احتجاجات أميركا تتجاهل أكثر طريقة فعالة لوقف تفشي «كورونا»

متظاهرون يشاركون في وقفة إحتجاجية على مقتل جورج فلويد في بوسطن (د.ب.أ)
متظاهرون يشاركون في وقفة إحتجاجية على مقتل جورج فلويد في بوسطن (د.ب.أ)
TT

احتجاجات أميركا تتجاهل أكثر طريقة فعالة لوقف تفشي «كورونا»

متظاهرون يشاركون في وقفة إحتجاجية على مقتل جورج فلويد في بوسطن (د.ب.أ)
متظاهرون يشاركون في وقفة إحتجاجية على مقتل جورج فلويد في بوسطن (د.ب.أ)

يُعد التباعد الاجتماعي الطريقة الأكثر فعالية لإبطاء انتشار فيروس «كورونا»، ويحمي أكثر من تغطية الوجه والعينين، وفقاً لتحليل نُشر يوم الاثنين في مجلة «لانسيت».
ولهذه النتائج أهمية جديدة في ظل الاحتجاجات التي تعم العديد من المناطق الأميركية غداة مقتل رجل من البشرة السوداء يدعى جورج فلويد على يد شرطي أبيض في ولاية مينيسوتا، حيث يطالب المتظاهرين بإنهاء الظلم الاجتماعي، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن بي سي».
وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، يوم الاثنين: «لقد أمضينا للتوّ 93 يوماً في الإغلاق، حيث أُقفلت المدراس والمحال التجارية والشركات... والآن؟ تجمعات جماهيرية من آلاف الناس؟ هل من معنى لذلك؟».
ورددت عمدة شيكاغو لوري لايتفوت، عبارات تدل على الإحباط والقلق، يوم الاثنين. وقالت: «نحن قلقون بشأن آلاف الأشخاص الذين خرجوا إلى الشوارع خلال الأيام القليلة الماضية... نتمنى ألا نرى طفرة تطغى على موارد الرعاية الصحية لدينا».
وينتشر مرض «كوفيد - 19» الذي يسببه الفيروس التاجي، بشكل رئيسي من خلال الاتصال الوثيق، خصوصاً عبر قطرات الجهاز التنفسي الكبيرة من العطس والسعال - بالإضافة إلى الصراخ. وأن الغاز المسيل للدموع، الذي يستخدمه بعض ضباط إنفاذ القانون للسيطرة على الحشود، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى السعال الشديد.
وتنشر تلك القطرات التنفسية الفيروس عندما تتلامس مع عيون وأنف وفم الآخرين.
وقال الدكتور هولغر شونمان، أستاذ الطب وعلم الأوبئة السريري في جامعة ماكماستر بكندا: «هناك خطر حقيقي مستمر من الإصابة». وأضاف: «فقط حسب المنطق»، في إشارة إلى الاحتجاجات في الولايات المتحدة، «إن الوضع قد يزيد من خطر انتشار الفيروس».
وقام شونمان وزملاؤه بمراجعة وتحليل 172 دراسة لتقييم مدى نجاح إجراءات مكافحة العدوى في السيطرة على «كورونا»، بالإضافة إلى فيروسين تاجيين آخرين، هم «سارس» و«ميرس».
ووجد العلماء أن التباعد الاجتماعي على مسافة 3 أقدام (نحو متر واحد) على الأقل عن الآخرين قلل من خطر انتقال العدوى إلى 2.6%، منخفضاً من 12.8%، بين أولئك الذين هم على اتصال بدني أوثق. وأضاف مؤلفو الدراسة أن مسافات 6 أقدام (نحو مترين) يمكن أن تكون أكثر فعالية.
وتوصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالتباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى تجنب التجمعات والأماكن المزدحمة، للحد من خطر الإصابة بـ«كوفيد - 19».
وقد ظهر انتشار العدوى بين الحشود من قبل، خصوصاً خلال جائحة إنفلونزا عام 1918.
وعندما تم الإبلاغ عن الحالات الأولى للإنفلونزا في فيلادلفيا في 17 سبتمبر (أيلول) 1918، «قللت السلطات من أهميتها وسمحت بالتجمعات العامة بالاستمرار»، وفقاً لدراسة عام 2007 في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
وتضمنت أحد هذه التجمعات عرضاً كبيراً في المدينة في 28 سبتمبر. وبحلول الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون في فيلادلفيا في الحد من الحشود الكبيرة في 3 أكتوبر (تشرين الأول)، كان الأوان قد فات. وانتشر الفيروس دون رادع في المدينة، مع ما يقرب من 50 ألف حالة وفاة و12 ألف حالة وفاة.
ويخشى خبراء الأمراض المعدية الآن أن التاريخ يعيد نفسه، بمشاهد مماثلة يبدو أنها تظهر في مدن عبر الولايات المتحدة - ليس فقط بين المحتجين ولكن أيضاً من الأشخاص الذين ينتقلون بسرعة إلى «الحياة الطبيعية».
ووجد تحليل شونمان أيضاً بعض الفوائد لأقنعة الوجه والعينين، للحماية من عدوى الفيروسات التاجية.
وقلل الاستخدام المناسب لأغطية الوجه وأدوات حماية العين من خطر انتشار العدوى أيضاً، على الرغم من أنه ليس كافياً بقدر الالتزام بالتباعد الاجتماعي. وشملت أدوات حماية العين كلاً من نظارات الواقية ودروع الوجه الواقية.
لكنّ مؤلفي الدراسة كتبوا: «لا شيء يضمن وقف الانتشار: لا يوجد تدخل، حتى عند استخدامه بشكل صحيح، ارتبط بالحماية الكاملة من العدوى». وهذا يعني أن حضور التجمعات، حتى في أثناء ارتداء قناع الوجه، قد لا يكون كافياً للحماية من الفيروس الذي قتل ما يقرب من 108 آلاف شخص في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».