الجيش الإسرائيلي يتوقع {قطيعة} مع الأردن والسلطة الفلسطينية

خلافات بين نتنياهو وقيادات المستوطنين

قوات أمن إسرائيلية تقف أمام أثاث منزل تم هدمه في قرية يطا بالضفة امس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية تقف أمام أثاث منزل تم هدمه في قرية يطا بالضفة امس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يتوقع {قطيعة} مع الأردن والسلطة الفلسطينية

قوات أمن إسرائيلية تقف أمام أثاث منزل تم هدمه في قرية يطا بالضفة امس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية تقف أمام أثاث منزل تم هدمه في قرية يطا بالضفة امس (أ.ف.ب)

في «لعبة حرب»، أجراها قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وغيرهما من المؤسسات الأمنية، أمس (الأربعاء)، جرت دراسة السيناريوهات المتوقعة في حال نفَّذت إسرائيل مخططها لضم مناطق في الضفة الغربية، فتبين أنها تتوقع قطيعة تامة مع كل من الأردن والسلطة الفلسطينية، وانتشار حالة فوضى شديدة من شأنها أن تدهور المنطقة إلى عنف وصدامات دامية.
وقالت مصادر مطلعة إن القيادات العسكرية الإسرائيلية، التي تتحفظ أصلاً على تنفيذ هذا المخطط، لكن الحكومة تتجاهل موقفها ولم تطلب منها رأيها في الموضوع، قررت إجراء هذه الدراسة بمبادرة منها، نتيجة شعورها أنها لن تمرّ بخير على المنطقة وتستدعي استعداداً غير عادي منها. وقد جرت هذه الدراسة في ظل تهديدات فلسطينية عدة، بلغت أوجها، أمس، بتصريحات مستشار الرئيس محمود عباس، محمود الهباش، الذي قال إن «الضمّ سيؤدي إلى انفجار عنف لم تشهده المنطقة طيلة المائة سنة الماضية». صوقال الهباش في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، إن القيادة الإسرائيلية تخوض مغامرة تشبه المقامرة، في توجهها للضم، لأن الفلسطينيين لن يقبلوا بالضمّ، ولن يسكتوا عليه وسينفجرون في وجه إسرائيل بصدامات مباشرة. وأكد أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية لن تشارك في هذه الهبة، ولكنها أيضاً لن تفعل شيئاً لمنعها. وأضاف: «لن نقوم بدور الشرطة لإسرائيل؛ فهي قرّرت عمل هذه الطبخة، فلتذق مرارتها وحدها».
وكانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد استمعت إلى تقديرات استخبارية حول موضوع الضم، جرى فيها التأكيد على أن هناك إحباطاً شديداً لدى الفلسطينيين يتحول بسرعة إلى غضب جماهيري. ولكن هؤلاء القادة مختلفون في تقييم رد الفعل الفلسطيني والأردني على الضم. بعضهم يتوقع رد فعل جارفاً على الصعيدين القيادي والجماهيري. لكن غالبيتهم يعتقدون أن الأردن سيقطع علاقاته مع إسرائيل، وبذلك مسّ في معاهدة السلام، وسيسير الفلسطينيون وراءهم بشكل أشد مراساً. وقال أحد الخبراء في الشؤون الأردنية، إنه «حتى لو لم يقرر الملك عبد الله قطع العلاقات تماماً، فإنه سيكون مُضطراً إلى أخذ المعارضة الداخلية بالاعتبار، واتخاذ خطوات متطرفة كي لا يشكل الأمر خطراً على حكمه».
وأكد هؤلاء أن رد الفعل الفلسطيني في الضفة الغربية سيكون متعلقا بحجم وشكل الخطوات التي ستنفذها إسرائيل. فإذا اكتفت بالتصريح أو حتى بفرض سيادة موضعية، فإنه على ما يبدو سيكون بالإمكان احتواء الحدث، لكن كلما اتسع حجم الضم، ستزداد احتمالات معارضة واسعة، وربما عنيفة. واعتبروا قادة السلطة الفلسطينية «أناساً مسؤولين يتخذون خطواتهم بشكل محسوب. ولكنهم سيأخذون بالاعتبار موقف الأردن ورد فعل التنظيمات المعارضة، مثل (حماس) و(الجهاد الإسلامي) و(الجبهة الشعبية). وبالتأكيد لن يقوموا بدور الشرطة الإسرائيلية في منع الجماهير من التحرُّك. وخلال سيناريوهات لعبة الحرب، توقعوا أن يكون رد فعل الشباب الفلسطيني من حركة (فتح)، قاسياً بشكل خاص، علما بأن أسلحة كثيرة ونوعية توجد بين أيديهم ولديهم جنود متدربون على استخدام السلاح».
وبناء على هذه التقييمات، أوصى المشاركون في لعبة الحرب بالاستعداد الجيد للمرحلة المقبلة، وإطلاع الحكومة على المخاطر وكيفية مواجهتها، والمطالبة بتعزيز القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وفي محيط قطاع غزة.
وقد شارك في هذه المداولات، أمس، وترأسها رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، وكذلك رئيس الشاباك، ناداف أرغمان، وقادة الفرق العسكرية والاستخبارية، التي تعمل في مناطق القدس والضفة الغربية ومحيط قطاع غزة.
يُذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقد الليلة قبل الماضية، اجتماعاً مع قيادة المستوطنين الذين يهددون بمقاومة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المعروفة باسم «صفقة القرن»، التي تنصّ على ضم الأراضي الفلسطينية مقابل الموافقة على دولة فلسطينية. وقد حاول نتنياهو تهدئتهم بالقول إن المداولات مع الإدارة الأميركية حول مخطط الضم، ما زالت جارية، وشدد على أن تنفيذ المخطط سيتم بمعزل عن خطة «صفقة القرن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».