سقوط أول ضحية مدنية في شمال غربي سوريا منذ إقرار الهدنة

سوريون يغادرون أريحا في محافظة إدلب متجهين شمالاً إلى مناطق أكثر أماناً (أ.ف.ب)
سوريون يغادرون أريحا في محافظة إدلب متجهين شمالاً إلى مناطق أكثر أماناً (أ.ف.ب)
TT

سقوط أول ضحية مدنية في شمال غربي سوريا منذ إقرار الهدنة

سوريون يغادرون أريحا في محافظة إدلب متجهين شمالاً إلى مناطق أكثر أماناً (أ.ف.ب)
سوريون يغادرون أريحا في محافظة إدلب متجهين شمالاً إلى مناطق أكثر أماناً (أ.ف.ب)

قُتل مدني، اليوم (الثلاثاء)، بقصف جوي استهدف محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، ليكون أول ضحية مدنية منذ سريان وقف إطلاق النار قبل ثلاثة أشهر، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويسري منذ 6 مارس (آذار) وقف لإطلاق النار في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته قوات النظام بدعم روسي، دفع قرابة مليون شخص للنزوح من مناطقهم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المرصد أن طائرات روسية شنّت بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء 15 غارة على قرى وبلدات عدة في ريف إدلب الجنوبي، ما تسبّب بمقتل مدني في قرية بليون وإصابة آخرين بجروح.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «إنه أول مدني يقتل جراء غارات جوية» منذ سريان الهدنة، بينما تشهد المنطقة منذ ذلك الحين اشتباكات متقطعة وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين قوات النظام والفصائل.
وبعد توقّف نحو ثلاثة أشهر، عاودت الطائرات الروسية الأسبوع الماضي استهداف المنطقة الواقعة بين الحدود الإدارية لمحافظات إدلب وحماة واللاذقية، حيث تنتشر فصائل مقاتلة أبرزها تنظيم «حراس الدين» المرتبط بتنظيم «القاعدة».
وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى أقل نفوذاً على نصف مساحة إدلب ومحيطها. وتؤوي المنطقة ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً من النازحين.
وجاءت الغارات الروسية غداة اشتباكات بين قوات النظام والفصائل في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، أوقعت 41 قتيلاً من الطرفين.
وبموجب اتفاق الهدنة، تسيّر روسيا وتركيا دوريات مشتركة على طول طريق دولي استراتيجي يُعرف باسم «إم فور» ويفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل.
ولا يعد وقف اطلاق النار الحالي الأول في إدلب التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات عدّة شنتها قوات النظام بدعم روسي وسيطرت خلالها تدريجياً على أجزاء واسعة من المحافظة. ومع تقدمها الأخير في جنوب إدلب وغرب حلب، بات قرابة نصف مساحة المحافظة تحت سيطرة قوات النظام.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.