مستشار للحكومة البريطانية يدعو إلى تأجيل رفع القيود

تراجع حدة الوباء يهدد بإعادة تشريد 15 ألف شخص

رجل من دون مأوى في وسط لندن (أ.ف.ب)
رجل من دون مأوى في وسط لندن (أ.ف.ب)
TT

مستشار للحكومة البريطانية يدعو إلى تأجيل رفع القيود

رجل من دون مأوى في وسط لندن (أ.ف.ب)
رجل من دون مأوى في وسط لندن (أ.ف.ب)

قال أحد المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، أمس الأحد، إن كثيراً من الأرواح راحت ضحية تأخر السلطات في فرض إجراءات العزل العام على مستوى البلاد لمكافحة انتشار فيروس «كورونا» في وقت مبكر، وفق وكالة «رويترز».
وأشار إحصاء الوكالة، الأسبوع الماضي، إلى أن بريطانيا تعدّ من أكبر الدول تضرراً بالمرض في العالم؛ إذ تخطى مجمل وفياتها 50 ألفاً، مع احتساب الحالات المشتبه بها. ويقول منتقدون، بينهم مختصون في المجال الطبي وعلماء ونواب، إن استجابة الحكومة للوباء تأخرت، وانتقدوا بطء فرض إجراءات ضرورية مثل العزل العام وحماية المسنين في دور الرعاية. ورغم تحفظات بعض مستشاريها العلميين، فإن حكومة بوريس جونسون بدأت في تخفيف إجراءات العزل العام على مستوى البلاد، والذي تسبب في توقف أغلب الأنشطة الاقتصادية منذ 23 مارس (آذار) الماضي.
ولدى سؤاله خلال مقابلة مع تلفزيون «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» عمّا يأسف عليه بشأن مكافحة التفشي، قال جون إدموندز، وهو عضو في فريق المستشارين العلميين للحكومة في حالات الطوارئ: «كان يجب علينا أن نفرض إجراءات العزل العام في وقت مبكر أكثر». وتابع قائلاً إن «البيانات التي كنا نتعامل معها في أوائل مارس، ووعينا بالموقف، كان متواضعاً جداً. وبالتالي؛ أعتقد أنه كان من الصعوبة البالغة أن نصدر الأمر في تلك المرحلة، لكن كنت أتمنى لو فعلنا... أعتقد أن عدم فعل ذلك كبّدنا خسارة كثير من الأرواح».
وبتوجيه سؤال لوزير الصحة مات هانكوك عمّا إذا كان يتفق مع إدموندز، قال الوزير: «لا. أعتقد أننا اتخذنا القرارات الصائبة في الوقت المناسب... لقد اتبعنا إرشادات العلم». وفي حديثه عن تخفيف القيود، أكد هانكوك لقناة «سكاي نيوز» التلفزيونية أن الحكومة تعتمد «نهجاً حذراً»، وأن «أسوأ شيء يمكن حدوثه للاقتصاد هو موجة ثانية» من العدوى، التي ستؤدي إلى إغلاق عام جديد، وشدد على أنه لن تتم التضحية بالصحة لصالح الاقتصاد.
في المقابل، أشارت دراسة أجرتها السلطات الصحية البريطانية وباحثون في جامعة كمبريدج إلى أن انتشار الفيروس يتسارع، وإن كان بشكل طفيف. وحذر إدموندز من أن «الوباء لم ينته بعد بالتأكيد»، مضيفاً لهيئة الإذاعة البريطانية «إذا قلّ حذرنا، فإن هذا الوباء سيعود بسرعة كبيرة». كما لفت إلى أنه يفضل تأجيل تخفيف القيود لحين تراجع أعداد الإصابات الجديدة بصورة أكبر.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية، أمس، أنها ستعيد فتح دور العبادة في 15 يونيو (حزيران) الحالي لإقامة «الصلوات الفردية»، في مرحلة جديدة من عملية تخفيف الإغلاق العام التدريجية والتي تثير القلق في المملكة المتحدة، ثاني أكبر دولة تضرراً بالوباء في العالم. ومن المقرر إعادة فتح المتاجر «غير الأساسية»، لا سيما تلك المخصصة لبيع الكتب أو الملابس أو الألعاب، في هذا التاريخ إذا بقي فيروس «كورونا» المستجدّ تحت السيطرة، فيما تُحظر إقامة القداس في الوقت الحالي.
وذكر مكتب رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون في بيان أنه سيقدم تفصيلاً حول المرحلة التالية من تخفيف الإغلاق العام خلال الأسبوع المقبل، وذلك بعد إعادة فتح بعض رياض الأطفال والصفوف الابتدائية في 1 يونيو الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع لمجلس للوزراء غدا الثلاثاء. وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن رئيس الوزراء، الذي وجهت إليه انتقادات عدة بسبب تأخره في أخذ الأزمة على محمل الجد في بدايتها، ينوي حالياً الإسراع في رفع القيود المفروضة منذ نهاية مارس من أجل تفادي خسارة الملايين من الوظائف.

أزمة السكن تهدد الآلاف

في سياق آخر، ومع تراجع حدة الوباء، يخشى آلاف المشردين في بريطانيا الاضطرار إلى العودة للشارع بعدما استقبلتهم الفنادق الخالية من الزبائن بهدف تجنب إصابتهم بفيروس «كورونا» المستجد. وكما للثلاثينية ليزا، التي كانت تعيش في الطريق، سُمح لنحو 15 ألف شخص دون مأوى بالإقامة بفنادق مغلقة في إجراء طارئ، ضمن خطة غير مسبوقة وضعتها حكومة حزب المحافظين أواخر مارس للحدّ من تفشي «كوفيد19».
وكانت الشابة، التي تعاني من مرض مزمن، مكتفية حتى الآن بفرصة للنوم من وقت لآخر في مراكز إقامة جمعية «غلاس دوور». وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن إمكانية النوم في سرير كانت تشكل لي غاية السعادة». ولكن مع بدء الحكومة البريطانية في رفع الإغلاق، أصبح القلق يساور ليزا بشكل متزايد، فلا يمكن لها الاحتفاظ بغرفتها في الفندق إلا حتى أواخر يونيو الحالي. وأشارت الشابة إلى أن البرنامج الحكومي منحها «بارقة أمل في إمكانية تغيير الوضع»، بينما «عندما نكون في الشارع، نشعر بأن الأمور لن تتغير أبداً». وتضيف: «كلي ثقة في الجمعيات. إنها لن ترمينا في الشارع»، موضحة: «ولكن إذا تعينت علينا العودة إلى نوع السكن المؤقت نفسه كما من قبل، فإن التاريخ سيعيد نفسه».
ويحث القطاع الخيري الحكومة على توضيح نواياها إزاء المشردين المعرضين بشكل خاص لـ«كوفيد19». وقالت مديرة جمعية «غلاس دوور»، لوسي أبراهام، إن «إعادة الأشخاص إلى الشارع ليس حلاً، لكن الوقت ينفد أمام إيجاد بديل». وأشارت بالبر تشاتريك من جمعية «سنتربوينت» للشباب دون مأوى، إلى وجود «قصص لا تصدق عن أشخاص انتهزوا هذه الفرصة حقاً وأظهروا أنه يمكنهم الاهتمام بمسكنهم»، مضيفة: «لكن كثراً آخرين يحتاجون إلى دعم مكثف، لا يمكن تأمينه إلا بوجود سكن ثابت».
ويُخشى من أن تؤدي الأزمة الاقتصادية الحادة التي سببها الوباء وفقدان كثير من الوظائف في نتيجة طبيعية لذلك، إلى زيادة عدد الأشخاص دون مأوى، الأمر الذي يتطلب تدابير أوسع، وفقاً للجمعيات. ورحبت الجمعيات في رسالة إلى الحكومة بالإجراءات التي اتخذتها السلطات، عادّةً أنه «يجب فعل المزيد»، خصوصاً أنه لا يمكن استبعاد حدوث موجة ثانية من الإصابات.
وبعد سنوات من التقشف وتخفيض التمويل الحكومي المخصص للسلطات المحلية، تواجه المملكة المتحدة نقصاً حاداً في المساكن منخفضة الإيجار. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد المشردين بنسبة 141 في المائة في السنوات العشر الماضية، بحسب الجمعيات. وتعهد رئيس الوزراء جونسون، خلال حملة الانتخابات التشريعية في ديسمبر (كانون الأول) التي حقق فيها فوزاً كبيراً، بالحد من التشرد في غضون 5 سنوات، عبر تخصيص ميزانية بقيمة 650 مليون جنيه إسترليني (731 مليون يورو) لهذه القضية.
وجدد وزير الإسكان روبرت جنريك هذا الالتزام في مايو (أيار) الماضي، وأعلن عن تسريع بناء 6 آلاف وحدة سكنية جديدة، ينجز أكثر من نصفها العام المقبل. وقال إن «هذه الحكومة لا تريد أن ينام أحد في الشارع بعد الآن، ولدينا الآن فرصة حقيقية لتطبيق هذا الالتزام الأخلاقي». ومدد الوزير حتى أغسطس (آب) المقبل منع عمليات الإخلاء القسري من المساكن التي يتخلف مستأجروها عن دفع المستحقات عليهم. وعدّت الجمعيات الإجراء غير كافٍ، حيث لا يستفيد الجميع منه رغم تدابير الطوارئ المعمول بها، مثل السجناء الذين أطلق سراحهم مؤخراً ولم يتمكنوا من الحصول على غرفة فندق.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.