«كورونا» وموسم الإنفلونزا... كيف نتلافى مخاطر لقاء الثنائي؟

أطباء يتحدثون عن خطة من 3 عناصر لمواجهة الفيروسَين

رئيس الوزراء التايلندي لدى تلقيه لقاح الإنفلونزا في إطار حملة توعوية أطلقت الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التايلندي لدى تلقيه لقاح الإنفلونزا في إطار حملة توعوية أطلقت الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» وموسم الإنفلونزا... كيف نتلافى مخاطر لقاء الثنائي؟

رئيس الوزراء التايلندي لدى تلقيه لقاح الإنفلونزا في إطار حملة توعوية أطلقت الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التايلندي لدى تلقيه لقاح الإنفلونزا في إطار حملة توعوية أطلقت الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)

ترك فيروس «كورونا المستجد»، المسبب لمرض «كوفيد – 19» تداعيات سلبية على أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى نقص في الطواقم المؤهلة والمعدات.
وبينما توازن الدول للحد من انتشار الفيروس مع تزايد الضغط لإعادة فتح حدودها واقتصاداتها، يخشى الأطباء من استمرار الوباء في التوسع، خصوصاً إذا تزامنت الموجة الثانية من الوباء مع موسم الإنفلونزا التقليدي (الخريف والشتاء القادمين). ويظن بعض دول العالم أن الموجة الثانية من الوباء ربما تحدث مع تخفيف القيود، إلا أن المدير التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، مايك رايان، قال في مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام مساء الثلاثاء الماضي، إن «العالم لا يزال بشكل عام في منتصف الموجة الأولى». وتابع رايان: «كي تحدث موجة ثانية، يجب أن تنخفض حالات الإصابة بالفيروس أولاً في جميع أنحاء العالم إلى مستوى منخفض للغاية، ثم تعود مرة أخرى بعد عدة أشهر». وقال: «إذا نظرنا إلى البيانات الواردة من أميركا الجنوبية، إلى أفريقيا وجنوب آسيا والعديد من البلدان الأخرى، فإننا ما زلنا في مرحلة يكون فيها المرض في طريقه إلى الارتفاع». وأضاف: «الآن، لسنا في الموجة الثانية أو على مشارفها... نحن في منتصف الموجة الأولى على مستوى العالم».
ووفقاً لهذه التقديرات التي أشار إليها رايان، فإن بدايات الموجة الثانية من الوباء قد تأتي متزامنة مع موسم الإنفلونزا التقليدي، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على الأنظمة الصحية، حتى المتقدمة منها. وبدأت الأوساط الصحية في الولايات المتحدة الأميركية تحذر مبكراً من هذا التزامن المتوقع، والذي تكشف إحصائيات موسم الإنفلونزا الحالي أن حدوثه سيثقل كاهل النظام الصحي. وأظهرت بيانات حكومية أميركية أن موسم الإنفلونزا هذا العام (2019 - 2020)، كان من أسوأ الفترات المسجلة. وانتهى الموسم رسمياً الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار)، وأُصيب ما بين 39 مليوناً و56 مليون شخص بالإنفلونزا، وفقاً مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها.
وذكرت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في تقريرها الأسبوعي الأخير عن الإنفلونزا، الذي صدر في الأسبوع الأول من شهر مايو، أن ما لا يقل عن 24 ألف حالة وفاة مرتبطة بالإنفلونزا حدثت خلال موسم 2019 - 2020. وحتى أول من أمس، توفي أكثر من 105 آلاف شخص في الولايات المتحدة بسبب (كوفيد – 19)، مع أكثر من مليون و800 ألف إصابة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ويقول الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي والأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة «فاندربيلت» في مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت»، في أواخر شهر مارس (آذار) : «الإنفلونزا عدو قديم... لقد اعتدنا على ذلك نوعاً ما، لكن الفيروس الجديد غامض وغير معروف، لم نرد أن يأتي إلينا، لكنه جاء مع معدل وفيات بين كبار السن ربما يكون أعلى من الإنفلونزا».
ومع انشغال العالم بالفيروس الجديد، يخشى شافنر أن يؤثر ذلك على إقبال الناس على أخذ اللقاح الموسمي للإنفلونزا، بما يمكن أن يؤدي إلى إثقال كاهل الأنظمة الصحية التي ستجد نفسها أمام مهمة مزدوجة، وهي مواجهة الفيروس الجديد والقديم. وحذّرت منظمة الصحة العالمية نهاية أبريل (نيسان) الماضي من تراجع الإقبال على اللقاحات التقليدية، لأسباب تتعلق بانشغال الحكومات بمواجهة تبعات الفيروس الجديد، وعزوف الناس خشية العدوى عن الحصول على اللقاحات، وهو ما من شأنه إعادة إنتاج تجربة دولة الكونغو، حينما ركزت كل طاقتها على مواجهة فاشية «إيبولا»، فعادت الحصبة بقوة.
وتسبب وباء الحصبة في عدد وفيات تجاوز ستة آلاف شخص في الكونغو، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد الأشخاص الذين أصيبوا بفاشية «إيبولا» منذ ظهورها في أغسطس (آب) 2018، وتم وصفها بأسوأ موجة تفشٍّ للأمراض المعدية في العالم، وفق بيان صحافي أصدرته منظمة الصحة العالمية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وحتى يتجنب العالم هذا السيناريو، وضع الدكتور بنيامين سينغر، أستاذ مساعد في الرعاية الرئوية والحرجة والكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، استراتيجية للمواجهة تتكون من ثلاثة مسارات ينبغي التحرك فيها. وأوضح في مقال نشره أول من أمس في دورية «ساينتفيك ريبوتيز»، أن المسار الأول هو التطعيم ضد الإنفلونزا، وقال: «بينما ننتظر تجارب لقاح (كوفيد – 19)، يجب أن نخطط لزيادة معدلات التطعيم ضد الإنفلونزا، خصوصاً بين كبار السن الذين هم أكثر عرضة للإصابة بكل من الإنفلونزا والفيروس الجديد».
أما المسار الثاني، فذلك الذي يتعلق بـ«انتقال العدوى»، وقال إن «سياسات التباعد الاجتماعي المصممة للحد من انتشار (كورونا المستجد) فعالة أيضاً ضد الإنفلونزا، فإذا بدأت حالات (كوفيد - 19) بالارتفاع في خريف عام 2020، فإن إعادة تشديد إجراءات التباعد الاجتماعي يمكن أن تساعد في التخفيف من الانتشار المبكر للإنفلونزا لتسوية المنحنيات لكلا الفيروسين».
وأشار إلى أن المسار الثالث يتعلق بـ«العدوى المشتركة»، وشدد على أن هناك حاجة إلى توافر واسع النطاق للتشخيص السريع لـ(كوفيد - 19) ومسببات الأمراض التنفسية الأخرى، لأن العدوى المشتركة مع مرض تنفسي آخر، بما في ذلك الإنفلونزا، حدثت في أكثر من 20% من المرضى المصابين بالفيروس الجديد.
ولا يبدو المسار الثالث ملائماً لبعض الدول التي تكافح من أجل توفير اختبارات تشخيص «كورونا المستجد»، فكيف ستتمكن من توفير الاثنين. ولذلك فإن الحل، كما يرى د. محمد عواد، استشاري الأمراض الصدرية بوزارة الصحة المصرية، هو توعية الناس بالأعراض المميزة لفيروس «كورونا المستجد»، والذي يتعين عليهم حينها التوجه إلى المستشفى طلباً للتحليل والعلاج. ويقول عواد لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الرئيسية والتي يمكن أن تتسبب في إثقال كاهل الأنظمة الصحية هو توافد مرضى الإنفلونزا مع مرضى الفيروس الجديد في وقت واحد، حيث سيخشى مرضى الإنفلونزا أن يكونوا قد أُصيبوا بالفيروس الجديد، والسبب هو تشابه الأعراض بين المرضين».
ويتسبب كلا الفيروسين في أعراض متشابهة، كالحمى والسعال وآلام الرأس والعضلات والإرهاق، ويمكن لهذه الأعراض سواء كانت بسبب الإصابة بالإنفلونزا أو كورونا احتواؤها بالأدوية والعزل المنزلي، كما يؤكد عواد. ويضيف: «يمكن في حالة واحدة التوجه إلى المستشفى لتخفيف الضغط على المراكز الصحية، وهي حدوث أعراض تنفسية، لا يصبح معها الشخص قادراً على التنفس بشكل طبيعي، ويحتاج إلى دعم من أجهزة التنفس الصناعي».


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.