السودان يبدأ مفاوضات مع «النقد الدولي» لتسوية متأخراته والحصول على دعم مالي

TT

السودان يبدأ مفاوضات مع «النقد الدولي» لتسوية متأخراته والحصول على دعم مالي

انخرط السودان وصندوق النقد الدولي في مفاوضات تهدف لتطبيق برنامج مراقبة من خبراء الصندوق للاقتصاد السوداني قد يمهد الطريق لتسوية متأخراته المالية، وإعفاء الديون، والحصول على منح من مؤسسة التنمية الدولية.
وقال وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، إن السودان بدأ مفاوضات هذا الأسبوع مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج غير ممول قد يمهد الطريق أمام الحصول على دعم مالي دولي. وأشار الوزير السوداني إلى أن «إعادة النقاش مع صندوق النقد الدولي ستسمح للسودان باستعادة مكانته الصحيحة في النظام النقدي الدولي».
وأضاف: «أمامنا طريق طويل لإصلاح الأضرار التي لحقت باقتصادنا، وهذه المباحثات هي خطوة أولية لفتح باب الدعم المباشر للميزانية، وهو أمر ضروري لتمويل مشروعات التنمية الكبرى المتعلقة ببناء السلام وزيادة الإنتاجية وخلق فرص العمل للشباب السوداني».
وفي الأثناء، قال جيري رايس، مدير الاتصالات بصندوق النقد الدولي، إنه يتوقع أن تنتهي المفاوضات بين السودان وصندوق النقد الدولي في الأسبوع الرابع من يونيو (حزيران) الحالي. وفي حال نجاح المفاوضات، سيوافق الصندوق على طلب وزير المالية السوداني صياغة برنامج لخبراء الصندوق، سيظهر بموجبه أن السودان لديه سجل حافل من تنفيذ سياسات اقتصادية جيدة، مما يساعد الخرطوم في تسوية متأخرات الصندوق التي يمكن أن تؤدي إلى فتح مصادر تمويل جديدة.
وتسعي الخرطوم للحصول على دعم مالي دولي لإعادة هيكلة وإصلاح الاقتصاد الذي عانى اختلالات هيكلية وفساداً خلال العقود الثلاثة الماضية من عهد نظام المخلوع عمر البشير، حيث بلغت نسبة التضخم 99 في المائة في البلاد، كما انخفضت قيمة العملة الوطنية، إذ بلغ سعر الجنيه في السوق الموازية 140 جنيهاً.
وقالت وزارة المالية السودانية إن حكومة السودان تهدف من خلال برنامج مراقبة من صندوق النقد الدولي إلى خلق فرص لتمويل المشروعات والاستثمار الدولي بالبلاد، وتعد هذه المفاوضات أساسية لجهود السودان للسيطرة على التزاماته الدولية، وهي الخطوات الأولى في تسوية متأخراته المالية، وتحقيق إعفاء الديون، والحصول على المنح من مؤسسة التنمية الدولية، كما يتماشى هذا الجهد مع رؤية الحكومة التنموية طويلة المدى. ويهدف البرنامج إلى فتح الأبواب أمام الاستثمار الدولي في القطاعات الإنتاجية للبلاد، فضلاً عن تأمين التمويل لمشاريع البنية التحتية والتنموية الكبرى.
وتحرم العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على السودان منذ عام 1993، بوضعه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، والعقوبات الاقتصادية المفروضة في عام 1997، من تدفق الاستثمارات الأجنبية، وعدم حصوله على قروض ومنح من مؤسسات التمويل الدولية لدعم الاقتصاد السوداني، فيما بلغ الدين الخارجي نحو 60 مليار دولار، بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي.
ويشارك في مفاوضات المراقبة مع صندوق النقد الدولي الذي تقوده وزارة المالية، بنك السودان المركزي، ومكتب الإحصاء المركزي، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين آخرين ذوي صلة، وتجرى المحادثات عن بُعد بخاصية الفيديو كونفرانس. وإذا تم الاتفاق على برنامج المراقبة لصندوق النقد الدولي، فسيكون أول برنامج مراقبة في السودان منذ عام 2014.
وتعد الخطوة مؤشراً على تحسن علاقات السودان مع صندوق النقد الدولي. وكان مسؤولون سودانيون قد أكدوا أنهم يتوقعون رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قربياً، ما يفتح الطريق أمام السودان للاندماج في منظومة المؤسسات الدولية.
ووافق صندوق النقد الدولي في عام 2014 على برنامج اتفاق يراقب بموجبه موظفو الصندوق الاقتصاد السوداني في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2014. وأوضح الصندوق، في بيان وقتها، أن البرنامج هو اتفاق غير رسمي بين السلطات السودانية وموظفي الصندوق لمراقبة تنفيذ السلطات للبرنامج الاقتصادي، ولا يتضمن تقديم المساعدة المالية أو التأييد من قبل المجلس التنفيذي للصندوق.
وقال صندوق النقد الدولي، في بيان، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقب اختتام بعثته مشاوراتها للمادة الرابعة مع السودان، إن الأوضاع الاقتصادية ما تزال صعبة، على خلفية استمرار عجز المالية العامة، والتضخم المرتفع، وضعف فرص الحصول على التمويل، مشيراً إلى أن السودان بحاجة إلى اتخاذ قرارات وإصلاحات جريئة شاملة حتى يستقر الاقتصاد ويقوى النمو المتراجع في البلاد، من خلال تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تعالج الاختلالات الاقتصادية الكلية الكبيرة. وأشار صندوق النقد الدولي إلى انكماش النشاط الاقتصادي في عام 2018 بنسبة 2.3 في المائة، متوقعاً أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.5 في المائة في 2019.
ووضع فريق صندوق النقد الدولي مقترحات للتخفيف من الأوضاع الحالية، منها تحرير سعر الصرف، وتعبئة الإيرادات، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود، وإجراء زيادة كبيرة في التحويلات الاجتماعية، لتخفيف أثر التصحيح على المجموعات الضعيفة. ودعا إلى أن تركز الإصلاحات الهيكلية على إجراءات مكافحة الفساد، وتحسين الحوكمة وبيئة الأعمال، من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتعزيز النمو الاحتوائي.



«حسابات» الانتخابات الأميركية تسيطر على الأسواق

شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

«حسابات» الانتخابات الأميركية تسيطر على الأسواق

شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

من الأسهم إلى العملات والسلع، سيطرت «حسابات» الانتخابات الأميركية التي تبدأ عقب ساعات قليلة على الأسواق يوم الاثنين. وبينما حنى الدولار رأسه قليلاً، وتراجع قبيل اجتماع مهم للاحتياطي الفيدرالي قد يشهد خفضاً للفائدة، مالت غالبية أسواق الأسهم العالمية إلى الحذر، فيما قفز النفط بنحو 3 في المائة على وقع قرار مهم لتحالف «أوبك بلس» بتأجيل خططها لزيادة الإنتاج شهراً.

ولا تزال المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب متعادلين تقريباً في استطلاعات الرأي عشية الانتخابات المقررة الثلاثاء، وقد لا يُعرف الفائز منهما إلا بعد أيام من انتهاء التصويت.

وكتب محللو «دويتشه بنك»: «(الثلاثاء) سيشكل اتجاه الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية للأعوام الأربعة المقبلة». وحذروا من أن «هناك درجة كبيرة من عدم اليقين لا تزال قائمة حول النتيجة، بما في ذلك السباق الضيق للغاية في مجلس النواب، ومتى سنعرف ذلك؟».

ويعتقد محللون بأن سياسات ترمب بشأن الهجرة وخفض الضرائب والرسوم الجمركية من شأنها أن تضع ضغوطاً تصاعدية على التضخم وعوائد السندات والدولار، في حين يُنظر إلى هاريس على أنها مرشحة الاستمرارية للسياسات الحالية.

ويشكل الغموض الذي يكتنف نتيجة الانتخابات واحداً من الأسباب التي تجعل الأسواق تفترض أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيختار خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس بدلاً من نصف نقطة مئوية.

ويعقد بنك إنجلترا (المركزي) اجتماعاً أيضاً يوم الخميس، ومن المتوقع أن يخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في حين من المتوقع أن يخفف البنك المركزي السويدي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ومن المتوقع أن يبقي بنك النرويج على الفائدة دون تغيير. ويعقد بنك الاحتياطي الأسترالي اجتماعه الثلاثاء، ومن المتوقع أن يبقي مجدداً على أسعار الفائدة دون تغيير.

وقال محللون في بنك «إيه إن زد»: «بناء على البيانات الحالية، لا نرى سبباً للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية للتسرع في خفض أسعار الفائدة». كما تدعم الانتخابات، وعدم اليقين بشأن المسار المالي المستقبلي الحجج الداعية إلى توخي الحذر في إعادة معايرة السياسة النقدية.

وفي غضون ذلك، هبط مؤشر الدولار 0.1 في المائة إلى 103.80 نقطة. وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية خمس نقاط أساس، متخلية عن بعض المكاسب التي سجلتها يوم الجمعة. بينما واصل اليورو مكاسب بدأها منذ بداية يوم الاثنين ليرتفع 0.5 في المائة إلى 1.0891 دولار، وبدا عازماً على الحفاظ على مستوى بالقرب من 1.0905 دولار. وانخفض الدولار 0.6 في المائة أمام العملة اليابانية إلى 152.60 ين.

وقال متعاملون إن انخفاض الدولار ربما يكون مرتبطاً باستطلاع رأي أظهر تقدماً مفاجئاً لهاريس بثلاث نقاط في ولاية أيوا، وهو ما يعود إلى حد كبير إلى شعبيتها بين الناخبات.

وقال فرنشيسكو بيسول، خبير تداول العملات في «آي إن جي»: «يبدو أن الأسواق تقلص بعض الرهانات على فوز ترمب، ونحن نشك في أن اليومين المقبلين قد يشهدان بعض التقلبات غير الطبيعية في قيمة الدولار الأميركي أمام العملات الرئيسية بسبب التحولات الشديدة قبل الانتخابات الأميركية التي تشهد منافسة متقاربة للغاية».

وزادت الأسهم الأوروبية 0.2 في المائة، وكانت أسهم الطاقة من بين أكبر الرابحين، حيث دفع قرار «أوبك بلس» بتأخير خطط زيادة الإنتاج أسعار النفط إلى الارتفاع. وتفوقت الأسهم البريطانية على المؤشرات القارية لتضيف 0.5 في المائة، بمساعدة قطاع الطاقة.

وارتفع مؤشر «إم إس سي آي» للأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي خارج اليابان بنسبة 0.7 في المائة، متعافياً من هبوطه إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع يوم الجمعة. وارتفعت الأسهم الصينية القيادية بنسبة 1.4 في المائة، مع ارتفاع مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 1.2 في المائة.

وكانت «وول ستريت» أيضاً على استعداد لتحقيق مكاسب صغيرة، مع ارتفاع العقود الآجلة لـ«ناسداك»، و«ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة و0.1 في المائة على التوالي.

وارتفعت سندات الحكومة الأميركية، مع انخفاض العائدات على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بمقدار 8 نقاط أساس إلى 4.28 في المائة.