الغاز مصدر خلاف اقتصادي مستمر بين روسيا وجاراتها

عامل في موقع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 قرب مدينة كينجيسيب بإقليم لينينجراد بروسيا (رويترز)
عامل في موقع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 قرب مدينة كينجيسيب بإقليم لينينجراد بروسيا (رويترز)
TT

الغاز مصدر خلاف اقتصادي مستمر بين روسيا وجاراتها

عامل في موقع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 قرب مدينة كينجيسيب بإقليم لينينجراد بروسيا (رويترز)
عامل في موقع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 قرب مدينة كينجيسيب بإقليم لينينجراد بروسيا (رويترز)

لا تتوقف الخلافات عمليا بين روسيا وجارتها بيلاروسيا، حليفتها الأهم في الفضاء السوفياتي، بسبب سعر صادرات الغاز الروسي إلى السوق البيلاروسية. إذ أعلنت شركة «غاز بروم» الحكومية الاحتكارية، رفضها بدء محادثات حول صادراتها العام القادم إلى بيلاروسيا، قبل تسديد الأخيرة ديونها عن صادرات العام الحالي، وهو ما رفضته مينسك، وقال مسؤولون بيلاروس إنه «لا ديون مستحقة» لروسيا عن الغاز.
وقبل ذلك برز تباين رئيسي حول الموضوع ذاته بين قادة دول الاتحاد الأوراسي، خلال قمتهم الأخيرة، حيث طالبت دول الاتحاد تشكيل سوق موحدة للطاقة وهوما رفضته روسيا، ما أدى في نهاية المطاف إلى تأجيل جديد لاعتماد خطة التكامل الاقتصادي العميق داخل الاتحاد.
في غضون ذلك يبقى الغاز، ومع توفيره حصة كبيرة من إيرادات الميزانية الروسية، مصدر توتر مستمر في العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي تعارض بشدة مشروع «سيل الشمال - 2».
وكان أليكسي ميللر، رئيس مجلس إدارة شركة «غاز بروم» الروسية، رفض بحث شروط اتفاقية تصدير الغاز إلى بيلاروسيا قبل تسديد الأخيرة ديونها عن الصادرات الجارية، وقال في تصريحات أول من أمس، إن ديون بيلاروسيا عن صادرات الغاز الروسي بلغت حاليا 165.27 مليون دولار أميركي، وأضاف: «بمجرد تسوية الديون بالكامل، سيكون الجانب الروسي على استعداد لتحديد موعد للمفاوضات بشأن شروط توريد الغاز إلى بيلاروسيا اعتبارا من مطلع العام القادم»، وأكد أن شركته أرسلت خطابا رسميا إلى الجانب البيلاروسي بهذا الصدد. جاء الرد من مينسك سريعا، وقالت وزارة الطاقة البيلاروسية إنه لا ديون مستحقة للجانب الروسي عن إمدادات الغاز، وأحالت حديث ميللر عن ديون إلى «خلافات بين الطرفين حول تحديد سعر الغاز»، وأكد المكتب الإعلامي في الوزارة أن «المدفوعات عن الغاز الطبيعي المورد تنفذها الشركة البيلاروسية بموجب الاتفاقيات ذات الصلة». ولم تعلق «غاز بروم» على هذا الرد البيلاروسي.
وتعتمد بيلاروسيا إلى حد كبير على صادرات الغاز الروسي لتلبية احتياجاتها المحلية، وتستورد سنويا نحو 20 مليار متر مكعب بموجب اتفاقيات سنوية. وبرزت خلافات حول السعر أثناء المفاوضات مطلع العام الحالي. في النهاية وقع الجانبان الاتفاقية في 14 فبراير (شباط) 2020. وتم تحديد السعر بموجبها لهذا العام عند مستوى 127 دولارا لكل ألف متر مكعب. رغم ذلك عادت بيلاروسيا وطالبت بتخفيض السعر، لا سيما بعد أن تراجع سعر صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا حتى أدنى مستوى تاريخي، على خلفية تراجع الاستهلاك نتيجة تفشي وباء كورونا. وفي منتصف مايو (أيار) الحالي، قال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، إنه حصل على معلومات تؤكد أن «روسيا تبيع الغاز لأوروبا في هذا الوقت المعقد، بسعر 65 - 68 دولارا لكل ألف متر مكعب، وليس مقابل 127 دولارا كما يبيعون الغاز لنا في بيلاروسيا»، وعبر عن خيبة أمله إزاء «الحليفة» روسيا، وقال: «ما الذي يمكننا أن نأمله (من روسيا) مع وضع كهذا». بعد ذلك اقترحت وزارة الطاقة البيلاروسية على «غاز بروم» تخفيض سعر صادراتها للسوق البيلاروسية، إلا أن الجانب الروسي رفض ذلك وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات أخيرا، إن الالتزامات التعاقدية من جانب الزملاء في بيلاروسيا تبقى قائمة، حتى في ظل الهبوط الحالي على أسعار الطاقة، وأشار إلى أنه عندما أُبرمت الاتفاقية لعام 2020، كان سعر الغاز فيها لبيلاروسيا أدنى من السعر في السوق العالمية.
ويشكل الغاز واحدة من السلع الرئيسية على قائمة الصادرات الروسية، ولا تتوفر بيانات دقيقة حول حصته من تلك الصادرات، إلا أنه يشكل مع النفط الحصة الأكبر، التي بلغت 63.4 في المائة من إجمالي الصادرات الروسية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية فبراير (شباط) 2020. كما توفر تلك الصادرات الحصة الرئيسية من دخل الميزانية، ووفق بيانات وزارة المالية وفرت صادرات النفط والغاز 46 في المائة من إيرادات الميزانية عام 2019.
رغم ما توفره للاقتصاد من دخل، إلا أن صادرات الغاز الروسي تبقى حتى الآن مصدر توتر إن جاز التعبير لعلاقات موسكو مع دول حليفة وأخرى منافسة لها في أسواق الطاقة. إذ يبقى هذا الملف حتى الآن عقبة رئيسية أمام صياغة استراتيجية التكامل الاقتصادي العميق بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (روسيا، بيلاروسيا، أرمينيا، كازاخستان، قرغيزيا). وخلال قمتهم الأخيرة يوم 19 مايو الحالي، اضطر قادة الدول الأعضاء في الاتحاد إلى ترحيل التوقيع على «استراتيجية تطوير الاتحاد الأوراسي 2025» إلى القمة القادمة خريف العام الحالي، واكتفوا بالإعلان عن توافق حولها بشكل عام، مع بقاء خلافات أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنها تتعلق بتبني أسعار موحدة للطاقة داخل أسواق دول الاتحاد، الأمر الذي تنادي به بعض الدول الأعضاء، بينما ترى روسيا أنه من المبكر اعتماد السعر في السوق الروسية سعرا موحدا لدول الاتحاد، وتقول إن هذه الخطوة تتطلب تهيئة قوانين موحدة ضمن الاتحاد الأوراسي في المجالين المالي والضريبي، ومجالات تنظيمية أخرى.
في غضون ذلك لم تتوقف «المعركة» بين موسكو وواشنطن حول مشروع شبكة أنابيب «سيل الشمال - 2» لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا دون عبور أي من دول الترانزيت. وبعد أن أُزيلت آخر عقبة «قانونية» أمام مواصلة أعمال مد الشبكة، حين قررت السلطات الألمانية أخيرا منح هذا المشروع استثناء من الحزمة الثالثة من قانون الطاقة الأوروبية، الخاصة بمنع احتكار الصادرات عبره، عادت الولايات المتحدة ولوحت بحزمة عقوبات جديدة أكثر تشددا لمنع إتمام المشروع، علما بأنها فرضت سابقا عقوبات عليه، تسببت بتوقف أعمال مد الأنابيب منذ العام الماضي، حين اضطرت شركة سويسرية إلى سحب سفنها من منطقة الأعمال في بحر البلطيق، خشية من أن تطالها تلك العقوبات. وتحاول روسيا حاليا استئناف الأعمال بواسطة سفينة روسية «يتيمة» مزودة بمعدات مد الأنابيب في الأعماق.



«أبل» على أعتاب إنجاز تاريخي... قيمة سوقية بـ4 تريليونات دولار

شعار «أبل» على متجرها  في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)
شعار «أبل» على متجرها في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)
TT

«أبل» على أعتاب إنجاز تاريخي... قيمة سوقية بـ4 تريليونات دولار

شعار «أبل» على متجرها  في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)
شعار «أبل» على متجرها في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)

تقترب شركة «أبل» من تحقيق تقييم تاريخي غير مسبوق بقيمة 4 تريليونات دولار في سوق الأسهم، مدعومةً بالتفاعل الإيجابي من المستثمرين الذين رحبوا بالتقدم الكبير الذي حققته الشركة في تحسينات الذكاء الاصطناعي المنتظرة، والتي تهدف إلى تعزيز مبيعات «آيفون» التي شهدت تباطؤاً.

وقد تصدرت «أبل» المنافسة متفوقةً على «إنفيديا» و«مايكروسوفت» في السباق نحو هذا الإنجاز الضخم، بفضل ارتفاع أسهمها بنسبة 16 في المائة منذ بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أضاف نحو 500 مليار دولار إلى قيمتها السوقية، وفق «رويترز».

وأوضح توم فورت، المحلل في مجموعة «ماكسيم»، أن الارتفاع الأخير في أسهم «أبل» يعكس الحماسة الكبيرة للمستثمرين تجاه الذكاء الاصطناعي، وتوقعاتهم بأن هذا التقدم سيؤدي إلى دورة فائقة من ترقيات «آيفون».

وبلغت القيمة السوقية لشركة «أبل» نحو 3.85 تريليون دولار عند الإغلاق الأخير، وهو ما يتجاوز القيمة المجمعة لأسواق الأسهم الرئيسية في ألمانيا وسويسرا. ومن الجدير بالذكر أن «أبل»، التي تعتمد بشكل كبير على ما تُسمى دورات «آيفون» الفائقة كاستراتيجية، كانت أول شركة أميركية تحقق هذا الإنجاز المذهل.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجِّهت إليها بسبب بطء تبنيها استراتيجية واضحة في مجال الذكاء الاصطناعي، في الوقت الذي كانت فيه شركات مثل «مايكروسوفت» و«ألفابت» و«أمازون» و«ميتا بلاتفورمز» قد بدأت بالفعل في الهيمنة على هذه التكنولوجيا الناشئة، نجحت «أبل» أخيراً في اللحاق بركب هذه الشركات. وفي ديسمبر (كانون الأول)، بدأت الشركة في دمج «تشات جي بي تي» من «أوبن إيه آي» في أجهزتها، بعد إعلانها في يونيو (حزيران) خططها لتضمين الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجموعة تطبيقاتها.

وتتوقع «أبل» ارتفاع الإيرادات الإجمالية خلال الربع المالي الأول، ولكنها تتوقع نمواً متواضعاً خلال موسم التسوق في العطلات، مما يثير تساؤلات حول الزخم المستقبلي لسلسلة «آيفون 16». ومع ذلك، تشير بيانات «إل إس إي جي» إلى أن المحللين يتوقعون انتعاشاً في الإيرادات من مبيعات «آيفون» في عام 2025.

وأوضح المحلل في «مورغان ستانلي»، إريك وودرينغ، في مذكرة له، أنه رغم أن الطلب على هواتف «آيفون» في الأمد القريب لا يزال ضعيفاً، فإن توسع ميزات «آبل إنتلجنس» وتوافرها الجغرافي سيسهمان في تحفيز الطلب على الهواتف، مشيراً إلى أن «أبل» ستكون «الاختيار الأول» للمستثمرين في السوق في عام 2025.

وقد دفع الارتفاع الأخير في أسهم «أبل» نسبة السعر إلى الأرباح إلى أعلى مستوى لها في ثلاث سنوات، حيث بلغت 33.5، مقارنةً بـ31.3 لشركة «مايكروسوفت» و31.7 لشركة «إنفيديا»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي السياق نفسه، قامت شركة «بيركشاير هاثاواي» التابعة لوارن بافيت، ببيع أسهم «أبل» هذا العام، في ظل المخاوف المتزايدة بشأن التقييمات المرتفعة.

ومع ذلك، يتوقع إريك كلارك، مدير المحفظة في صندوق «العلامات التجارية الديناميكية الرشيدة»، أن أسهم «أبل» قد تصبح أقل تكلفة في غضون ثلاث سنوات.

من جهة أخرى، تواجه «أبل» خطر فرض تعريفات جمركية انتقامية، إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، وعده بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على الأقل على السلع القادمة من الصين. ومع ذلك، أشار وودرينغ إلى أن الشركة من المرجح أن تحصل على إعفاءات لمنتجات مثل «آيفون» و«ماك» و«آيباد»، على غرار التعريفات الجمركية التي فرضتها الصين في عام 2018.

وانخفضت أسهم «أبل» يوم الأربعاء الماضي وسط عمليات بيع في «وول ستريت»، بعد أن توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي وتيرة أبطأ لخفض أسعار الفائدة في العام المقبل، إلا أن المستثمرين يتوقعون أن يدعم الاتجاه العام نحو التيسير النقدي أسواق الأسهم في عام 2025.

وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في «سي إف آر إيه» للأبحاث، إن المستثمرين يرون في قطاع التكنولوجيا «القطاع الدفاعي الجديد» بسبب نمو أرباحه، مضيفاً أن تحركات بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكون لها تأثير أكبر على بعض القطاعات الدورية الأخرى مثل السلع الاستهلاكية التقديرية والمالية، في حين سيكون لها تأثير أقل على قطاع التكنولوجيا.

ويعد اقتراب القيمة السوقية لشركة «أبل» من 4 تريليونات دولار دليلاً على هيمنتها المستمرة في قطاع التكنولوجيا، وهو إنجاز يعزز مكانتها بوصفها شركة رائدة في السوق ومبتكرة.