إجراءات مشددة في دمشق لوقف تدهور سعر الليرة

رامي مخلوف قال إن الأيام المقبلة «حاسمة» في نزاعه مع الحكومة

TT

إجراءات مشددة في دمشق لوقف تدهور سعر الليرة

صعدت السلطات السورية من الإجراءات لوقف تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، في وقت وجه رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد تحذيرا شديدا، متوقعا أن تكون الأيام المقبلة «حاسمة».
وأصدر المصرف المركزي السوري، الثلاثاء، تعميما قضى بوضع سقف للأموال المسموح نقلها بين المحافظات، برفقة مسافر. وشدد على «عدم نقل الأموال بالليرة السورية بين المحافظات (برفقة مسافر) لمبالغ تزيد عن 5 ملايين ليرة سورية»، في حين وصل سعر الصرف إلى حدود 1900 ليرة للدولار الأميركي. وطالب بالعمل على «تحويل تلك المبالغ عن طريق المصارف وشركات الحوالات المالية المرخصة العاملة في سوريا».
وكان «مصرف سوريا المركزي» حذر من التعامل مع «أشخاص مجهولي الهوية يمتهنون عملية تسليم الحوالات، وهدد من يتعامل معهم بالملاحقة القانونية بجرائم بينها تمويل الإرهاب». وأوضح المركزي في بيان، أنه «لوحظ انتشار ظاهرة تسليم الحوالات المالية الواردة من الخارج للمستفيدين منها عن طريق أشخاص مجهولي الهوية». وأضاف أن متابعة «مجموعة من هؤلاء الأشخاص الممتهنين لهذا النشاط غير المشروع أظهرت أن العديد منهم يعمل ضمن شبكات موجودة ضمن مناطق تنشط فيها المجموعات الإرهابية وبعضهم مرتبط بهذه المجموعات أو لديه سوابق جرمية».
وأهاب المصرف بالسوريين «عدم تسلم أي مبالغ مالية من أشخاص مجهولي الهوية أو في الأماكن العامة»، قائلا إن «الأفراد الذين يتم ضبطهم أو التوصل لمعلومات تفيد بتسلمهم للحوالات عن طريق أشخاص مجهولين ستتم ملاحقتهم قضائيا بموجب قوانين تمويل الإرهاب في حال تورط هؤلاء الأشخاص بهذا الجرم، أو ملاحقتهم بجرم الصرافة غير المرخصة والتعامل بغير الليرة السورية بموجب القوانين النافذة في حال اقتصر الجرم المرتكب من قبل هؤلاء الأشخاص على ذلك».
وأعلنت وزارة الداخلية على صفحتها في «فيسبوك»، عن توقيف ستة أشخاص بتهمة التعامل بغير الليرة السورية، إلى «جانب تهمة مزاولة تحويل الأموال بطريقة غير قانونية التي باتت تقترن بتهمة تمويل الإرهاب». ونقلت عن «فرع الأمن الجنائي» في حلب أنه أجرى تحقيقاً مع أحد الموقوفين لديه حيث اعترف بتعامله بغير الليرة السورية بالاشتراك مع عدة أشخاص آخرين، فيما تم احتجاز شخصين اثنين اعترفا بمزاولتهما مهنة تحويل الأموال وصرافة العملات، التي يحظرها النظام، ويفرض رقابة صارمة عليها عبر شركاته المرخصة.
كما كشف المنشور عن توقيف شخصين بتهمة التعامل بغير الليرة ومصادرة مبالغ مالية بقيمة أكثر من ثلاثة ملايين ليرة، فيما قبضت المخابرات على شخص في مدينة حلب أثناء محاولته تسليم حوالة مالية خارجية، الأمر الذي نتج عنه مصادرة مبلغ أكثر من أربعة عشر ألف دولار أميركي، ومبلغ مالي بالعملة المحلية.
وكان الرئيس الأسد أصدر مرسوماً يقضي بتشديد العقوبات على المتعاملين بغير الليرة السورية، كوسيلة للمدفوعات، يعاقب من يقوم بذلك بـ«الأشغال الشاقة» لمدة لا تقل عن 7 سنوات فضلاً عن فرض غرامات مالية كبيرة.
إلى ذلك، اعتبر مخلوف أن الأيام القادمة ستكون حاسمة، مشيرا إلى ضرورة ألا تصل الأمور لإجابة طلب فرض حارس قضائي على شركة «سيريتل» التي يملك معظم أسهمها.
وقال مخلوف على صفحته الشخصية في موقع «فيسبوك» ليل الاثنين – الثلاثاء، إن استجابة حكومة النظام لطلب فرض حارس قضائي على الشركة يعد «تصدياً صريحاً للقوانين والأنظمة، وتعديا واضحا على الملكية الخاصة التي صانها الدستور». ولفت إلى «يد خفية ذات قوة خارقة» تهدده باتخاذ إجراءات جدية في حال لم يستجب للطلبات المقدمة إليه، ومنها رفع حصة الهيئة الناظمة للاتصالات لتصبح 50 في المائة من عائدات شركته، وهو ما يعني إفلاسها، وفق قوله.
كما اتهم مخلوف جهات لم يسمها بـ«احتجاز مجموعة كبيرة من موظفي الشركة لترهيب البقية وضمان تنفيذهم للتعليمات الموجهة إليهم من تلك الجهات بلا اعتراض»، و«الضغط على بعض المديرين بالشركة لمنعهم أيضا من التواصل مع رئيس مجلس إدارتها».
وسبق أن نفت وزارة العدل تعيين شقيق أسماء الأسد «حارسا قضائيا» على أموال رامي مخلوف المحتجزة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.