في وقت بدا فيه أن مخطط الضم الذي ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمريره في مطلع يوليو (تموز) القادم، يواجه معارضة دولية ومحلية كبيرة، كشفت مصادر دبلوماسية أن ألمانيا الصديقة والحليفة لإسرائيل، قررت زيادة تدخلها لوقفه. وأن وزير خارجيتها، هايكو ماس، ينوي زيارة تل أبيب، الأربعاء، لإقناع قادتها بوقفه، كونه «يلحق ضررا بجميع الأطراف، فضلا عن أنه لن يساعد على إنقاذ عملية السلام».
وقالت هذه المصادر، إن «ألمانيا قررت التوضيح لإسرائيل وللإدارة الأميركية، بأن الضم أحادي الجانب لمناطق في الضفة الغربية، مغامرة غير محسوبة يمكنها أن تضعضع بشكل كبير الاستقرار الإقليمي والدولي»، وإن «تحديد الأول من يوليو، لتنفيذ، لهو الموعد الأسوأ الذي يمكن أن يخطر بالبال، تزامنا مع أزمة كورونا».
وتعمل ألمانيا، على هذا الضغط، سوية مع الأمم المتحدة، بدعم تقريبا من جميع دول الاتحاد الأوروبي (باستثناء هنغاريا)، وبدعم من دول الجامعة العربية. واقتبس دبلوماسيون غربيون أقوال الزعيم الصهيوني والرئيس الأسبق للوكالة اليهودية، ناحوم غولدمان، في سياق مماثل «الدبلوماسية هي فن تأجيل ما لا يمكن منع وقوعه، قدر الإمكان».
وقال دبلوماسي إسرائيلي قديم، أمس، إن «ألمانيا تعتبر إحدى الدول المؤيدة البارزة لإسرائيل في المنظمات الدولية، وتعتبر حارسة عتبة القانون الدولي. وتسببت تصريحات نتنياهو عن ضم المناطق في أول يوليو، بإحراج كبير في برلين، خصوصا أنها بالضبط في هذه الفترة، ستتولى مهام الرئيس المناوب للاتحاد الأوروبي، وفي موازاة ذلك رئاسة مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وهما الوظيفتان اللتان سيجبرانها على الاختيار بين إخلاصها للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والتزامها التاريخي تجاه إسرائيل».
وسيصل الوزير الألماني إلى تل أبيب للقاء كل من نتنياهو ورئيس الحكومة البديل في حكومته وزير الدفاع، بيني غانتس، ووزير الخارجية، غابي أشكنازي، وهدفه الأساس التحذير بشكل رسمي من الضم والطلب «ألا تدفع إسرائيل ألمانيا نحو معضلة شديدة كهذه». وحسب برنامج الزيارة، فإنه سيهبط، يوم الأربعاء، في إسرائيل، وبعد ذلك ستكون محادثة فيديو مع القيادة الفلسطينية. وفي المساء سيسافر إلى الأردن ليناقش مع الملك عبد الله هذه المواضيع.
وكشفت مصادر دبلوماسية في تل أبيب، أمس الأحد، أنه في حال قامت إسرائيل فعليا بالضم في نهاية المطاف، فإن الأمر الأول الذي سيحدث هو سلسلة بيانات وقرارات ضد هذه الخطوة في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي وفي الجامعة العربية. وباستثناء الأميركيين، لن تكون هناك دول كثيرة ستعترف بالضم أحادي الجانب مثلما كان الأمر أيضا بخصوص الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية في القدس وفي هضبة الجولان. ولكن الضرر الحقيقي على إسرائيل لن يكون فقط في فرض أو عدم فرض عقوبات محددة، بل في إعادة فحص نظرة العالم للمستوطنات. فالآن يميزون في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بين إسرائيل نفسها وبين مستوطناتها في المناطق المحتلة، ويعتبرون هذه المستوطنات غير شرعية. ويوجد هناك تعاون في مجالات كثيرة مع إسرائيل نفسها، لكن من دون المستوطنات، حيث يتم إقصاؤها وإخراجها من الاتفاقات. «ولكن، إذا أعلنت إسرائيل بأن المناطق هي جزء لا يتجزأ منها، فلن يكون بالإمكان التمييز، وكل تعاون مع إسرائيل سيكون في خطر حتى من دون الحاجة إلى الإعلان عن عقوبات»، بحسب المصدر.
وفي موازاة الدور الألماني، بممارسة الضغط الهادف لتأجيل الضم، تستعد دول كثيرة للرد على إسرائيل. وحسب مصدر مقرب من السفارة الإسرائيلية في بروكسل، فإن فحصا يجري في الاتحاد الأوروبي حول إمكانية فرض عقوبات، مثل منع إشراك إسرائيل في اتفاقات التعاون ومنح جديدة في مجال الأبحاث الأكاديمية، وعقوبات على مستوى العلاقات المباشرة بين الدول.
وكانت تل أبيب شهدت واحدة من أكبر المظاهرات السياسية، اليهودية العربية المشتركة، ليلة السبت – الأحد، لمناسبة الذكرى الـ53 لحرب 1967 وللاحتجاج على الضم. وقد حاولت الشرطة منع هذه المظاهرة ولم تعط تصريحا لها إلا مساء الجمعة، واشترطت ألا يشارك أكثر من 2000 شخص، ومنعت سيرها في الشوارع وفرضت بقاءها في ميدان رابين، لكن عدد الحضور تجاوز 6000 حاولوا السير بالقوة في الشوارع، وانبطوا أرضا كي يمنعوا إخلاءهم، إلا أن الشرطة بطشت بالعشرات واعتقلت بعضهم وفتحت الشارع بالقوة. ورفع المتظاهرون العرب أعلام فلسطين ورفع اليهود أعلام إسرائيل، وهتفوا معا ضد الاحتلال الفاسد والمفسد وحذروا من نظام أبرتهايد في حال منعت إسرائيل قيام دولة فلسطينية. وهتفوا ضد قتل الشاب الفلسطيني المعوق إياد الحلاق في القدس الأسبوع الماضي.
وتكلم في المتظاهرين، السيناتور الأميركي الديمقراطي، بيرني ساندرز، بكلمة عبر الفيديو، فقال: «هناك ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وفي أرجاء العالم يؤيدون القيم الإنسانية الأساسية التي يرفعها المتظاهرون من أجل السلام. يجب علينا جميعا، الوقوف ضد زعماء مستبدين وبناء مستقبل من السلام من أجل كل فلسطيني وكل إسرائيلي». وأضاف: «مثلكم، أنا أؤمن بأن مستقبل الفلسطينيين والإسرائيليين مرتبط، ويستحق أولادكم العيش بأمان وحرية ومساواة. ومن أجل أن يكون هذا ممكنا فإن خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية بصورة غير قانونية يجب أن يتوقف». وتكلم رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة، أيضا عبر الفيديو، فقال: «نحن في مفترق طرق، طريق يؤدي إلى مجتمع مشترك مع ديمقراطية حقيقية ومساواة اجتماعية وقومية للمواطنين العرب، والطريق الأخرى تؤدي بنا إلى الكراهية والعنف والضم والأبرتهايد. يمكننا وقف الضم، لكننا جميعا يجب علينا محاربته. لن تكون أي عدالة اجتماعية إذا لم ينته الاحتلال لأنه لا توجد ديمقراطية لليهود فقط».
وقال رئيس حزب ميرتس، نيتسان هوروفيتس: «الضم جريمة حرب. جريمة ضد السلام. جريمة ضد الديمقراطية وجريمة ستكلفنا سفك الدماء. الأشخاص الذين كان يجب أن يكونوا البديل، الذين حصلوا على أصواتنا، رفعوا الأيدي وزحفوا إلى الطرف الثاني. بني غانتس وغابي أشكنازي وعمير بيرتس وآفي نسكورن، أنتم شركاء كاملون، وأنتم الذين تعطون الدعم والشرعية لهذه الكارثة – والمسؤولية تقع على عاتقكم».
ألمانيا تدخل على خط إقناع نتنياهو بالتراجع عن «الضم»
ارتفاع الاحتجاج الجماهيري رغم مواجهة الأمن الإسرائيلي
ألمانيا تدخل على خط إقناع نتنياهو بالتراجع عن «الضم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة