جائحة «كوفيد - 19» دفعة قوية لتطور الطب والاستشارات عن بعد

أحد الأطباء خلال استشارة بالفيديو مع مريض في نيويورك (رويترز)
أحد الأطباء خلال استشارة بالفيديو مع مريض في نيويورك (رويترز)
TT

جائحة «كوفيد - 19» دفعة قوية لتطور الطب والاستشارات عن بعد

أحد الأطباء خلال استشارة بالفيديو مع مريض في نيويورك (رويترز)
أحد الأطباء خلال استشارة بالفيديو مع مريض في نيويورك (رويترز)

في غضون أسابيع قليلة أعطت جائحة «كوفيد - 19» دفعاً قوياً لتطور الطب عن بعد في أرجاء العالم بفضل التكنولوجيا المتطورة المتاحة.
وكانت قفزة كهذه، تحتاج إلى سنوات لتتحقق في الأوقات العادية. وقد ساهم عزل نصف البشرية في المنازل والخوف من انتقال عدوى «كوفيد - 19»، في تعزيز الاستشارات الطبية عن طريق تطبيقات مكالمات الفيديو والهواتف الذكية.
وقد طالت التغييرات الكبرى الطب العام بحيث كان على مقدمي الرعاية في كثير من الأحيان التعامل مع نقص معدات الحماية بأنفسهم.
وقال مارتن مارشال رئيس المعهد الملكي للطب العام في بريطانيا لوكالة الصحافة الفرنسية «الطب العام خضع لتغييرات كبيرة في الطريقة التي عالج من خلالها الأطباء والفرق الطبية المرضى خلال الوباء... السرعة التي تم بها تحقيق هذه التغييرات كانت ملحوظة».
ومع تقدم الوباء، تم تعديل التدابير أو تخفيفها في بعض البلدان للسماح باستخدام الاستشارات عن بعد على نطاق واسع.
في فرنسا، في حين كانت الاستشارة الطبية عن بعد التي يغطي كلفتها الضمان الاجتماعي منذ نهاية عام 2018 تعاني للإقلاع، أعطاها فيروس «كورونا» المستجد دفعة كبيرة.
فقد ازداد العدد الأسبوعي للاستشارات عن بعد من 10 آلاف أسبوعياً في أوائل مارس (آذار) إلى ما يقرب من مليون في منتصف مايو (أيار)، علما بأنها بلغت ذروتها عند 1.1 مليون في الأسبوع الثاني من أبريل (نيسان).
ووفقاً للضمان الاجتماعي، لم تتباطأ وتيرة تلك الاستشارات بعد انتهاء فترة الإغلاق، وقد ساهمت في خفض فترات الانتظار في العيادات الطبية بشكل جزئي.
وفي الولايات المتحدة، رفعت القيود المفروضة على إتاحة الوصول إلى الاستشارات عن بعد وكذلك بعض قواعد حماية البيانات.
ووفقاً لليلى مكاي من «إن إتش إس كونفيديريشن» وهي منظمة مرتبطة بنظام الصحة الحكومي في بريطانيا، فقد تم إجراء الجزء الأكبر من 1.2 مليون استشارة يومية للرعاية الأساسية، عن بعد خلال فترة العزل المنزلي في المملكة المتحدة، وهذا التغيير حصل «في غضون أسابيع قليلة» فقط.
إلا أن ذلك التغيير الجذري لم يحدث دون بعض العقبات.
تتذكر كاميل غاجريا الطبيبة والأستاذة في إمبريال كوليدج في لندن في تصريحات نشرتها مجلة «بريتش ميديكل جورنال»، «كانت الجلسة الاستشارية الأولى لي عبر الفيديو كارثة... فكان عمال يثقبون الحائط وتعطل المايكروفون ودخل أحد الزملاء إلى الغرفة».
يمكن أن تكون الاستشارة عن بعد فعالة، لكن يجب التنبه إلى التفسيرات الخاطئة التي يمكن أن تنتج بسهولة عن استشارة بالفيديو، كما أكدت الطبيبة.
وأعطت أزمة فيروس «كورونا» قوة دفع جديدة للتطبيب عن بعد أيضاً في الهند التي يوجد فيها 8.6 عامل طبي فقط لكل 10 آلاف شخص، وفق أرقام لمنظمة الصحة العالمية عائدة لعام 2018، وحيث يتركز الأطباء في المدن، فيما يعيش 70 في المائة من السكان في الأرياف.
وقال أيوش ميشرا، مؤسس شركة «تاتفان» للتطبيب عن بعد، إن الوباء أقنع الحكومة بتخفيف القواعد التي كانت مفروضة على الاستشارات عن بعد.
وأيوش الذي فقد ساقه في حادث دراجة نارية بسبب نقص الرعاية المناسبة والسريعة، يأمل في أن يتمكن من مضاعفة مراكز الاستشارات عن بعد التي يملكها والبالغ عددها 18 في أنحاء البلاد.
وقد أوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يرغب في توسيع نطاق وصول الرعاية الصحية لأكبر عدد من الهنود الذين يعيشون بعيداً عن المراكز الحضرية «لأنه حق أساسي لهم».
لكن حتى لو كانت الأجهزة المتصلة بالإنترنت (موازين الحرارة وأجهزة مراقبة ضغط الدم...) تسهل إجراء الاستشارات عن بعد، فلا يمكن الاستمرار في تنفيذ عدد منها إلا بحضور المريض شخصياً كما لا يمكن إجراء الاستشارات الأكثر تعقيداً عن بعد أيضاً، كما أكد مارتن مارشال، رئيس المعهد الملكي للطب العام في بريطانيا.
وقالت ليلى مكاي من منظمة «إن إتش إس كونفيديريشن» المرتبطة بنظام الصحة الحكومي في بريطانيا «يخبرنا الأطباء أن ثقافتهم قد تغيرت جذرياً... والأطباء الذين كانوا في السابق يرفضون الرقمنة، أصبحوا يدركون الآن الفوائد التي يمكنهم الحصول عليها من خلالها... لن نتمكن من التراجع بعد الآن».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.