دود القز يفتح آفاقاً جديدة لمكافحة السرطان

علماء من «كاوست» واليابان يطوّرون داخلها جزيئات التصاق بشرية

الدكتورة ياسمين ميرزابان (يسار) والدكتورة فجر العيسى
الدكتورة ياسمين ميرزابان (يسار) والدكتورة فجر العيسى
TT

دود القز يفتح آفاقاً جديدة لمكافحة السرطان

الدكتورة ياسمين ميرزابان (يسار) والدكتورة فجر العيسى
الدكتورة ياسمين ميرزابان (يسار) والدكتورة فجر العيسى

لا تقتصر فوائد دودة القز على مجرد صناعة خيوط حريرية متينة وماصة تستخدم في الأنسجة، فقد نجحت مجموعة من علماء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) حالياً في جعل هذه الحشرات التي تشبه اليرقة تصنع صيغة بشرية من «إي سلكتين» E - selectin، وهو جزيء التصاق تعبر عنه الأنسجة المبطنة للسطح الداخلي للأوعية الدموية.
ويعمل هذا الجزيء كلاصق خطافي حيث يتمسك بالخلايا التائيّة التي تمثل عنصراً رئيسيّاً في جهاز المناعة البشري وتؤدي دورا هاما في حماية الإنسان من مسببات الأمراض الضارة، مثل الفيروسات والبكتيريا والسرطانات.
وقد طورت الدكتورة ياسمين ميرزابان، اختصاصية الكيمياء الحيوية، وفريقها في كاوست بالتعاون مع شركاء لهم في جامعة كايوشو في اليابان دود قز، ينتج أنواعاً مختلفة من «إي سلكتين». ومن ثم درس الباحثون تفاعل بروتينات الالتصاق المختلفة مع الخلايا ليكتشفوا إمكانية زيادة لزوجته قياساً بتفاعل نطاق ربطه الطرفي مع الجزيئات المستهدفة.
وبينّوا للمرة الأولى أن ذراع الوصل في «إي سلكتين»، وهو منطقة متكررة متغيرة الطول (تعرف بنطاق التكرار التوافقي) تجعل يد البروتين تمتد لتمسك بخلايا متدفقة، بالغ الأهمية في عملية الارتباط. وأوضحت ميرزابان وزملاؤها أن أنواع السلكتينات إي ذات الذراع الأطول، أفضل في ربط خلايا الدم الجذعية. ولكن يبدو أن ما يمكن أن نطلق عليه «يد البروتين ومعصمه»، وحدهما يتحكمان بسرعة إمساك هذا الجزيء للخلايا.
وتلقي هذه النتائج الضوء على الانتقال الطبيعي لمكونات الدم من الأنسجة وخارجها، ولعلها تشرح أيضاً كيف تنتقل الخلايا السرطانية الخبيثة في الدم إلى أعضاء بعيدة لزراعة أورام جديدة في كافة أجزاء الجسم.
وشرحت ميرزابان ذلك قائلة: «بناءً على عملنا فقد يسهم تقييم قدرة مكونات جزيء «إي سلكتين» على إيقاف تفاعلات الالتصاق في إحراز نتائج ذات فوائد علاجية».
وتبحث ميرزابان حالياً، إلى جانب أعضاء من فريقها، في إمكانية إنتاج بروتينات «إي سلكتين» في المختبر لتصبح بمثابة أفخاخ في الجسم. ويجب أن تدخل هذه الجزيئات المنتجة بين الخلايا السرطانية وجزيئات الالتصاق «إي سلكتين» الطبيعية الموجودة في الأوعية الدموية أو في نقي العظم، لتخفض بالتالي من معدل هجرة الخلايا السرطانية وانتقالها من عضو إلى آخر، أو تمنع خلايا الورم من الاختباء في أعضاء أخرى بعيداً عن نطاق العلاج الكيميائي.
ولإنتاج المزيد من جزيئات «إي سلكتين»، سيعمل الفريق مجدداً على تربية أعداد ضخمة من دود القز البيضاء الكريمية المحورة وراثياً. وهناك خيارات أخرى كثيرة لإنتاج البروتين على نطاق واسع، ومنها استخدام خلايا مبيض الهامستر الصيني وأنظمة الزرع البكتيري. ومن جانبها، قالت الدكتورة فجر العيسى، المؤلفة الأولى للدراسة، وطالبة الدكتوراه السابقة في مجموعة مختبر ميرزابان، إن نظام التعبير لدى دودة القز يوفر مزية إنتاج بروتينات ثدييات فعالة على نطاق واسع بكميات كبيرة وتكلفة منخفضة.



تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟
TT

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

لسنوات عديدة، كانت أجهزة التجميل في المنزل تقتصر على مجفف للشعر أو ربما فرشاة أسنان كهربائية.

ترويج أجهزة التجميل المنزلية

أما اليوم، فإنها أضحت موجودة في كل مكان أو أكثر تقدماً من أي وقت مضى، مع تسويق منتجات يتم ترويجها بكثافة تتراوح من أقنعة مصابيح «ليد» LED التي تكلف 500 دولار التي تعد بتخفيف الخطوط الدقيقة في الوجه و تقليل التبقّع والاحمرار... إلى عصي الليزر التي تزيل الشعر غير المرغوب فيه من الجسم بشكل دائم (أو هكذا يزعمون).

تجميل منزلي أرخص

تكمن جاذبية هذه الأدوات، جزئياً، في فكرة القدرة على إحضار الرعاية الذاتية الطبية إلى المنزل دون الحاجة إلى الذهاب إلى عيادة طبيب الأمراض الجلدية (أو جراح التجميل). ففي سلسلة مراكز المنتجعات الطبية Ever/Body، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة إزالة الشعر بالليزر ما يصل إلى 300 دولار لكل جلسة؛ وتنصح الشركة بستة إلى عشرة علاجات بالإضافة إلى ضرورة «الصيانة» السنوية.

زيادة حادة في أدوات العناية المنزلية

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدر تقرير صادر عن Beauty Tech Group وPricewaterhouse Coopers أن أجهزة التجميل المنزلية تنمو بمعدل أربعة أضعاف في فئة العناية بالبشرة، وتوقع أن تصل المبيعات إلى 92.55 مليار دولار بحلول عام 2028.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم أجهزة «اصنعها بنفسك» نوعاً آخر من «العملات المرئية» أيضاً: فهي تميل إلى أن تكون براقة ومكلفة وفي صور السيلفي تجعلك تبدو رائعاً أو مخيفاً، مثل بطل خارق صغير أو شخصية من أفلام الخيال العلمي.

قبعات ضوئية وعصي ليزرية

وتنبع جاذبية هذه الأدوات جزئياً من الصفقات الأرخص نسبياً التي يبدو أنها تقدمها، عندما يتعلق الأمر بأحدث الابتكارات التكنولوجية في الرعاية الشخصية.

* قبعة الضوء الأحمر من Higher DOSE تكلف 449 دولاراً. وتتعهد القبعة كما يذكر موقع الشركة على الإنترنت: «بتنشيط فروة رأسك ودعم نمو الشعر الصحي بقوة الضوء الأحمر (بطول موجي) 650 نانومترا»

* مجموعة أولية لأدوات الليزر من LYMA تكلف 2695 دولاراً: «تعالج العصا LYMA وهي على شكل مصباح يدوي كل شيء من ندبات الجسم وطبقات السيلوليت والأوردة العنكبوتية إلى حب الشباب وترهل الجلد ووردية الوجه rosacea».

تحول ثقافي للاستخدام المنزلي

وتقول ليلي تويلفتري من Barefaced، وهي شركة تحليل تجميل أسترالية لها حساب شهير على «تيك توك» أن ظهور جراحة الوجه التجميلية والاستخدام الواسع النطاق للمرشحات وأدوات التجميل مثل «فايستيون» Facetune أدى إلى إعادة تعريف معايير الجمال.

وأضافت: «لقد أدى هذا التحول الثقافي إلى رفع توقعات المستهلكين، حيث أصبح الناس على استعداد لدفع أسعار باهظة مقابل منتجات التجميل التي تقدم نتائج مرتفعة. ومن المتوقع الآن أن تكرر منتجات التجميل نتائج الإبرة أو السكين (التي يستخدمها الجراحون). والمستهلكون على استعداد لدفع أعلى سعر للحصول على هذه النتائج في المنزل».

منتجات بأسس علمية

لم يعد إخفاء البثور بالمكياج كافياً؛ تتابع تويلفتري: «إذ يريد المستهلكون الآن القدرة على إزالتها بالليزر بالكامل». ومقابل 19.50 دولار، تدعي رقعة علاج حب الشباب بالضوء من «l.a.b». أنها تفعل ذلك تماماً.

إن أنواع العلاجات التي يتم تسويقها عبر هذه الأجهزة لها جذور حقيقية في العلوم. إذ تم اكتشاف العلاج بالضوء الأحمر، أو التعديل الضوئي الحيوي photobiomodulation (PBM)، من قبل الطبيب المجري إندري ميستر في عام 1967 في جامعة سيميلويس الطبية في بودابست، عندما لاحظ أن ضوء الليزر يساعد في تعزيز نمو الشعر وشفاء الجروح لدى الفئران. ومنذ ذلك الحين، أصبح علاجاً لمشكلات الجلد بما في ذلك الالتهاب والندبات والتجاعيد.

تقييم متأخر للفاعلية

ومع ذلك، فإن تقييم فعالية هذه العلاجات في المنزل لم يبدأ إلا الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في دراسة نُشرت في JAMA Dermatology، وجد باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا أن المرضى يمكنهم تحسين حالات الصدفية لديهم بنفس القدر في المنزل باستخدام أجهزة العلاج الضوئي المصممة لسهولة الإدارة الذاتية.

ولكن كان ذلك على وجه التحديد للصدفية، مع مجموعة محدودة من 783 مريضاً. وقال الدكتور جويل جيلفاند، أستاذ الأمراض الجلدية وعلم الأوبئة في كلية بيرلمان، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن أجهزة العناية بالبشرة الشائعة في المنزل تميل إلى أن تكون خاضعة للتمحيص بشكل أقل من اللازم. وأضاف: «إذا لم تتم دراستها في تجربة تحكم عشوائية، فهذا يجعلني متشككاً».

وتابع جيلفاند: «هل أجريت دراسة من قبل الشركة المصنعة من منطلق الاستفادة مالياً، أم كانت الدراسة كبيرة مع مئات المرضى؟ نظراً لأنه مجال غامض للغاية، فمن الأفضل لمعظم الناس التحدث إلى طبيب أمراض جلدية ومعرفة ما إذا كانت الطريقة الخفيفة سيكون لها بعض التأثير على بشرتهم».

منتجات بين «المسموح» و«المُجاز»

وقال الدكتور إيفان ريدر، وهو طبيب معتمد في الأمراض الجلدية والطب النفسي يمارس في مدينة نيويورك، إن العديد من الأجهزة التي يتم تسويقها للاستخدام المنزلي «مسموحة الاستعمال» cleared من قبل إدارة الغذاء والدواء، وهو ما يختلف عن كونها «مجازة أو مصادق عليها» Approved أي معتمدة من إدارة الغذاء والدواء. وأضاف: «إن كلمة المجاز تعني (مصادق عليه) أي أن الجهاز أو الدواء قد خضع لتجارب سريرية صارمة مقارنة بالدواء الوهمي، وأن النتائج ليست مجرد صدفة وقد تم تكرارها في دراسات أخرى أيضاً».

الترويج لنتائج مضللة

إن «موافقة» إدارة الغذاء والدواء، المسماة 510 (كيه) FDA 510 (k) Clearance هي غالباً ما تراه في المنزل، ما يشير فقط إلى أن الجهاز تم تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء وليس خطيراً للاستخدام غير المهني.

ورفض رايدر تسمية أجهزة معينة، لكنه قال إن العديد منها تحتوي على صور على مواقعها الإلكترونية لنتائج قبل وبعد «مضللة بشكل صارخ»، مع إضاءة وظلال غير متسقة تجعل النتائج أكثر صعوبة في رؤيتها. وأضاف أن النتيجة التي يمكن للمرء أن يتوقعها خفيفة في أفضل الأحوال، لأولئك الذين لديهم «بشرة جيدة أو مخاوف بسيطة (من تدهور حالتها)».

العيادة أولاً ثم التجميل المنزلي

وتابع أنه قد يكون من الحكمة التعامل مع الرعاية المنزلية كأداة لدعم أو استكمال العلاجات في العيادة.

ومقابل تكلفة جهاز الليزر المنزلي، يمكن للمريض مثلاً - اعتماداً على المكان الذي يعيش فيه والطبيب الذي يزوره - الحصول على اثنين أو ثلاثة علاجات مجزأة بالليزر.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

92.55

مليار دولار: توقعات مبيعات أدوات العناية المنزلية بالبشرة بحلول عام 2028