رفض شعبي وحياد قادة «التسويات» جنوب سوريا لتجنيد الشباب

محافظة القنيطرة
محافظة القنيطرة
TT

رفض شعبي وحياد قادة «التسويات» جنوب سوريا لتجنيد الشباب

محافظة القنيطرة
محافظة القنيطرة

تشير الأحداث الأخيرة إلى أن جهات حليفة للنظام السوري ترى في المقاتلين المعارضين السابقين فرصة لدعم حلفائها في ليبيا، عبر قادة فصائل التسويات التي كانت معارضة؛ حيث كثفت محاولتها لتجنيد شبان يتحدرون من مناطق مختلفة بريفي درعا والقنيطرة الخاضعة لاتفاقات تسوية برعاية روسية.
وأكد أحد سكان بلدة ممتنة في محافظة القنيطرة التي انطلقت منها أول عملية تطويع شباب من جنوب سوريا وإرسالهم للقتال في ليبيا، أن عشرات الشباب من القنيطرة الذين كانوا قد تطوعوا للقتال في ليبيا عادوا بعد نقلهم إلى معسكرات التدريب في حمص «عندما أبلغهم أحد ضباط النظام أن مهامهم لن تكون فقط حماية منشآت نفطية، وإنما تمتد لتكون قتالية إلى جانب قوات (قائد الجيش الوطني خليفة) حفتر، ما يتناقض مع العقود التي كانوا وقعوا عليها مع الشركة الأجنبية بأن مهامهم حماية المنشآت النفطية في ليبيا، مقابل 1000 دولار شهرياً، وتعويض وتسوية أوضاع المطلوبين وإنهاء الخدمة العسكرية المفروضة عليهم في سوريا».
وأوضح: «عملية الترويج في مناطق التسويات اعتمدت على قيادي سابق في المعارضة، معروف باسم (أبو جعفر)، لتجنيد الشباب في مناطق مسحرة، وممتنة، والكوم، ودرعا، وقد وصل عددهم إلى 125 شخصاً، لكن عملية التطويع توقفت في المنطقة بعد ضغط الأهالي على أبو جعفر، وعودة المتطوعين من معسكرات التدريب، واتضاح المهام الأساسية التي سيذهبون من أجلها إلى ليبيا».
وهيأت الظروف الاقتصادية السيئة وانتشار الفقر والملاحقات الأمنية، جواً ملائماً لطرح إحدى الشركات الأجنبية مشروعها لكسب شباب سوريين وتجنيدهم بإغراءات مادية وسلطوية، ونقلهم للقتال في ليبيا. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «وكلاء شركة أجنبية وضباطاً من النظام اجتمعوا مع عدد من أبرز قادة المعارضة سابقاً في درعا الشهر الماضي، في محاولات منهم لإقناعهم بتجنيد الشباب وإرسالهم إلى ليبيا بمهام مختلفة، منها قتالية، يكون راتب المتطوع فيها 1500 دولار أميركي، أو بمهمة حماية المنشآت النفطية براتب 1000 دولار». وأضافت: «بعض قادة المعارضة سابقاً أصحاب النفوذ في المنطقة لم يُبدوا رفضاً أو قبولاً، تاركين الأمر والقرار بشكل فردي، بينما رفض أحمد العودة (أحد قادة المعارضة الذي قاد اتفاقات التسوية في بداية 2018) خلال الاجتماع العرض المقدم للقتال في ليبيا، وهو أبرز قادة فصائل التسويات والتنسيق مع الروس، وقائد اللواء الثامن في الفليق الخامس الروسي في سوريا».
«لسنا دعاة حرب وقتل ولا نقبل تحويل أبنائنا إلى مرتزقة»، بهذه الكلمات بدأ «أبو جهاد» أحد سكان ريف درعا جنوب سوريا رأيه حول موضوع تجنيد السوريين للقتال في ليبيا. صاحب الخمسين من العمر اعتبر أن الرفض الشعبي كان «سيد الموقف» في الوقت الذي انتشرت به أنباء عن وجود شركة أجنبية تروج جنوب سوريا في مناطق درعا والقنيطرة لكسب الشباب وتطويعهم ضمن قوات عسكرية يتم إرسالها إلى ليبيا.
واستنكر الأهالي، بحسب تعبيره، تحويل شباب المنطقة إلى أداة للحرب في ليبيا، في حين أصدرت اللجان المسؤولة عن التفاوض مع روسيا والنظام في المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية جنوب سوريا بياناً بتاريخ 26 أبريل (نيسان) 2020، ترفض فيه أي محاولات تجنيد للشباب في المنطقة الجنوبية، ونقلهم للقتال مع الأطراف المتصارعة ليبيا، مقابل إغراءات ماليّة وأخرى تتعلق بالوضع الأمني. وجاء البيان بعد أن انتشرت في المنطقة الجنوبية، أنباء تحدثت عن دعوات تقوم بها شركة روسية بهدف تجنيد عدد من شباب محافظة القنيطرة والسويداء وغوطة دمشق وحمص للقتال في ليبيا، مقابل مغريات مادية وأمنية للمنظمين.
وأوضح أحد أعضاء اللجان المدينة في درعا، التي وقّعت على بيان «رفض واستنكار دعوات تجنيد الشباب للقتال في ليبيا»، قائلاً إن «المروجين لتجنيد الشباب في جنوب سوريا وشمالها حاولوا استغلال الوضع الأمني والمعيشي، بطرح الإغراءات المادية برواتب تصل إلى 1500 دولار أميركي شهرياً، وإزالة المطالب الأمنية»، مبيناً أنه لم تستمر عملية التجنيد في القنيطرة ودرعا الخاضعة لاتفاق التسوية، ولم تسجل حالات انضمام جديدة بعد، ولا توجد مكاتب معروفة أو علنية تعمل لخدمة هذا المشروع في مناطق جنوب سوريا.
وكشفت شبكة «السويداء 24» المختصة بنقل أخبار محافظة السويداء المحلية في تقرير لها في 17 فبراير (شباط) 2020 عن «تورط حزب سياسي مرخص لدى الحكومة السورية، في العمل على تجنيد مرتزقة من المواطنين في محافظة السويداء، بغية إرسالهم للقتال في ليبيا، وأوضح تقرير الشبكة أن عدد المنظمين لا يتجاوز 20 شخصاً حتى تاريخه».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.