناعتها بضرورة إعادة النظر بالأرقام والتوصيفات الفاصلة بين الخسائر الفعلية والالتزامات الآجلة التي يمكن معالجتها في ضوء تقدم الإصلاحات المنشودة. وبرأيهم: «إن مجلس النواب هو مرجعية التشريع ذات الصلاحيات لإقرار موجبات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحزمة القوانين المتصلة به، وخصوصاً ما يتعلق بمشروع (الكابيتال كونترول) لحفظ حقوق المودعين، واستعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة القطاع العام. بينما تمثل السلطة النقدية بمكوناتها كافة، وفي مقدمها البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، المرجعية الصالحة لإدارة شؤون الجهاز المصرفي، بمنأى عن نظريات (الإفلاس) وإنشاء 5 مصارف جديدة. وهو توجه يثير كثيرًا من الشكوك والشبهات حول استهدافاته الكامنة».
وركز المصرفيون في مداخلاتهم على الوصف المحاسبي لخطة الحكومة، بخلاف حاجة لبنان الملحة إلى خطة إنقاذ حكومي متكاملة، تحظى باستجابة المؤسسات المالية الدولية، ولا تفرِّط في سمعة البلد ومؤسساته في الأسواق الدولية التي سيحتاجها حكمًا في مرحلة «التعافي».
فقرار الحكومة بشطب كامل موجباتها من الديون الموزعة على آجال متنوعة سيؤدي إلى انتكاسة سريعة في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تناهز 25 في المائة. كما أن «التمنع» عن سداد سندات الدين الدولية تسبب في تقييد السيولة بالعملات الأجنبية، كون المصارف تحمل نحو 11.5 مليار دولار من هذه السندات، ويحمل البنك المركزي نحو 5.7 مليار دولار، بينما تحمل مؤسسات أجنبية نحو 14 مليار دولار.
ووردت هذه الإيضاحات بعد ليل محموم وحافل بالشائعات، عقب إقفال شركات الصرافة التي امتنعت عن عرض العملات الصعبة، وانفلات سعر الدولار في السوق السوداء متخطياً حاجز خمسة آلاف ليرة للدولار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.