الغنوشي ينجو من «سحب الثقة»... وحملة إبعاده تتواصل

رئيس «النهضة» وعد منتقديه بـ«مراجعة نفسه» للوقوف على مواطن الخلل

الغنوشي ينجو من «سحب الثقة»... وحملة إبعاده تتواصل
TT

الغنوشي ينجو من «سحب الثقة»... وحملة إبعاده تتواصل

الغنوشي ينجو من «سحب الثقة»... وحملة إبعاده تتواصل

تمكن راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية ورئيس البرلمان التونسي، من «النجاة» من جلسة المساءلة البرلمانية والمطالبة بسحب الثقة منه، والتي دامت أكثر من 20 ساعة، وانتهت صباح أمس. لكنه لم ينج من سهام منتقديه، الذين ظلوا حتى آخر لحظة من الاجتماع يطالبون برحيله، خاصة من قيادات الحزب الدستوري الحر المعارض، وعدد كبير من النواب، الذين اعتبروا تهنئة الغنوشي لفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، «خطأ جسيما وتجاوزا لصلاحيات رئيس البرلمان».
ورفضت الجلسة العامة للبرلمان، التي انتهت صباح أمس، المصادقة على مشروع اللائحة، التي تقدمت بها كتلة الدستوري الحر المعارضة، والتي تتعلق بـ«إعلان رفض البرلمان أي تدخل خارجي في ليبيا ومناهضته»، بهدف تشكيل قاعدة لوجيستية داخل تونس، حيث لم يحصل المشروع على الأغلبية المطلقة (109 أصوات)، بعد أن صوت لفائدة مشروع اللائحة 94 نائبا، فيما اعترض عليه 68 نائبا، واحتفظ 7 نواب بأصواتهم.
وقالت عبير موسى، رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، إن الغنوشي «ارتكب عدة خروقات منذ توليه رئاسة المجلس، حيث أخرج قوانين بعينها ووضعها على الطاولة للتصويت، مستغلا ظروف أزمة (كورونا) لتمرير مشاريع قوانين، تخدم أجنداته الخاصة».
معتبرة رئيس البرلمان «خطأ في الساحة السياسية التونسية» على حد تعبيرها، وأكدت أن حزبها سيواصل نضاله نحو «تخليص تونس وتحريرها من قبضة الائتلاف الحكومي»، وأنها ستسعى إلى إزاحة الأغلبية الحاكمة من الحكم بالقانون.
وتمسكت موسى بالقول إن الجلسة البرلمانية خصصت لمساءلة رئيس المجلس الغنوشي، بسبب ما سمته خروقات وتجاوزات ارتكبها في ملف السياسة الخارجية لتونس والدبلوماسية البرلمانية، واتهمته مجددا بـ«تنفيذ أجنداته لخدمة تنظيم الإخوان، الذي يبقى مرجع حركة النهضة في مختلف القضايا، وليس مدنية الدولة، وفصل الجانب الدعوي عن السياسي كما تروج لذلك»، على حد قولها.
في السياق ذاته، دعا طارق الفتيتي، نائب رئيس البرلمان، إلى تنقيح النظام الداخلي لمجلس النواب، وإدراج قضية المساءلة وتقنينها حتى لا يبقى أي طرف سياسي فوق المساءلة. واعتبر أن الغنوشي «أخطأ حينما اتصل بالرئيس التركي وبرئيس البرلمان التركي، دون علم المجلس، كما أن تهنئته لفائز السراج مثلت خطأ كذلك»، ودعاه إلى الاعتراف بالخطأ، والالتزام بعدم تكراره.
في المقابل، أكد سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة»، الإسلامي المناصر لحركة النهضة، أن الإشكال «لا يكمن في شخص رئيس المجلس، بل في العقد الآيديولوجية التي يكنها له بعض الحاقدين»، واعتبر جلسة المساءلة مجرد «مسرحية لتشتيت الجهود، بدل التصديق على القوانين والحوار مع الحكومة حول عدة مشاريع».
من ناحيته، وفي رده على الاتهامات والانتقادات التي وجهت إليه، قال الغنوشي إنه قبل إجراء الحوار ولم يصوت ضد انعقاده خلال اجتماع سابق لمكتب البرلمان، مشددا على أهمية النقاش لإنهاء الخلافات. لكنه أوضح أنه «لا يمكن ولا يجب أن تتناقض الدبلوماسية البرلمانية مع الدبلوماسية الرسمية، التي يضع معالمها رئيس الدولة بالاستشارة مع رئيس الحكومة، وهي تتنزل عبر مؤسسات الدولة ومنها البرلمان».
وأضاف الغنوشي أنه سيقوم بـ«مراجعة نفسه» على ضوء الانتقادات، التي اعتبرها «نصائح» وجهها له النواب خلال جلسة الحوار حول الدبلوماسية البرلمانية. وحذر من إمكانية انتقال الحرب الدائرة في ليبيا إلى تونس، مذكرا بالموقف الرسمي التونسي، الداعي إلى تقريب وجهات النظر بين الليبيين، وبالتجربة التونسية الثرية حول التوافق ونبذ الإقصاء.
في غضون ذلك، عبّر الغنوشي عن أسفه لتوظيف الحرب الليبية في الخلاف البرلماني حول نشاطه الدبلوماسي الأخير، معتبرا أن لذلك «غايات سياسية». موضحا أن «العديد من الأطراف من الداخل والخارج وظفت هذا الموضوع توظيفا سلبيا، فكانت بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. المعلن هو استهداف رئيس البرلمان ولكن المعني هو استهداف البرلمان ومن ورائه التجربة الديمقراطية. صراع بين الخيار الديمقراطي وخيار الاستبداد».
وردا على الانتقادات التي تمحورت حول دبلوماسيته النشطة، والتي اعتبرت تعدياً على صلاحيات رئيس الجمهورية قيس سعيد، قال الغنوشي: «التكامل واضح بين إدارتي الدولة، وكلاهما داعم للآخر ولا مجال للتنافس وللصراع، فالمطلوب التعاون». مضيفا «لم ننتصر في ليبيا لطرفٍ على طرفٍ آخر، بل كانت أهدافنا واحدة خدمة للمصلحة الوطنيّة، ومن مصلحة تونس أن يعمّ الاستقرار في ليبيا».
وأضاف متوجها لمنتقديه، ومن بينهم رئيسة الحزب الدستوري الحر، التي تتهمه بأنه موال للحلف التركي - القطري: «موضوع تهنئة حكومة الوفاق خلال المكالمة الهاتفية هي تهنئة بروتوكولية، فرضها سياق المكالمة الرمضانية، ولم تخف التذكير بالموقف التونسي من (فض) النزاعات عن طريق الحوار».
وتابع الغنوشي موضحا لوكالة الصحافة الفرنسية: «تونس معنية مباشرة بالحريق الليبي، ولذلك فلا مناص من أجل العمل على حل سلمي... وسأراجع نفسي، وفق انتقاداتكم وآرائكم وملاحظاتكم لأقف على مواطن الخلل من أجل إصلاحها».
إلى ذلك، تظاهر مئات من مناصري الحزب الدستوري الحر، المناهض للإسلاميين، مساء أول من أمس في العاصمة تونس للمطالبة برحيل الغنوشي، متّهمين إياه بتخطي صلاحياته.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.