مسؤول أميركي يكشف: ترمب أراد نشر 10 آلاف جندي في واشنطن

عائلة فلويد تقود مسيرة لتكريمه (أ.ف.ب)
عائلة فلويد تقود مسيرة لتكريمه (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أميركي يكشف: ترمب أراد نشر 10 آلاف جندي في واشنطن

عائلة فلويد تقود مسيرة لتكريمه (أ.ف.ب)
عائلة فلويد تقود مسيرة لتكريمه (أ.ف.ب)

قال مسؤول أميركي كبير إن الرئيس دونالد ترمب قال لمستشاريه الأسبوع الماضي إنه يريد نشر 10 آلاف جندي في منطقة العاصمة واشنطن لوقف اضطرابات مدنية تفجرت نتيجة مقتل مواطن أسود على أيدي الشرطة في مدينة منيابوليس، وفقًا لما كشفته وكالة «رويترز» للأنباء.
وتبين هذه الرواية لمطلب ترمب خلال حوار ساخن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض يوم الاثنين مدى اقتراب الرئيس من تنفيذ تهديده بنشر قوات الجيش النظامية رغم معارضة قيادات وزارة الدفاع.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن وزير الدفاع مارك إسبر والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة ووزير العدل وليام بار أوصوا في ذلك الاجتماع بعدم نشر القوات.
وأضاف المسؤول أن الاجتماع شهد خلافات في الرأي.
ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب للتعليق. وبدا تامب منذ ذلك الحين راضيا عن نشر قوات الحرس الوطني وهو الخيار الذي أوصت به وزارة الدفاع وأداة تقليدية في التعامل مع الأزمات الداخلية.
وكانت قيادات وزارة الدفاع سارعت إلى الاتصال بحكام الولايات للمطالبة بإرسال قوات الحرس الوطني إلى واشنطن، وجرت تعبئة المزيد من أجهزة إنفاذ القانون الاتحادية أيضا.
وبدا من المهم لتراب خطوة إسبر بتحريك وليس نشر جنود نظاميين من الفرقة 82 المحمولة جوا ووحدات أخرى في منطقة واشنطن العاصمة. وغادرت تلك القوات مواقعها منذ ذلك الحين.
وقال المسؤول «وجود قوات عاملة دون أن يكون لها وجود في المدينة كان كافيا بالنسبة للرئيس في الوقت الحالي».
وقال بار لشبكة (سي.بي.إس) التلفزيونية اليوم الأحد إنه لم يجر نشر قوات عاملة في واشنطن لكنه أوضح أنه جرى نشر أفراد من الشرطة العسكرية في مواقع قريبة.
وأضاف «كانوا في وضع تأهب في حالة الحاجة إليهم».
وكان تلويح ترامب باستخدام الجيش ردا على الاحتجاجات أثار تنديدا واسع النطاق غير مألوف من المسؤولين العسكريين السابقين بمن فيهم جيم ماتيس أول وزير للدفاع في رئاسة ترمب وجنرالات متقاعدين عادة ما يحاولون تجنب الخوض في السياسة.
وتعكس هذه التصريحات حالة القلق داخل وزارة الدفاع وخارجها إزاء استعداد ترامب للزج بالجيش الأميركي في أزمة علاقات عرقية داخلية بعد وفاة جورج فلويد (46 عاما) عقب قيام شرطي بالضغط بركبته على رقبته في مدينة منيابوليس يوم 25 مايو (أيار) الأمر الذي فجر موجة من الاحتجاجات المناوئة للعنصرية بأنحاء الولايات المتحدة ومدن أخرى حول العالم.
* ما هو مستقبل إسبر؟
أبدى إسبر على الملأ يوم الأربعاء معارضته لنشر قوات الجيش العاملة في تصريحات للصحفيين لم تلق استحسانا من ترمب وكبار مساعديه.
وقال المسؤول الأميركي إن ترمب صرخ في وجه إسبر بعد ذلك المؤتمر الصحفي.
وفي حين ثارت تكهنات بإقدام ترامب على عزل إسبر، قالت كيلي مكيناني المتحدثة باسم البيت الأبيض إن ترمب «لايزال يثق بالوزير إسبر».
وقالت في بيان إن إسبر كان له دور كبير «في تأمين شوارع بلادنا وضمان تمتع الأميركيين بالسلم والثقة في تأمين أماكن عملهم وأماكن عبادتهم وبيوته»".
وكان إسبر أصدر مذكرة يوم الثلاثاء لتذكير أفراد وزارة الدفاع «أننا ملتزمون بحماية حق الشعب الأميركي في حرية التعبير وحرية التجمع السلمي».
وأصدر الجنرال ميلي بيانا مماثلا ذكر فيه الجنود باليمين الذي أقسموا به لصيانة الدستور الذي يحمي الحق في الاحتجاجات السلمية.
وجاءت تصريحات ميلي وإسبر بعد انتقادات شديدة لهما لاستخدام مصطلحات التخطيط العسكري مثل «ساحة المعركة» في وصف مواقع الاحتجاجات الأميركية خلال مؤتمر مع حكام الولايات استضافه ترمب عبر الهاتف يوم الاثنين وسُربت وقائعه.
كما واجه الاثنان انتقادات لمرافقتهما ترمب لالتقاط صورة أمام كنيسة قرب البيت الأبيض يوم الاثنين بعد أن أخلت الشرطة المنطقة بإطلاق الغاز السيل للدموع وهاجمت المحتجين المسالمين.


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟