تزايد حمى «التوتر» في «شرق المتوسط»

مصر للتوقيع النهائي على ميثاق «منتدى الغاز»... واليونان تحذر تركيا من التنقيب

TT

تزايد حمى «التوتر» في «شرق المتوسط»

عززت تحركات وتحذيرات متجددة من دول عدة من «تزايد حمى التوتر» في منطقة «شرق البحر المتوسط»، وتستعد 7 دول بينها مصر لتوقيع اتفاق نهائي لتأسيس «منتدى غاز المتوسط» خلال الشهر الحالي، فيما جددت اليونان تحذيرها لتركيا من إرسال سفن للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة سواحل جزر رودس وكارباثوس وكريت، فيما تؤكد أنقرة مضيها بمسار التنقيب شرق المتوسط، متجاهلة اعتراضات عدد كبير من دول الإقليم على شرعية وقانونية مساعيها.
وقال وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، أول من أمس، إن «اليونان مستعدة لمواجهة مثل هذا (الاستفزاز) وجها لوجه». وتستند تركيا في تحركاتها إلى «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل التي وقعتها حكومة رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج والمعترف بها من الأمم المتحدة، مع تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». وترى أثينا أن «تركيا وحكومة الوفاق بليبيا انتهكتا الجرف القاري اليوناني جنوب جزيرة كريت في اتفاقهما». وسبق أن أصدر وزراء خارجية، مصر واليونان وقبرص وفرنسا والإمارات، الشهر الماضي، بياناً مشتركاً، أعربوا عن «بالغ قلقهم إزاء التصعيد الحالي والتحركات الاستفزازية (التركية) المستمرة في شرق المتوسط».
وفي سياق استمرار القاهرة، في مسار تعزيز قوتها البحرية العسكرية، ذكرت تقارير صحافية إيطالية، نقلتها جريدة «لا ريبوبليكا» أن روما بصدد إتمام اتفاق لبيع 4 فرقاطات حربية في صفقة تقدر بـ1.2 مليار يورو إلى مصر، فضلاً عن 20 لنش صواريخ، و24 مقاتلة متعددة المهام ضمن الاتفاق نفسه.
والقاهرة أيضاً مقر دائم لـ«منتدى غاز شرق المتوسط» الذي يضم بخلاف مصر كلاً من: «اليونان، وقبرص، وإيطاليا، والأردن، وفلسطين، وإسرائيل»، ويستعد أعضاؤه الشهر الحالي لأعمال الاجتماع الوزاري الرابع لاستكمال الكيان الرسمي للمنتدى، مناقشة أسلوب التوقيع النهائي على ميثاقه، واستوفى الموافقات اللازمة من جانب الاتحاد الأوروبي طبقا لالتزامات أعضاء المنتدى من الدول أعضاء الاتحاد.
وأرجع الدكتور محمد عبد القادر خليل، رئيس تحرير دورية «شؤون تركية» للدراسات «كل التوترات والاستفزازات في منطقة شرق المتوسط، إلى المكاسب الكبيرة والواعدة من الغاز في المنطقة إلى الحد الذي تسعى معه قوى كبرى حتى من خارج الإقليم لإعادة التمركز وتوجيه النفوذ سعياً للوجود ضمن الترتيبات المقبلة».
وتقدر هيئة المسج الجيولوجي الأميركية «احتياطيات الغاز الطبيعي الموجودة بالبحر المتوسط ما بين 340 إلى 360 تريليون قدم مكعبة من الغاز».
ويقول خليل لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر باعتبارها طرفا رئيسيا ومهما في المعادلة الراهنة في شرق المتوسط، ربما تسعى من خلال تحركات دبلوماسية وتحالفات دولية، فضلاً عن تعزيزات لقوتها العسكرية، إلى خلق أرضية مشتركة مع أطراف أوروبية ذات صلة سواء بترتيبات صفقات السلاح، أو عبر التأكيد على مصالح الشركات العملاقة التي تعمل في إطار التنقيب وفق اتفاقات شرعية مع دول شرق المتوسط».
ومع ذلك، فإن خليل يعبر عن اعتقاده بأن «السياسة التركية وفق ما يصلنا من سلوكها خلال الفترة الماضية وعبر ساحات إقليمية مختلفة، تنتهج أسلوب (التدخل الخشن) وفرض الأمر الواقع، سواء بتصدير المقاتلين في سوريا أو ليبيا لخلق موطئ قدم لها في أي ترتيبات مقبلة في المنطقة»، منوهاً أنه وفي المقابل، «تظهر الأطراف الأوروبية جانبا من الهشاشة في التعامل مع أنقرة، رغم تعديها على حقوق ومصالح عضو مهم في الاتحاد وهي اليونان».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.