الديون والفقر «ما بعد كورونا» يشغلان تفكير المؤسسات الدولية

يرى البنك الدولي وصندوق النقد أن تراكم الديون على الدول الأضعف سيفاقم معدلات الفقر بشدة (رويترز)
يرى البنك الدولي وصندوق النقد أن تراكم الديون على الدول الأضعف سيفاقم معدلات الفقر بشدة (رويترز)
TT

الديون والفقر «ما بعد كورونا» يشغلان تفكير المؤسسات الدولية

يرى البنك الدولي وصندوق النقد أن تراكم الديون على الدول الأضعف سيفاقم معدلات الفقر بشدة (رويترز)
يرى البنك الدولي وصندوق النقد أن تراكم الديون على الدول الأضعف سيفاقم معدلات الفقر بشدة (رويترز)

في ظل ما أسفرت عنه جائحة «كوفيد - 19» من أوضاع ضاغطة على اقتصادات كثير من الدول، تبدو المؤسسات الدولية الكبرى مشغولة للغاية حاليا في بحث ما سيترتب على ذلك من آثار، وعلى رأسها الديون المتراكمة وزيادة معدلات الفقر.
وقالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي إن بعضا من الدول الأكثر فقرا في العالم ودول الأسواق الناشئة قد تحتاج إلى إعادة هيكلة لديونها في المستقبل، مضيفة أن الاكتفاء بتجميد مدفوعات الدين ربما لن يكون كافيا.
وأضافت كريستالينا غورغييفا مساء الأربعاء، أن بعض دول الاقتصادات الناشئة التي انتهجت سياسات حصيفة ومستدامة للديون تجتاز أزمة فيروس كورونا على نحو أفضل من دول أخرى، لكن عددا صغيرا من الدول التي تحمل أعباء ديون مرتفعة من المرجح أن تحتاج لمساعدة في المستقبل.
وقالت غورغييفا إن صندوق النقد الدولي صرف حوالي 260 مليار دولار من قدراته للإقراض البالغة تريليون دولار في هذه المرحلة، وقدم حتى الآن تمويلا طارئا إلى 63 من 103 دول طلبت المساعدة منذ أوائل مارس (آذار).
من جانبه، أكد البنك الدولي ضرورة وجود سياسات تعكس أشكالا جديدة من الوظائف ومنشآت الأعمال وأنظمة الحوكمة، وتشجعها، في عالم ما بعد جائحة «كورونا»، حيث من شأن تعزيز الشفافية فيما يتصل بالارتباطات المالية، والاستثمار أن يساعد أيضا على إعادة بناء الثقة وتيسير نمو الاستثمارات.
وأوضح البنك في بيان حديث أنه وبالنسبة للعديد من البلدان، فإن صلابة اقتصاداتها في المستقبل ستتوقف على قدرتها على بناء رأس مالها البشري والمادي والحفاظ عليه خلال مرحلة التعافي. وأضاف أن جائحة كورونا وعمليات الإغلاق الاقتصادي توجهان ضربة قاسية للاقتصاد العالمي، ولا سيما البلدان الأكثر فقرا، مشيرة إلى أنه بمقدور البلدان النامية والمجتمع الدولي الآن اتخاذ خطوات لتسريع وتيرة التعافي بعد أن مر أسوأ ما في الأزمة الصحية، والتخفيف من الآثار السلبية طويلة الأجل.
كما أكد البنك ضرورة أن يصاحب تطبيق تدابير الاستجابة قصيرة الأجل للتصدي لحالة الطوارئ الصحية وتوفير الخدمات العامة الأساسية اتباع سياسات شاملة لتعزيز النمو طويل الأجل، بوسائل من بينها تحسين نظم الحوكمة، وبيئات الأعمال، وتوسيع الاستثمار في مجالات التعليم والصحة العامة وتحسين مستوى النتائج المتحققة.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس: «إن النطاق والسرعة اللذين ألحقت بهما جائحة كورونا وعمليات الإغلاق الاقتصادي بالغ الضرر بالفقراء في أنحاء العالم، لا نظير لهما في العصر الحديث. وتظهر التقديرات الحالية أن 60 مليون شخص قد يسقطون في براثن الفقر المدقع في عام 2020. ومن الممكن أن ترتفع تلك التقديرات أكثر من ذلك، وستشكل إعادة فتح الاقتصادات المتقدمة المحدِد الرئيسي في هذا الصدد».
وأضاف: «إن الخيارات التي تتخذها البلدان اليوم بشأن السياسات - بما في ذلك زيادة شفافية الديون لاجتذاب استثمارات جديدة، وتسريع وتيرة التقدم في الربط الرقمي، والتوسع القوي في شبكات الأمان النقدية للفقراء - من شأنها المساعدة على الحد من الأضرار وبناء تعاف أكثر قوة. وتُعد عملية تمويل وبناء البنية التحتية المنتجة أحد التحديات الإنمائية الأكثر استعصاء على الحل في مرحلة التعافي فيما بعد انحسار الجائحة. وينبغي لنا اتخاذ تدابير لتسريع وتيرة إجراءات التقاضي وتسوية حالات الإفلاس، وإصلاح نظم الدعم باهظة التكلفة، والاحتكارات، ومنشآت الأعمال المحمية المملوكة للدولة التي أدت إلى تباطؤ وتيرة التنمية».
ومن المرجح أن تؤدي حالات الكساد الحاد التي تصاحب الجائحة إلى تفاقم تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي والإنتاجية لعدة عقود، وهما المصدران الرئيسيان لتحسن مستويات المعيشة والحد من الفقر. ومما يفاقم من مشكلة عدم المساواة الناتجة عن تباطؤ اتجاه النمو أن الفئات الفقيرة والأولى بالرعاية تُعد من بين الأشد تضرراً من الجائحة وعملية الإغلاق الاقتصادي - بطرق منها العدوى، وإغلاق المدارس، وتراجع تدفقات التحويلات المالية.
وقد أوهنت التدابير اللازمة لحماية الصحة العامة الاقتصاد العالمي الهش بالفعل، متسببة في حالات كساد حاد في الاقتصادات المتقدمة وبلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية على السواء.
ويشير تحليل مبدئي للبنك الدولي، إلى أن بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تعاني من ضعف أنظمتها الصحية، وتلك التي تعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة العالمية أو السياحة أو تحويلات المغتربين من الخارج، وتلك التي تعتمد على صادرات السلع الأولية، سوف تتضرر بشدة.
وعلى المدى الطويل، ستخلف الجائحة أضرارا دائمة من خلال العديد من القنوات، من بينها انخفاض الاستثمارات، وتآكل رأس المال المادي والبشري بسبب إغلاق منشآت الأعمال والانقطاع عن الذهاب إلى المدرسة وفقدان الوظائف، والانسحاب من روابط التجارة العالمية، وسلاسل الإمداد، وستضعف هذه الآثار «الناتج المحتمل» أي الإنتاج الذي يستطيع الاقتصاد تحقيقه عند مستوى التوظيف الكامل والقدرات الكافية، وإنتاجية الأيدي العاملة لفترة طويلة في المستقبل. وستؤدي مواطن الضعف التي كانت قائمة من قبل، وانحسار منافع العائد الديموغرافي، والاختلالات الهيكلية إلى تفاقم حالات الكساد الحاد التي تصاحب الجائحة.
وقالت سيلا بازارباسيوغلو، نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات: «عندما وقعت الجائحة، كان الكثير من بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية معرضة بالفعل للخطر بسبب تصاعد مديونيتها إلى مستويات قياسية وتراجع شديد لمعدلات نموها، ومع اقتران هذا الوضع بالاختلالات الهيكلية، فإنه سيؤدي إلى تفاقم الأضرار طويلة الأجل لحالات الكساد الحاد التي تصاحب الجائحة، ومن الضروري اتخاذ تدابير عاجلة للحد من الأضرار، وإعادة بناء الاقتصاد، وجعل النمو أكثر قوة وصلابة واستدامة».
وأشار البنك إلى أن السياسات الرامية إلى إعادة البناء في الأمدين القصير والطويل تتطلب تقوية خدمات الرعاية الصحية، ووضْع تدابير تحفيز جيدة التوجيه من أجل المساعدة على تنشيط النمو. ويشتمل ذلك على بذل جهود للحفاظ على القطاع الخاص وتقديم الأموال مباشرة إلى الناس، بحيث يمكننا أن نرى عودة أسرع لمعدلات تأسيس الشركات بعد انحسار هذه الجائحة، وخلال فترة التخفيف من آثار الجائحة، يجب أن تركز البلدان على تعزيز النشاط الاقتصادي بتقديم دعم موجه لتوفير السيولة للأسر والشركات واستمرار الخدمات الحكومية الأساسية. وفي الوقت نفسه، ينبغي على واضعي السياسات أن يتحلوا باليقظة والحذر لمواجهة احتمال وقوع اضطرابات مالية، وأنه من الضروري خلال فترة التعافي أن تقوم البلدان ببحث وتحليل إمكانية تقليص الدعم العام، ويجب استهداف التحديات الإنمائية الأوسع نطاقا.
ويناقش التحليل أهمية السماح بتخصيص رأس المال الجديد على نحو منظم لصالح القطاعات المنتجة في الهياكل الجديدة التي ستظهر على الساحة بعد انحسار الجائحة، ومن أجل النجاح في ذلك، لا بد أن تقوم البلدان بإصلاحات تتيح تكييف رأس المال والعمالة بسرعة من خلال تسريع وتيرة حسم المنازعات، وتقليص الحواجز التنظيمية والإجرائية، وإصلاح نظم الدعم باهظة التكلفة، والاحتكارات، ومنشآت الأعمال المحمية المملوكة للدولة التي أدت إلى تباطؤ وتيرة التنمية.



معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أظهر مسح ربع سنوي أجراه البنك المركزي الياباني تحسناً طفيفاً في توقعات الشركات، لا سيما في الصناعات الثقيلة الرئيسية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري والآلات، بينما تراجعت في صناعة الخدمات.

ومن شأن نتائج استطلاع «تانكان» التي أصدرها بنك اليابان يوم الجمعة، وهو المسح الاقتصادي القصير الأجل للشركات، أن يؤثر على قرار البنك بشأن رفع سعر الفائدة الرئيسي، الأسبوع المقبل.

ويظهر الاستطلاع الفارق بين الشركات التي تقول إنها متفائلة حيال أوضاع الأعمال وتلك المتشائمة. وقوضت نتيجة الاستطلاع الأحدث توقعات زيادة سعر الفائدة، كما تأرجح الين الياباني خلال الأسبوع؛ حيث بلغ معدل تداول الدولار الأميركي أمام الين 152.9 ين يوم الأربعاء، وهو معدل قريب لأعلى مستوى خلال أسبوعين. ونما اقتصاد اليابان بوتيرة سنوية معدلة بلغت 1.2 في المائة في الربع السابق، مدفوعاً بإنفاق استهلاكي مستدام.

وارتفعت المعنويات الإجمالية للشركات، للمصنعين وغير المصنعين إلى 15 نقطة من 14 نقطة في مسح سابق. وارتفع مؤشر معنويات كبرى الشركات الصناعية إلى 14 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، من 13 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استئناف مصنعي السيارات الإنتاج عقب فضائح شهادات اختبارات السيارات في الصناعة. كما تحسّنت شركات الإنشاءات والعقارات.

وفي حين أن شركات تصنيع السيارات وغيرها من الصناعات الأخرى الكبيرة أحرزت تقدماً، تراجعت المعنويات بين تجار التجزئة وغيرهم في صناعة الخدمات؛ حيث انخفضت إلى 33 نقطة من 34 نقطة رغم أنها ما زالت في منطقة إيجابية. وتراجع مؤشر تجار التجزئة بشكل حاد إلى 13 نقطة من 28 نقطة.

وفي الأسواق، تراجعت عائدات السندات الحكومية اليابانية متوسطة وطويلة الأجل يوم الجمعة مع تراجع احتمالات قيام بنك اليابان المركزي برفع أسعار الفائدة في اجتماعه للسياسة النقدية الأسبوع المقبل.

وانخفض العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عامين نقطة أساس واحدة إلى 0.565 في المائة، والعائد على السندات لأجل خمس سنوات نقطتين أساس إلى 0.69 في المائة.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في اليابان لدى «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «تراجعت رهانات رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان المركزي، في حين دعمت عمليات شراء السندات التي يقوم بها بنك اليابان أيضاً المعنويات».

وأفادت «رويترز»، يوم الخميس، بأن بنك اليابان المركزي يميل إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة مع تفضيل صناع السياسات قضاء المزيد من الوقت في التدقيق في المخاطر الخارجية والمؤشرات بشأن توقعات الأجور في العام المقبل. وجاء ذلك في أعقاب تقرير لوكالة «بلومبرغ» نيوز يوم الأربعاء أن بنك اليابان يرى «تكلفة ضئيلة» في الانتظار لرفع أسعار الفائدة.

وأشارت التوقعات إلى احتمال بنسبة 22.86 في المائة لرفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.5 في المائة هذا الشهر، واحتمال بنسبة 65.5 في المائة لهذه الخطوة في اجتماعه في يناير (كانون الثاني).

من جانبه، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني منخفضاً يوم الجمعة مع اتجاه المتعاملين لجني الأرباح عقب صعود استمر 4 جلسات بعد أن رفعت البيانات الاقتصادية الأميركية الرهانات على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

وهبط المؤشر «نيكي» 0.95 في المائة إلى 39470.44 نقطة، لكنه كسب 1.94 في المائة خلال الأسبوع. ودفعت مكاسب يوم الخميس المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى في شهرين. وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.95 في المائة إلى 2746.56 نقطة، لكنه ارتفع 1.68 في المائة خلال الأسبوع.

وقال تاكيهيكو ماسوزاوا، رئيس التداول في «فيليب سيكيوريتيز اليابان»: «أدى ضعف إغلاق الأسواق الخارجية خلال ساعات الليل إلى انخفاض المعنويات، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم لجني الأرباح». وأضاف: «أرادت السوق تعديل مراكزها قبل عطلة نهاية الأسبوع».

وتجاوز المؤشر «نيكي» يوم الخميس مستوى 40 ألف نقطة الرئيسي للمرة الأولى منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول). وتراجعت مؤشرات وول ستريت الليلة السابقة، إذ قيم المتعاملون المؤشرات الاقتصادية الرئيسية قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

وأظهر تقرير وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، أن أسعار المنتجين ارتفعت 0.4 في المائة على أساس شهري في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتقديرات ارتفاع 0.2 في المائة، وفقاً لخبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم.

وتراجعت جميع مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو للأوراق المالية البالغ عددها 33 باستثناء ثلاثة. ومن بين 1644 سهماً في السوق الرئيسية في بورصة طوكيو، ارتفع 32 في المائة وانخفض 64 في المائة، بينما استقر 3 في المائة.