الجزائر والرباط تطويان «أزمة قنصل وهران»

TT

الجزائر والرباط تطويان «أزمة قنصل وهران»

طوت الجزائر والرباط صفحة من التوتر في علاقاتهما، بعد أن غادر قنصل المغرب بمدينة وهران غرب الجزائر، على إثر حادثة وقعت في الشهر الماضي، زادت من تعقيد العلاقات الثنائية، تتمثل في وصف القنصل للجزائر بـ«البلاد العدوة». وأفادت مصادر حكومية بأن الدبلوماسي بوطاهر أحرضان، عاد إلى المغرب الخميس الماضي في طائرة نقلت عشرات الرعايا المغاربة المقيمين في وهران، كانوا طلبوا منذ شهرين إجلاءهم إلى بلدهم في ظل أزمة «كوفيد - 19». وأوضحت المصادر ذاتها أن الحكومة الجزائرية طلبت من المغرب، بعد «الحادثة»، سحب دبلوماسيه، وأن طلبها لقي استجابة.
وشوهد القنصل أحرضان في مطار وهران الخميس بالتزامن مع رحلة نظمتها الخطوط الملكية المغربية إلى مدينة الدار البيضاء. ونقلت الطائرة 300 مغربي يعملون في ورش البناء ويمارسون بعض الحرف في وهران. وكان نحو مائة مغربي غادروا الجزائر العاصمة منذ شهر تقريباً، بناء على طلبهم. وخلَفت «حادثة قنصل المغرب في وهران» استياء بالغاً لدى الحكومة الجزائرية وفي الأوساط الشعبية أيضاً. فقد ظهر في فيديو وهو يتحدث إلى مغاربة نظموا مظاهرة أمام مبنى القنصلية للمطالبة بترحيلهم بعد أن توقفت أعمالهم في وهران بسبب جائحة كورونا، إذ قال لأحد المحتجين دعاه إلى وقف الاحتجاج ومغادرة المكان: «أنتم تعرفون كل شيء، نحن في بلاد عدوَة... نقولها لكم صراحة»، وكان يشير إلى الخصومة الشديدة بين الجارين المغاربيين بسبب نزاع الصحراء الغربية.
وبعد أن تفاعلت وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بقوة مع القضية، صرَح القنصل بوطاهر في الإعلام المغربي بأنه لم يتلفظ بعبارة «بلاد عدوَة»، وأكد أن مقطع الفيديو المثير للسخط «مفبرك». غير أن الجدل الذي أحدثته القضية أظهر أن استدراك الموقف كان مستحيلاً، خاصة أن الإعلام كان قد هيأ الظروف لإنهاء مهام الدبلوماسي المغربي في الجزائر. يشار إلى أن الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ عام 1994، في حين أن الرحلات الجوية بينهما مستمرة بشكل عادي. ورغم أن القطيعة هي سمة العلاقات السياسية طيلة هذه الفترة، فإن العلاقات على المستوى الشعبي غير ذلك تماماً.
في موضوع آخر، قالت الخارجية الجزائرية في بيان أمس، إنها «أخذت علماً بالمبادرة السياسية الأخيرة الهادفة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية». في إشارة إلى «إعلان القاهرة» الذي صدر أول من أمس لتسوية الأزمة الليبية، وذلك على إثر لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفرت. وأكد البيان أن الجزائر «تذكَر بموقفها القائم على الوقوف على مسافة واحدة من الأشقاء الليبيين وبالجهود التي بذلتها على مختلف الأصعدة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، بدءًا بوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة الحوار التي تجمع الفرقاء الليبيين من أجل حل سياسي شامل وفقاً للشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وفي إطار احترام إرادة الشعب الليبي الشقيق».
وأضاف البيان بأن الجزائر «تجدد تمسكها بالدور المحوري لدول الجوار من أجل تقريب وجهات النظر بين الأشقاء الليبيين من خلال اعتماد الحوار الشامل كسبيل وحيد لتحقيق السلام في ليبيا، وضمان وحدة وسلامة أراضيها. ومن هذا المنطلق، فإن الجزائر تدعو مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين لتنسيق جهودهم، لإيجاد تسوية سياسية دائمة للأزمة في هذا البلد الشقيق».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.