منجي حامدي لـ («الشرق الأوسط»): لسنا نموذجا لتصدير الثورة.. وتجربتنا السياسية خاصة بنا

وزير الخارجية التونسي يؤكد أهمية الدبلوماسية الأمنية لمواجهة الإرهاب

منجي حامدي لـ («الشرق الأوسط»): لسنا نموذجا لتصدير الثورة.. وتجربتنا السياسية خاصة بنا
TT

منجي حامدي لـ («الشرق الأوسط»): لسنا نموذجا لتصدير الثورة.. وتجربتنا السياسية خاصة بنا

منجي حامدي لـ («الشرق الأوسط»): لسنا نموذجا لتصدير الثورة.. وتجربتنا السياسية خاصة بنا

قال وزير الخارجية التونسي منجي حامدي، بأن نموذج التجربة السياسية في بلاده خاص بتونس فقط، وأنها ليست أنموذجا لتصدير الثورة، كما أكد حامدي في حوار مع «الشرق الأوسط» على أهمية الدبلوماسية الأمنية لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة.
وشدد الوزير على أن تونس كانت على علاقة طيبة مع جميع الدول، وهي حريصة في هذه المرحلة على تعزيز علاقاتها ودبلوماسيتها سياسيا واقتصاديا. وحول الأزمة الليبية قال حامدي بأنه لا يرى بديلا عن الحل السياسي في ليبيا، ودعا مختلف الأطراف المتنازعة للجلوس إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى توافق وطني، وأن أمن تونس واستقرارها مرتبط باستقرار ليبيا.
كما أكد وزير الخارجية التونسي أن علاقة بلاده بالجزائر شهدت تطورا لارتباط مصالح البلدين أمنيا وسياسيا واقتصاديا، ودعا الحكومة المقبلة التي ستتسلم مهامها في غضون أشهر إلى ضرورة الانفتاح أكثر على دول الخليج التي رأى وعبر زياراته لها أنها مهتمة بالاستثمار في تونس، لكن لها تحفظات مرتبطة بالأوضاع الأمنية غير المستقرة في ليبيا.
«الشرق الأوسط» التقت وزير الخارجية التونسي منجي حامدي في مقر وزارته في تونس وكان لنا معه حوار، إليكم نصه:

* ما هو تقييمكم للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي شهدتها تونس مؤخرا؟
- كانت فرصة تاريخية لتونس وللتونسيين لاختيار قائدهم، وهي تونس التي نريد، أن تتمتع بحرية الاختيار، عكست الانتخابات مستوى حضاريا مميزا، وتمت في إطار الشفافية التامة وحسن التنظيم، وهذا حسب شهادات المراقبين من الخارج والملاحظين في الداخل.
* كيف تنظر الدول الأخرى إلى تونس في هذه المرحلة؟
- أرى أن الخارج ينظر إلى تونس أحسن بكثير مما ينظر التونسيون إليها، ومنذ الوفاق الوطني والحوار الذي دار في تونس بين مختلف الأطراف، عبر المجتمع الدولي عن إعجاب بالتجربة التونسية.
وقد توقفت حكومة التكنوقراط في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان، والبرلمان الجديد، ونتمنى أن نركز في المدة القادمة على التنمية والنمو الاقتصادي، وقبل الثورة كان هناك نمو، لكن لم تكن هناك عدالة اجتماعية، فقد كانت طبقة بسيطة تستفيد من هذا النمو، والنظام الجديد يحاول خلق مواطن شغل والحفاظ على كرامة المواطن، وضمان العدالة في اقتسام الثروات ومحاولة القضاء على الفقر.
* في حديث سابق لنا مع وزير الاقتصاد والمالية التونسي، أكد أن الوضع السياسي أثر على الوضع الاقتصادي، حسب رأيكم إذا تمكنت تونس من تحقيق الاستقرار السياسي مع الحكومة الجديدة المقبلة، هل هذا كفيل بتحسين الأوضاع الاقتصادية؟
- أريد التعريج على أمر ما، باعتبار أنني رجل اقتصاد ومهندس بالإضافة إلى أنني وزير خارجية، لا شك في أن التجاذبات السياسية تؤثر على الاقتصاد، لكن نذكر أنه لا توجد ثورة في العالم لا تنتج عنها تجاذبات سياسية، والاقتصاد التونسي لم ينهر، ويعد النمو إيجابيا، وفي الواقع أن الـ3 سنوات التي مرت كان التركيز فيها على التجاذبات السياسية، لكن سنحاول في المرحلة القادمة العمل على تحقيق النمو والازدهار.
تونس حققت قفزة نوعية، ونريد أن يعود التونسي بطريقة للعمل منضبطة، ويؤمن بقدرات بلاده، وبأن كل المقومات موجودة لدينا.
* عفوا، لكن أرى أن هذه النظرة متفائلة أكثر من اللازم، هل يكفي أن يؤمن التونسي بقدراته وإمكانيات بلاده لتحقيق الاستقرار وتحسين ظروف العيش؟ نحن نعيش في منطقة تمر بمرحلة صعبة، والأوضاع في العراق وسوريا، وجارتكم ليبيا، ألا يؤثر كل هذا على الأوضاع في تونس؟
- مع الأسف المشكل الليبي يعد مشكلا تونسيا، لأن تداعياته الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تؤثر على تونس، ولا أتصور أن تونس ستستقر من دون استقرار ليبيا.
والكثير من المستثمرين التونسيين والأجانب يعتبرون تونس بوابة لأفريقيا، لكن عندما ينظرون لليبيا يترددون، فالوضع يمكن تشبيهه بمن يحاول بناء بيت والنار مشتعلة إلى جانبه، المستثمرون ينتظرون الوقت المناسب وهو طبعا استقرار الأوضاع في ليبيا.
وخاصة للتهديدات الأمنية الآتية من ليبيا، وحتى المستثمر التونسي خائف الآن من الدخول في مشاريع، ويخير الاحتفاظ بأمواله إلى أن تتضح الأمور، ليبيا هي بيت القصيد لكل الأمور في تونس، إضافة إلى العدد الهائل من الليبيين الموجودين في تونس وتأثيرهم على الاقتصاد التونسي.
* لكن الكثير من المتابعين يرون أن وجود الليبيين في تونس له الكثير من الإيجابيات، فهم يدخلون العملة الأجنبية للبلاد، ويشغلون النزل والمشافي الخاصة، فما ردكم على هذا؟
- نحن قمنا بدراسات عميقة حديثا أثبتت أن وجود الليبيين في تونس، له الكثير من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد، لأن الاقتصاد التونسي اقتصاد مدعوم، لكن الليبيين يدفعون ثمن البنزين، والمواد الغذائية الأساسية، وفي استهلاكهم للطاقة أيضا من كهرباء وماء مثل التونسيين تماما، وعددهم يفوق المليون في تونس، وهذا له تأثير.
وحتى الكثير منهم يعتمدون على المستشفيات العمومية، طبعا منهم كثيرون يعالجون في المشافي الخاصة لكن الكثير منهم يتمتعون بالخدمات الصحية العمومية وهي مدعومة من الدولة وشبه مجانية.
* إذا نظرتم إلى التحديات التي تواجهونها، والمشاكل بسبب الأزمة، ما هي الحلول التي ترون أنه ممكن تحقيقها على المدى القصير؟
- نؤكد أن الليبيين ضيوف كرام وليسوا لاجئين في تونس، ونحن متفائلون بالتوصل لحل سياسي في ليبيا قريبا وانفراج الأزمة، لكن في انتظار ذلك، اقترحنا وتقدمنا بطلب للسلطات الليبية لتخفيض أسعار النفط الذي نشتريه يوميا من ليبيا فنحن نشتري من ليبيا نحو 30 ألف برميل يوميا وليس من المعقول أن نشتريه بأسعار السوق، ثم يأتي الليبيون هنا ويشترون ويستهلكون البنزين بعد أن دعمته الحكومة التونسية.
فإذا وجدنا تجاوبا مع طلبنا قد يخفف هذا من الأزمة وقد وعدني كل من وزيري الخارجية السابق والحالي للتعاون في الموضوع.
* انعدام الاستقرار في ليبيا وتغير الحكومات بالشكل الذي نراه، كيف يؤثر على تعاملكم كجهات رسمية مع السلطات الليبية؟
- طبعا أثر علينا بشكل كبير لأن معاملاتنا كبيرة مع ليبيا وعدم الاستقرار أثر على هذه التعاملات وكان لنا الكثير من رجال الأعمال هناك، أعمالهم متوقفة الآن، تونس كانت سباقة منذ مدة لدعم المصالحة بين الفرقاء الليبيين وأنا شخصيا تحدثت مع 30 دولة التي يهمها الشأن الليبي، ووجهت رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وضحت فيها نتيجة المشاورات التي قمنا بها بخصوص الشأن الليبي، وطلبنا ضرورة أن يعمل الإخوة الليبيون على العمل بجدية على إنشاء حوار وطني ليبي - ليبي في ليبيا.
وفي الوقت الحالي هناك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يعمل حاليا في ليبيا ونحن نسانده مساندة كاملة، ويجب أن يعلم الجميع أنه لا يوجد حل بديل عن الحل السياسي في ليبيا.
* منذ فترة شهدنا الكثير من التحركات، وزيارات سياسيين ودبلوماسيين للجزائر، ومحادثات تخص الأزمة الليبية، فما هو الدور الذي تقوم به الجزائر؟ ولماذا الجزائر وليس المغرب مثلا؟
- الجزائر، لأننا نحن بوصفنا لجنة مكونة من دول الجوار تضم تونس، الجزائر، مصر، تشاد، النيجر، كلفناها بمتابعة الأزمة الليبية، خلال اجتماع قمنا به في مدينة الحمامات التونسية 23 و24 يوليو (تموز) السابق، أنشأنا لجنة هدفها تشجيع الفرقاء الليبيين على الجلوس على طاولة الحوار وبداية حوار وطني، بهدف الوصول إلى مصالحة وطنية وهذا ما تقوم به الجزائر الآن.
* رقم مخيف تداولته وسائل الإعلام مؤخرا عن عدد التونسيين الذين توجهوا للقتال في سوريا والعراق، في صفوف داعش وهو 3000 مقاتل ويتصدرون قائمة المقاتلين الأجانب، فما هي دوافعهم؟
- في الحقيقة عندما نسمع مثل هذا الرقم الهائل ننزعج جدا ونتساءل عن دوافع توجه التونسيين للحرب في مناطق النزاع من بلد يعرف الاعتدال الاجتماعي مثل تونس.
نحن منزعجون لكن مستعدون لكل الاحتمالات.
* ماذا تقصدون بالاستعداد لمختلف الاحتمالات؟
- هذه مسائل أمنية، لكن سيتم التعامل معهم في إطار القانون وهناك جهات مختصة تابعة لوزارة الداخلية وجاهزة للتعامل مع العائدين منهم، بصفة أمنية وإرشاد أيضا، لأن الكثير منهم من المغرر بهم، لكن سيتم التعامل معهم بكل حزم وجدية.
فالمصلحة الوطنية قبل كل شيء.
* هل اتخذت الحكومة إجراءات احترازية لوقف تدفق الشباب التونسي للقتال في صفوف الإرهابيين؟
- أنا تحدثت عن التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء الدفع بهذا العدد الهائل للتوجه للقتال، لكن هناك الكثير من الشبكات المسؤولة عن تهريب هؤلاء الشباب، والتي نجحت إلى حد الآن وزارة الداخلية في تفكيك الكثير منها، وهناك إجراءات احترازية أكثر.
* الآن عندما نتحدث عن الدبلوماسية، وخاصة المتعلقة بالعلاقات الخارجية، نتحدث بالضرورة عن دبلوماسية اقتصادية، إذا أردنا رصد الدبلوماسية الاقتصادية، وتأثير ما مرت به تونس من 2011. ما هو الرسم البياني (الغراف) الذي تقدمونه ونسبة الاهتزازات فيه؟
- في الواقع تونس وصلت الاستثمارات الخارجية فيها إلى أحسن نسبها وأعلاها سنة 2006. وكان ذلك أساسا بفضل شبكة «اتصالات تونس»، و2007 و2008 نزلت بسبب الأزمة الاقتصادية في أوروبا، ثم عادت نسبيا سنة 2010 ثم 2011.
الآن هي أقل بكثير من مستوى تطلعاتنا، وهناك الكثير من الخليجيين وخاصة الإماراتيين الذين يطمحون للاستثمار في تونس، وقد تقابلت مع الكثير، منهم موانئ دبي «مبادلة»، هم مهتمون جدا بتونس لكن هناك تحفظ من الناحية الأمنية.
* ألا ترون أن امتناع الإمارات وبعض دول الخليج الأخرى عن الاستثمار في تونس، لعلاقة الحكومة بدولة قطر؟
- نعم ربما كان هذا الأمر في فترة ما، لكن الآن ومع الحكومة الجديدة نتمتع بعلاقات ممتازة وعلى أعلى مستوى مع كل الدول، لنا علاقة استراتيجية مع الإمارات ومع قطر ومع المملكة العربية السعودية التي لنا معها تشاور وتنسيق.
وكذلك مع مصر علاقاتنا مميزة ومع كل الدول.
* ماذا عن تركيا؟
- نفس الشيء لا مشكل لنا مع أي دولة، وأريد أن أذكرك بشيء، أنا زرت مصر منذ 4 أسابيع ومن مصر زرت تركيا ومنها الجزائر ثم المغرب، ثم الإمارات ومنها إلى قطر، وكل هذا يصب في سبيل تعزيز العلاقات، رغم أي اختلافات، بالنسبة لنا في تونس كل هذه الدول شقيقة وصديقة، ونسعى لعلاقات متميزة. وميزة الدبلوماسية التونسية هي صفر مشاكل مع كل الدول.
نمر بظروف صعبة كلها توتر وإرهاب وغيره، التهريب، نحن نحاول الوقوف للتحديات الأمنية على خط واحد، بقطع النظر عن الخيارات السياسية المختلفة.
* هل تعززت العلاقات الخارجية في هذه المرحلة مع الجزائر، خاصة مع التحديات الأمنية التي تواجهها تونس، ومسألة الإرهاب؟ سمعنا الكثير عن الاستعانة بالخبرات الجزائرية في التصدي للإرهابيين وخاصة في المناطق الحدودية وجبال الشعانبي؟
- العلاقات طبيعية، نحن نؤمن بأن مستقبلنا مستقبل واحد، ومصيرنا واحد وأمن تونس من أمن الجزائر، وأمن الجزائر من أمن تونس، وهناك رغبة حقيقية من البلدين لتعزيز العلاقات.
والعلاقات الجزائرية التونسية اليوم وحسب الملاحظين في أعلى مستوياتها. كذلك علاقتنا مع المغرب لنا تشاور أمني وتعاون في الكثير من المجالات.
* يرى متابعون أن ما وقع في مصر غير القوى السياسية في تونس، وأثر عليها، هل هذا صحيح، وإلى أي مدى تأثرت الأوضاع في تونس بما شهدته مصر؟
- نحن نسعى لحل مشاكلنا عبر الحوار الوطني، ولنا طبقة سياسية غلبت المصلحة الوطنية على مصالحها الشخصية، ولهذا السبب نجحنا في تحدياتنا السياسية التي مرت بالبلد وأرادت أن تقسمه إلى شقين، شق إسلامي وشق علماني، لكن بفضل التسامح وانفتاح التونسي وطبعه تمكنا من تجاوز الأزمة.
* لكن هل فعلا طبع التونسي كان سببا كافيا لتجاوز الأزمة؟
- أنا أرى أن لنا شعبا واعيا، وطبقة سياسية واعية، ومجتمعا مدنيا قويا جدا، وحتى إذا عدتم بذاكرتكم إلى 2011 وفي أشد أيام «الثورة» تصعيدا، لم ينقطع التيار الكهربائي، أو الاتصالات الهاتفية لدقيقة واحدة، وهذا ما يعكس قوة المؤسسات.
لكن أود التشديد على أننا لا نعتبر تونس نموذجا لتصدير الثورة، ولا نرغب في ذلك هي تجربة سياسية لتونس وتونس فقط.
* ماذا تقولون للحكومة الجديدة التي ستتسلم زمام الأمور بعدكم، وما هي التحديات التي ستواجهها؟
- نتمنى أن تكون أفضل من حكومتنا، وأن يكون الآتي أحسن من الماضي، لكن طبعا ستكون أمامها تحديات أمنية واقتصادية، حول الإرهاب والتونسيين في سوريا والعراق، والاقتصاد.
ومن المهم العمل على دعم الدبلوماسية الاقتصادية والبحث عن أسواق واعدة للمستثمرين خاصة في الدول الأفريقية، كما أؤكد على أهمية الدبلوماسية الأمنية للتمكن من مواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية الجديدة، وكذلك أتمنى دعم الفضاء المغاربي، ونأمل أن يتطور التعامل الجدي مع دول الخليج التي لم يكن التعاون معها بالمستوى المطلوب، فنحن نسعى للانفتاح أكثر على كل دول الخليج من دون استثناء.



تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.