ثقافة التعددية والنخبوية

أعتى الديمقراطيات قد تواجه معضلات تطبيقية على مستويات تحتية

روبرت ميشيلز
روبرت ميشيلز
TT

ثقافة التعددية والنخبوية

روبرت ميشيلز
روبرت ميشيلز

لعلها تكون أخبار جائحة «كورونا» أو الظروف والقلاقل التي تمر بها الدول الكبرى هي التي أحضرت إلى الذاكرة مباشرة الكاتب الألماني - الإيطالي «روبرت ميشيلز» الذي عاصر عظماء من المفكرين الاجتماعيين والاقتصاديين في مطلع القرن العشرين، فهو رجل معروف، ليس من خلال كتابه العميق المتداول اختصاراً تحت عنوان «الأحزاب السياسية»، ولكن من خلال نظرية فكرية وردت به، وهي «القانون الحديدي للأوليغاركية Iron Law of Oligarchy»، وبلغة مبسطة جداً فإن هذا القانون الاجتماعي يؤكد على أن أي مؤسسة سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية سوف تخضع في النهاية لحكم أقلية «أوليغاركية» أو ما يمكن تسميته بالنخبوية. واقع الأمر أن «ميشيلز» كان في صباه أحد الأعضاء في «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» في ألمانيا ثم إيطاليا، وكان متحمساً بطبيعة الحال للفكر اليساري بخلفية عميقة في العلوم المختلفة، وكان مقرباً من المفكر الألماني العظيم «ماكس فيبر»، ولكنه بدأ يفقد ثقته في الحزب تدريجياً بسبب سلوك قيادته التي انحرفت به عن مبادئه وأهدافه ومساره الطبيعي، فترك الحزب وتفرغ للعمل الأكاديمي ليسعى من خلاله لوضع شرح عام عن أسباب هذا الانحراف للقيادة والحزب، فخلص بعد دراسة ممتدة إلى قانونه المشار هذا، وعمّم النظرية على أي تجمع اجتماعي فيه مجموعات مختلفة وإن كانت متفقة على الأهداف والمسار.
يؤكد هذا القانون أن القلة التي تصعد إلى سدة القيادة في المؤسسات أو النظم الإدارية غير التدرجية وإن كانت مؤسسات تتسم بمبادئ الديمقراطية والتعددية، فإن طبيعة المنظومة ذاتها تسمح بهذه النخبوية نتيجة عدد من العوامل، منها الطبيعة البشرية ذاتها، التي تفتح المجال أمام بروز قيادات قد تتمتع بمهارات قيادية وكاريزما، كما أن طبيعة التنظيم المؤسسي ذاته تحتاج لقيادة واقعية لإدارته، وهو ما لا يمكن أن يتأتى من خلال مشاركة جميع الأعضاء، فيما يمكن أن نسميه بالديمقراطية المباشرة والتي تكون فيها كل القرارات بموافقة كل الأطراف في إطار توافقي، ويكون من شأن هذا استحالة تفادي النخبوية.
من ناحية أخرى، يؤكد القانون على أن هذه الفئة النخبوية التي تقبض على السلطة في المؤسسة أياً كانت، لديها أسباب نسبية للاستمرار في صيانة هذه الوضعية، فهي أكثر تنظيماً عن باقي أفراد المؤسسة لقلة عددها ومن ثم أكثر تواؤماً، ما يسمح لها بفرض السيطرة خارج نطاق الجماعة، فيتحول الرأي الفردي أو الضيق إلى رأي عام غالب في المؤسسة، خاصة مع ضعف قدرات بقية الأفراد، ويضاف إلى ذلك أنه مع مرور الوقت يحدث ما يمكن تسميته «بالتموضع الاجتماعي»، أي أن هذه النخبة مع الوقت تصوغ لنفسها الشرعية المطلوبة للاستمرار، وهنا تبدأ الفجوة بين النخبة وباقي أعضاء التنظيم، ويحدث ما يمكن تشبيهه بصراع الطبقات وفقاً للنظرية الماركسية.
لقد أدى انتشار هذه النظرية إلى ما يمكن وصفه «بالنبوءة التي تحقق ذاتها» في بعض المؤسسات، فلقد طبق بعض علماء السياسة هذا القانون على الأحزاب الأميركية فاختلفوا في نتائج الأبحاث، فأكد البعض انطباقه عليها تماماً، بينما أثبت آخرون أن عناصر القانون لا تنطبق، كما وجه كثير من العلماء أبحاثهم لنقد هذه النظرية، لأنها لا تتضمن دراسة معمقة لكيفية حدوث النخبوية، فضلاً عن وجود قواعد صارمة في كثير من المؤسسات التي تتسم بالتعددية لوسائل الوقاية من الحكم النخبوي، وطبقوا النقد على كثير من المؤسسات، ولا سيما المرتبطة منها باتحادات العمال الأميركية.
سواء اتفق البعض على صحة القانون أم رفضه، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن هذا القانون يطبق على مؤسسات غير تدرجية الطابع، فنستطيع أن نراه في حياتنا اليومية بالعين المجردة وليس بالضرورة بالعين البحثية، فللإنسانية سمات مشتركة تفتح المجال أمام استمرار تكرار النموذج حتى مع اختلاف الهوية أو الثقافة بين الدول، ولكن ما يهمنا إبرازه هنا أن أعتى الديمقراطيات قد تواجه بمعضلات تطبيقية على مستويات تحتية قد تُحجم من أهدافها السامية، حتى إن المفكر العبقري «كينيث أروز» الحاصل على جائزة نوبل قد صاغ فرضية نسبت له تحت مسمى «الاستحالة الأروزية»، أكدت وجود تناقضات في عملية الاختيار الحر الديمقراطي والمباشر والتي تحمل في نفس الوقت في طياتها عناصر استحالة تطبيقها منطقياً أو رياضياً، وهو ما يشابه إلى حد كبير النظرية الجدلية التي صاغها العبقري الألماني «هيغل» في القرن التاسع عشر، ولهذا حديث قادم.
خلاصة الأمر أن «ميشيلز» بعدما طرح نظريته، التي جاءت بعد الإحباط الشديد لتجربته مع الحزب «الاشتراكي الديمقراطي»، فإن الرجل سرعان ما انضم إلى الحزب الفاشي الإيطالي بقيادة «موسوليني»، فاعتبر الرجل أكثر تمثيلاً للعامة في إيطاليا، ولكنه توفي عام 1936 قبل أن يشهد موت الزعيم وفساد الحزب واحتلال إيطاليا، وهو ما قد يدفعنا لأهمية تطبيق العين النقدية للقصور المؤسسي في التنظيمات غير التدرجية التي قد نعيش فيها أو بينها والتي هي وقود هويتنا وثقافتنا وطموحاتنا، وذلك حتى لا ننحرف في التطرف ونحن في مسيرة حب الحرية.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».