اتهامات للحزب الشيوعي السوداني باختطاف تجمع المهنيين

«الحرية والتغيير» تقدم مبادرة لتجنب الانشقاق

متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

اتهامات للحزب الشيوعي السوداني باختطاف تجمع المهنيين

متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتهمت قيادات بارزة في «تجمع المهنيين السودانيين» مجموعة محسوبة على الحزب الشيوعي باختطاف «التجمع»، وتسخيره لمصالح حزبية ضيقة، وأهداف مناهضة لثورة ديسمبر (كانون الأول)، وتفتيت وحدة قوى الثورة.
وكانت تلك المجموعة قد عقدت في 10 من مايو (أيار) الماضي اجتماعاً، وانتخبت قيادة جديدة للتجمع، لكن هذه الخطوة وجدت رفضاً كبيراً من النقابات الرئيسية المؤسسة لتجمع المهنيين في عام 2018.
وكشف محمد ناجي الأصم، أحد أبرز قادة تجمع المهنيين، عن المحاولات التي كانت تقوم بها هذه المجموعة لتسخير التجمع لصالح أجندتها الحزبية الضيقة، وتمرير أفكارها عبر التجمع. وتلا الأصم ميثاق «قوى إعلان الحرية والتغيير» الذي أسس لقيادة الحراك الشعبي الموحد للقوى السياسية والكيانات المهنية ضد حكومة النظام المعزول.
وقال الأصم، في مؤتمر صحافي أمس بالخرطوم، إن محاولات هذه المجموعة بدأت في فبراير (شباط) العام الماضي، قبيل إسقاط نظام الرئيس عمر البشير، وفي هذا الوقت كانت قيادات التجمع في المعتقلات والسجون.
وأضاف موضحاً: «حرصنا على ألا تتفجر الأزمة في ذلك الوقت اعتباراً للظروف التي كان يعمل فيها تجمع المهنيين لإسقاط النظام»، مشيراً إلى تسجيلات صوتية تم تسريبها لتلك المجموعة التي كانت تعمل بالتنسيق بعضها مع بعض للسيطرة على تجمع المهنيين.
وأوضح الأصم أن الممارسات التي تقوم بها المجموعة، المحسوبة على تيار سياسي بعينه، «تسعى لتخريب التجمع، واستغلال بعض الواجهات المحسوبة عليه بإصدار بيانات ومواقف لإضعافه»، منبهاً إلى أن الغرض من هذه التحركات «تعطيل دور التجمع في الفترة الانتقالية، ووضع العراقيل أمام استكمال أهداف الثورة»، وتابع قائلاً: «مارسنا أعلى درجات الصبر، وقدنا تحركات داخلية من خلال عقد لقاءات مع الأجسام المكونة للتجمع، قصد إيجاد حلول توافقية لتجنب أي انقسام داخل تجمع المهنيين».
وأرجع الأصم أسباب تفجر الأزمة إلى غياب رؤية التجمع خلال الفترة الانتقالية التي تمكن تجمع المهنيين من قيادة الدفة، والتأثير الإيجابي داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، مشيراً إلى أنهم تقدموا برؤية متكاملة لإعادة صياغة وتطوير «التجمع» من خلال لائحة جديدة، قبل الذهاب إلى انتخاب قيادة جديدة لـ«التجمع»، وهو الأمر الذي لم يجد تجاوباً من تلك المجموعة.
وأشار الأصم إلى أن تلك المجموعة تعجلت بانتخاب قيادة للتجمع، في غياب لأهم أسس العملية الديمقراطية، وإسقاط حق الطعن في العملية الإجرائية، ما أدى إلى الانقسام داخل «التجمع»، مؤكداً سعيهم لإصلاح الأوضاع داخل «التجمع» لتجنب مزيد من الأزمات، والحفاظ على وحدته للقيام بدوره في بناء نقابات مستقلة لا تعبر عن حزب محدد.
ومن جانبه، قال القيادي بالتجمع، إسماعيل التاج: «نحن أكثر حرصاً على وحدة التجمع وقوى الثورة والحكومة الانتقالية، وسنعمل على تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي قدمت كثيراً من الشهداء من أجل إسقاط نظام الرئيس عمر البشير»، مؤكداً أن تجمع المهنيين «لم ولن يدعو لإسقاط حكومة الثورة التي يقودها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك... وسندعم الحكومة الانتقالية في كل خطواتها، ونعمل معها على استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين»، مشيراً إلى أن تجمع المهنيين يدعم كل مبادرة تدعو لإصلاح قوى الحرية والتغيير، ولن يخرج من التحالف الذي يعد الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية.
واتهم التاج المجموعة التي تسيطر على قيادة تجمع المهنيين الآن بـ«محاولة تخريب عملية السلام»، إذ يعد التجمع جزءاً رئيسياً في عملية المفاوضات التي تقود لتحقيق السلام في البلاد.
ومن جهة ثانية، قال القيادي بتجمع المهنيين، طه عثمان، إنه تم الدفع بمبادرة لإيجاد حلول توافقية للخروج من الأزمة الحالية، تقوم على تكوين قيادة تسييرية توافقية بعد مؤتمر تداولي لثلاثة أشهر،
مبرزاً أن المبادرة تنص على إجازة قانون النقابات، وعقد جمعيات عمومية للنقابات تعبر عن قواعدها الحقيقية، ولا يحتكرها حزب أو تيار سياسي.
وأكد عثمان أنهم «لن يسمحوا بأن يكون تجمع المهنيين أداة لفلول النظام المعزول لضرب حكومة الثورة».
وكانت كيانات وأجسام نقابية مؤثرة داخل تجمع المهنيين السودانيين قد أعلنت رفضها القاطع للعملية الانتخابية التي أسفرت عن انتخاب قيادة جديدة للتجمع الشهر الماضي. واتهمت تلك الكيانات بعض المجموعات داخل التجمع بالتكتل الحزبي الواضح، والتنسيق بين مناديب عدد من الأجسام، في مخالفة واضحة للوائح ومواثيق تجمع المهنيين، وكشفت عن تآمر مجموعة تنتمي لأحد الأحزاب بالاتفاق على القائمة المنتخبة وتمريرها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.