مصر: حظر «البناء والتنمية» يُحيي مطالب «حل أحزاب الإسلام السياسي»

خبراء وبرلمانيون دعوا إلى تشديد الرقابة على أنشطتها وتمويلها

TT

مصر: حظر «البناء والتنمية» يُحيي مطالب «حل أحزاب الإسلام السياسي»

أحيا حكم حظر حزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية لـ«الجماعة الإسلامية» في مصر، مطالب «حل أحزاب الإسلام السياسي»، وسط دعوات برلمانية وحقوقية بـ«ضرورة تشديد الرقابة على أنشطتها ومصادر تمويلها».
وقضت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة السبت الماضي، «بقبول طلب لجنة (شؤون الأحزاب السياسية) بحل (البناء والتنمية) وتصفية أمواله». ووفق مراقبون وخبراء «هناك 10 أحزاب غير رسمية تحت التأسيس، يصنفها البعض بأنها قائمة على أساس ديني، وهي (الوطن، والراية، والكنانة، والاستقلال، والإصلاح والنهضة، والحضارة، والوعظ، والثورة، والسلامة، والتوحيد العربي)»... فضلاً عن «7 أحزاب رسمية وهي (الأصالة، والفضيلة، والنور، والوسط، والعمل الجديد، والبناء والتنمية، ومصر القوية الذي يرأسه عبد المنعم أبو الفتوح (محبوس ومدرج على قوائم الإرهاب)».
ويطالب عدد من أعضاء مجلس النواب (البرلمان) باتخاذ الإجراءات القانونية لحل الأحزاب التي تقوم على أساس ديني. وأكدت النائبة آمنة نصير، عضو مجلس النواب أن «المطالبة بحل الأحزاب الدينية أمر طبيعي، خاصة أن الدستور يمنع قيام الأحزاب على أساس ديني». فيما دعا النائب أحمد درويش، عضو مجلس النواب، «لتشديد الرقابة على أنشطة الأحزاب الدينية وتجفيف منابعها المالية، خاصة أن بعض عناصر في هذه الأحزاب مدرجة على قوائم الإرهاب، بحسب أحكام قضائية». وبحسب قيادي بأحد الأحزاب، التي يطلق عليها «تيار الإسلام السياسي»، فإن «حزبه يمارس عمله الاجتماعي دون أي أهداف سياسية أو حزبية أو دينية». إلا أن نصير قالت إن «هذه الأحزاب تؤكد دائماً أنها ليست قائمة على أساس ديني، رغم أن كل أفعالها وتصريحات قيادتها، تشير إلى أنها أحزاب دينية». وأكدت داليا زيادة، مدير المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة، «ضرورة اتخاذ موقف حاسم من الأحزاب الدينية التي ما زالت قائمة»، مضيفة أنه «يجب أن تتدخل لجنة (شؤون الأحزاب) لوقف عملها».
وكانت هيئة «مفوضي الدولة» بالمحكمة الإدارية العليا قد أوصت في جلسة سابقة، بقبول الطعن وحل «البناء والتنمية» استناداً إلى اتهامه بـ«تمويل الجماعات الإرهابية، وانتماء أعضاء بجماعات إرهابية له». وأرسلت لجنة «شؤون الأحزاب»، في وقت سابق، ملف الحزب إلى المحكمة الإدارية العليا، في ضوء مخالفة الحزب لبنود المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية». وتنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية بمصر على «عدم تعارض أهداف الحزب أو برامجه أو سياساته مع المبادئ الأساسية للدستور، وعدم قيام الحزب باختيار قياداته أو أعضائه على أساس ديني، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية». ونوهت لجنة «شؤون الأحزاب» في وقت سابق إلى قيام حزب «الجماعة الإسلامية» بانتخاب طارق الزمر (الرئيس السابق للحزب، هارب إلى تركيا)، رئيساً له، وهو مدرج ضمن قوائم الأفراد والكيانات الإرهابية». ووفق النائب محمد المسعود، عضو مجلس النواب، فإن «نشاط الحزب بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 زاد الشكوك حوله، خاصة مع تورط عدد من أعضائه في جرائم عنف». وأدرجت محكمة مصرية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018 «الجماعة الإسلامية» و164 من قادتها، بينهم الزمر، ومحمد شوقي الإسلامبولي (هارب إلى تركيا)، على «قوائم الكيانات الإرهابية». وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، عمرو عبد المنعم، إن «تناقض فكرة الأحزاب الدينية تكمن في أن جميعها لم يستطع التخلص من فكرة العمل الجماعي، ويعتبرون أنفسهم أحياناً هيئة دينية، وأخرى جمعية خيرية، وأحياناً ثالثة حزبا سياسيا، أو تنظيما سريا»، مضيفاً: أن «هذه الأحزاب لم تتلق برامج تأهيلية على الممارسة السياسية السليمة، نتج عن ذلك تناقض فكرة المعارضة، والإحساس الدائم بالمظلومية، والتحول لشكل من أشكال الأحزاب التقليدية القديمة». وتأسست الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية عقب ثورة 25 يناير. وفور تصنيف السلطات المصرية «الإخوان» جماعة «إرهابية» تم حل حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة. وسبق أن طالبت حملة «لا للأحزاب الدينية» بحل الأحزاب التي تقوم على أساس ديني.
وفي أبريل (نيسان) 2017 قضت محكمة مصرية «بوقف طعن تقدم به أحد المحامين لحل حزب (النور)». وبحسب عبد المنعم، فإن «التجربة أثبتت أن ترك بعض الأحزاب الدينية تعمل في السياسة لها مزايا وعيوب، مزاياها أنها (تُقدم ما حاولت طوال عملها أن تفعله بالسر، في العلن)، أما عيوبها فيتمثل في أن (بعض عناصرها تربت على السرية في المواقف والتصرفات والقرارات)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.