بعد تقوقعها أسابيع عدّة من جرّاء الأزمة الصحية الحادّة التي مرّت بالعالم بسبب فيروس كورونا المُستجد، بدأت الحدود بين بعض أسواق المال العالمية تتفتّح مُجدداً، تدريجياً، إذ أفصحت الجمعية الأوروبية لأسواق المال عن أن مفعولاً مزدوجاً على أسواق رؤوس الأموال الأوروبية رافق أزمة جائحة «كوفيد-19»، حيث كان جزء منه إيجابياً والآخر سلبياً.
ويوجد فارق كبير بين المرحلة الأولى من تفشّي فيروس كورونا وما آلت إليه الأحوال اليوم، حيث في المرحلة الأولى اختفت أموال المستثمرين من أسواق المال، أما اليوم فثمة شركات ذات درجة مصداقية عالية تتمكّن من استقطاب أموال المستثمرين الدوليين إلى مخططاتها وبرامجها المالية.
تقول الخبيرة الألمانية يوشوا ميلر، في العاصمة برلين، إن إجمالي إصدارات سندات الشركات الخاصة التي لا يقلّ تصنيفها الائتماني عن درجة «بي بي بي»، رسا بين مطلع شهر مارس (آذار) وأواخر شهر أبريل (نيسان) من عام 2020 عند 110 مليارات يورو في أوروبا؛ أي أنه قفز 131 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019. كما أن ما مجموعه 56 مليار يورو من هذه السندات تم إصداره في الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان) من عام 2020.
وعلى صعيد الشركات الواقفة وراء هذه الإصدارات، فإنها فرنسية وبريطانية في المقام الأول، تليها الشركات البلجيكية والهولندية والألمانية. وتضيف أن إصدارات سندات الشركات الألمانية الخاصة واعدة، إنما لا تزال ضمن طابع التواضع لناحية العدد والقيمة. ويعود السبب في ذلك -بحسب الخبيرة- إلى المفعول المتواصل الثقيل لجائحة «كوفيد-19» على القطاع الإنتاجي الألماني، وقلق المستثمرين الألمان مما ستأتي به إليهم أحداث الأسابيع المقبلة.
وتختم بالقول: «تتهافت الشركات الأوروبية نحو جمع رؤوس الأموال مهما كان الثمن. لذا، استعرّ التنافس بينها، لا سيما لناحية المردود على سنداتها الذي يتراوح بين 2 و8.25 في المائة. وبصرف النظر عن المردود، تحتاج الشركات الأوروبية إلى أموال طازجة لدعم أنشطتها المتوقفة بصورة شبه كاملة في زمن فيروس كورونا. وبالنسبة للشركات الألمانية، فإنّ 86 في المائة من أموال المستثمرين في سنداتها سيُخصّص لزيادة رأسمالها، في حين سيُستعمل 2 في المائة منه لعمليات شراء متفرّقة، و12 في المائة منها لإعادة تمويل ديونها».
ومن جانبه، يشير الخبير المصرفي الألماني أولاف سيمرمان إلى أن خطة الطوارئ التي تبنّاها المصرف المركزي الأوروبي لدعم اقتصاديات بلدان منطقة اليورو، المعروفة باسم برنامج شراء الطوارئ الوبائية، تتضمّن بدورها زاوية لدعم موازنات الشركات الأوروبية على نحو غير مباشر، عن طريق شراء سنداتها لما إجماليه 10 مليارات يورو. ويضيف أن الظروف الراهنة لا تعطي هامشاً واسعاً للشركات الألمانية الكبرى، خصوصاً تلك المتخصصة في إنتاج السيارات، لتتحرّك براحة في أسواق السندات الأوروبية، فكثير منها كان يراهن على الأسواق الأميركية والآسيوية. أما اليوم، فهي تحتاج، حتى منتصف صيف عام 2020، لإعادة التموضع أوروبياً في بورصة فرانكفورت، على الأقل، بغية طرح سنداتها للبيع في الأسواق الأوروبية، مقابل مردود يرسو معدله عند 5 في المائة تقريباً.
ويختم سيمرمان: «في عام 2019، رسا إجمالي إصدارات سندات الشركات الألمانية الخاصة عند 15 مليار يورو. ويختلف المشهد تماماً اليوم لأن مجموع هذه الإصدارات لم يتجاوز 2.3 مليار يورو حتى نهاية شهر فبراير (شباط)، عاكسة معها تراجعاً مخيفاً مقداره أكثر من 90 في المائة».
وبإمكان شركات إنتاج الأدوية واللقاحات -وفقاً لسيمرمان- الاستفادة من أزمة كورونا لاستقطاب أموال المستثمرين الألمان الذين يعطونها الأفضلية. وثمة من يشير إلى أن هذه الشركات ستتمكّن، حتى نهاية عام 2020، من جمع ما لا يقلّ عن ملياري يورو من خلال طرح سنداتها للبيع في الأسواق الأوروبية.
لا تأثير لـ{كورونا» على إصدارات سندات الشركات الأوروبية
خبراء يؤكدون تزايد الإقبال مع ضغوطات الفيروس على عمليات الإنتاج
لا تأثير لـ{كورونا» على إصدارات سندات الشركات الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة