قمة فرنسية ـ أفريقية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل

تستضيفها موريتانيا بمشاركة ست دول الشهر المقبل

استعراض للجنود خلال الحفل الختامي للتدريبات العسكرية المشتركة لمدة ثلاثة أسابيع  بين القوات الأفريقية والأميركية والأوروبية ضمن «أفريكوم» (غيتي)
استعراض للجنود خلال الحفل الختامي للتدريبات العسكرية المشتركة لمدة ثلاثة أسابيع بين القوات الأفريقية والأميركية والأوروبية ضمن «أفريكوم» (غيتي)
TT

قمة فرنسية ـ أفريقية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل

استعراض للجنود خلال الحفل الختامي للتدريبات العسكرية المشتركة لمدة ثلاثة أسابيع  بين القوات الأفريقية والأميركية والأوروبية ضمن «أفريكوم» (غيتي)
استعراض للجنود خلال الحفل الختامي للتدريبات العسكرية المشتركة لمدة ثلاثة أسابيع بين القوات الأفريقية والأميركية والأوروبية ضمن «أفريكوم» (غيتي)

«تاكوبا»... هو اسم قوة الكوماندوز الأوروبية التي تسعى باريس لإطلاقها من أجل المساعدة في محاربة التنظيمات الإرهابية في بلدان الساحل، وتحديداً في مالي والنيجر. وفي 28 مارس (آذار) الماضي، أعلنت 11 دولة أوروبية، عقب اجتماع عن بعد لوزراء دفاعها، عن «إطلاق رسمي» للقوة المذكورة التي يراد لها أن تكون قوة كوماندوز مجوقلة من 500 رجل، سريعة الحركة، لمساندة الجيشين المالي والنيجيري، والتعاون مع قوة «برخان» الفرنسية المشكلة من 5100 رجل، إضافة إلى القوة الأفريقية المشتركة المسماة «جي5» المؤلفة من وحدات من بلدان الساحل الخمسة «موريتانيا، مالي، النيجر، بوكينا فاسو وتشاد». وقتها، أفادت وزارة الدفاع الفرنسية بأن خمس دول ستنضم إلى فرنسا «وهي بلجيكا، الدنمارك، البرتغال، إستونيا وهولندا» وأن دولاً أخرى من بينها السويد أبدت اهتمامها بالمشاركة في حين الدول الأخرى الموقعة على بيان نهاية مارس «تدعم» إطلاق القوة المذكورة.
وفي كلمة لها أمام لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية أول من أمس، أعلنت وزيرة الدفاع، فلورانس بارلي، أن قوة «تاكوبا» سوف تباشر مهامها قبل نهاية الصيف المقبل بادئة بنحو مائة رجل، من وحدات القوات الخاصة، لدعم عمليات الجيش المالي في محاربة التنظيمات المتطرفة التي تنشط خصوصاً فيما يسمى «الحدود الثلاثية»، أي «مالي، النيجر وبوركينا فاسو». وبحسب بارلي، فإن الوحدات المشاركة الأولى ستتكون من فرنسا واستونيا والسويد، مضيفة أن الحكومة التشيكية أبدت استعدادها للمشاركة وهي بانتظار الضوء الأخضر من البرلمان. وستشكل مشاركة تشيكيا إضافة نوعية؛ إذ ستوفر براغ قوة رد سريع مجوقلة من 150 رجلاً. وبحسب بارلي، فإن « دولاً أوروبية عدة أخرى، أبدت اهتمامها وتنوي الالتحاق بنا».
هذا التطور النوعي، وفق مصادر فرنسية، من شأنه «إراحة» باريس المنخرطة في حرب ضد الجهاديين «القاعدة في بلاد المغرب و«داعش» في الصحراء الكبرى» منذ سنوات.
ويعود تدخلها في مالي لبداية عام 2013 عندما عجلت بإرسال «الفرقة الأجنبية» لوقف تقدم التنظيمات المتشددة باتجاه العاصمة باماكو. إلا أن التنظيمات المتشددة، رغم وجود «برخان» و«جي5» والمساندة التي توفرها القوات الأميركية التي تشغل قاعدة للطائرات المسيرة قرب أغاديز، شمال النيجر، والدعم اللوجيستي الأساسي الذي تقدمه بريطانيا من خلال طوافاتها الثقيلة من طراز «شينوك»، أعادت تنظيم صفوفها وقامت في 2019، بمجموعة من الهجمات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إضافة إلى هجمات لـ«بوكو حرام» في تشاد. يضاف إلى ذلك التناحرات الإثنية والطائفية في البلدان الثلاثة التي أوقعت، مع الهجمات المتطرفة، ما لا يقل عن 4000 قتيل. لذا؛ سعت باريس لوقف النزف، حيث خسرت حتى اليوم 43 عسكرياً، بينهم مجموعة من الضباط وضباط الصف، وهدفها قلب ميزان القوى والتركيز على منطقة «الحدود الثلاثية».
ورهان فرنسا تركّز على تطوير قدرات القوة الأفريقية المشتركة والدور الذي ينتظر أن تلعبه قوة الكوماندوز الأوروبية بالتعاون مع «برخان» والجيوش المحلية. ويفهم من كلام وزيرة الدفاع أن الأمور تسير إلى الأفضل؛ إذ قالت لأعضاء لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية أن هناك «الكثير من المؤشرات الإيجابية المشجعة»، ومنها تنامي القوة الأفريقية المشتركة، إضافة إلى أن العمليات التي تقوم بها القوة الفرنسية تتم بالاشتراك مع القوات المحلية التي أخذت «تتمتع بالنضج».
وبحسب بارلي، فإن تركيز «برخان» اليوم هو على ملاحقة «داعش في الصحراء الكبرى» في منطقة «ليبتاكو ــ غورما»، أي «الحدود الثلاثية». وتعتبر باريس أن هذا التنظيم هو الأخطر من بين التنظيمات الجهادية كافة في منطقة الساحل. وفي الأسابيع الأخيرة، نجحت «برخان» في توجيه ضربات قاسية للجهاديين في مالي، وهو ما كانت تشير إليه بارلي.
وسيكون مجمل الوضع في بلدان الساحل الطبق الرئيسي لاجتماع القمة الذي سيحصل، مبدئياً، بداية الشهر المقبل في موريتانيا «إذا أتاحت الظروف الصحية المرتبطة بـ(كوفيد – 19) ذلك». ويأتي الاجتماع امتداداً للقمة التي استضافتها فرنسا في مدينة بو (جنوب غربي البلاد) بداية العام الحالي والتي قرر فيها القادة الستة «الرئيس ماكرون ورؤساء بلدان الساحل الخمسة» شد أواصر التعاون فيما بينهم وإعطاء الأولوية لمنطقة «الحدود الثلاثية». وجاءت القمة بعد أن خسرت فرنسا، في حادث سقوط طوافة، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اثني عشر عسكرياً وكانت أكبر خسارة تمنى بها في مالي منذ بدء عملياتها هناك.
بيد أن علامات استفهام ترسم حول مصير المساندة الأميركية والبريطانية. فمن جهة، أعربت واشنطن الخريف الماضي عن رغبتنها في التخلي عن القاعدة الجوية في أغاديز، في حين مهمة القوة الجوية البريطانية تنتهي الصيف المقبل. وحتى اليوم، كانت الطائرات المسيرة الأميركية توفر لـ«برخان» وللقوات الأخرى المقاتلة المعلومات الاستخبارية والصور.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.