ضغوط تركية تهدد بهروب البنوك غير الحكومية

لإجبارها على دعم الشركات المتضررة من «كوفيد ـ 19» وشراء سنداتها

رجحت مصادر مصرفية خفض البنوك الأجنبية والمحلية الخاصة في تركيا وجودها في البلاد بعد زيادة الضغوط الحكومية عليها (إ.ب.أ)
رجحت مصادر مصرفية خفض البنوك الأجنبية والمحلية الخاصة في تركيا وجودها في البلاد بعد زيادة الضغوط الحكومية عليها (إ.ب.أ)
TT

ضغوط تركية تهدد بهروب البنوك غير الحكومية

رجحت مصادر مصرفية خفض البنوك الأجنبية والمحلية الخاصة في تركيا وجودها في البلاد بعد زيادة الضغوط الحكومية عليها (إ.ب.أ)
رجحت مصادر مصرفية خفض البنوك الأجنبية والمحلية الخاصة في تركيا وجودها في البلاد بعد زيادة الضغوط الحكومية عليها (إ.ب.أ)

رجحت مصادر مصرفية تركية قيام البنوك الأجنبية والمحلية الخاصة العاملة في تركيا بخفض وجودها في البلاد بعد زيادة الضغوط الحكومية عليها لزيادة الإقراض، وتعزيز حصتها التي تديرها الدولة في السوق.
وتوقع مسؤولون تنفيذيون ومحللون ماليون أن يرفض مساهمو البنوك الخاصة في تركيا زيادة رأس المال، مع احتدام المنافسة حول حجم حصتها في السوق، ما يشدد من سيطرة الحكومة على صناعة التمويل، ويسرع بخروج المستثمرين الأجانب.
وذكرت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني أن الحكومة التركية التي تعاني التداعيات الاقتصادية السلبية لوباء فيروس كورونا باتت الآن أكثر عرضة للتدخل في هذه الصناعة، وعرقلة قدرة المصارف الخاصة على خدمة ديونها الخارجية.
واستحدثت السلطات التركية قواعد جديدة تجبر البنوك على إقراض الشركات التي تعاني من ضائقة مالية، وشراء مزيد من السندات الحكومية، بسبب الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا.
وقام صندوق الثروة السيادية الذي يشرف عليه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونائبه وصهره وزير الخزانة والمالية برات البيراق، بضخ 21 مليار ليرة (3.1 مليار دولار) في البنوك التابعة للدولة، حيث استحوذ على ما يقرب من ثلث أسهم واحد منها، وهو «وقف بنك»، المدرجة في البورصة.
وخفضت شركة «يونيكريديت» الإيطالية، خلال الأشهر الستة الماضية، بالفعل حصتها في بنك «يابي كريدي» الخاص، وأعلن بنك «إتش إس بي سي» البريطاني أنه يفكر في الانسحاب من تركيا.
ورفع «يابي كريدي» إجمالي القرض المشترك الذي وقع عليه في 14 مايو (أيار) الحالي بنحو 85 مليون دولار، ليصبح الإجمالي 870 مليون دولار، وذلك بفضل المشاركين الجدد الذين انضموا بموجب المرونة التي تتمتع بها الاتفاقية.
وارتفع عدد البنوك المشاركة من 18 دولة في الاتفاقية، وأصبحت القرض المشترك الأعلى مشاركة لهذا العام، إلى 38 بنكاً. وبهذا ارتفع حجم الموارد التي حصل عليها بنك «يابي كريدي» من الأسواق الدولية إلى 970 مليون دولار، بما يشمل أيضاً 100 مليون دولار حصل عليها من البنك الأوروبي للإعمار والتنمية.
وبلغت مدة القرض المشترك الذي حصل عليه «يابي كريدي» على شريحتين، بقيمة 283.5 مليون دولار و584.6 مليون يورو، نحو 367 يوماً، في حين تم تحديد سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن بنسبة 2.25 في المائة، وسعر الفائدة على إيداعات البنوك الكبرى داخل منطقة اليورو بنسبة 2 في المائة.
ونقلت وكالة «رويترز»، في تقرير لها أمس، عن مسؤول تنفيذي في أحد البنوك التركية، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن البنوك الخاصة سيتعين عليها قريباً اختيار ما إذا كانت ستقدم مزيداً من القروض وجمع رأس المال أو الوقوف جانباً.
وذكر مستشار بارز للبنوك التركية أن المساهمين سيرفضون محاولات البنوك لزيادة رأس مالها بسبب مخاطر ممارسة الأعمال التجارية في البلاد، مشيراً إلى أنه إذا أتيحت الفرصة، فإن أصحاب البنوك الخاصة سيفكرون في الخروج بسبب تأثير كورونا، وصعوبة تقييم الأصول ونقص المشترين.
وأشارت «رويترز» إلى أن عائدات الأسهم في تركيا انخفضت إلى 11.5 في المائة، من نحو 25 في المائة في عام 2007، عندما كانت البنوك الأجنبية تتدفق إلى البلاد. وفي عام 2018، أدت أزمة العملة إلى احتفاظ البنوك الخاصة بعشرات المليارات من الدولارات من القروض المتعثرة. وفى الوقت ذاته، قفز صافي الربح في البنوك التي تديرها الدولة بنسبة 83 في المائة سنوياً في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ9 في المائة و4 في المائة للبنوك الخاصة والأجنبية على التوالي.
وفي السياق ذاته، رفع البنك المركزي التركي اقتراضه من العملات الأجنبية من البنوك المحلية إلى مستوى قياسي، بلغ 35.5 مليار دولار في أبريل (نيسان) الماضي، ما يعكس مدى ضعف الليرة التركية.
وبحسب بيانات صادرة عن البنك، زاد القروض التي تحصل عليها اقتراض من مبادلة العملات، المستحقة خلال العام المقبل، بمقدار 5.9 مليار دولار، بدءاً من مارس (آذار) الماضي، بما يعادل نحو 41 في المائة من إجمالي احتياطياته من العملات الأجنبية، بما في ذلك الذهب.
وزاد البنك المركزي التركي من اقتراضه للعملة الصعبة من البنوك التي تديرها الدولة هذا العام للمساعدة في دعم الليرة التي هبطت إلى مستوى قياسي منخفض، بلغ 7.269 للدولار في 7 مايو (أيار) الحالي، وهو مستوى غير مسبوق.
ويؤكد كثير من الاقتصاديين والمحللين أن تلك المعاملات تعني أن البنك المركزي التركي يفقد قدرته على الدفاع عن الليرة في أوقات الأزمات.
وأعلن البنك المركزي التركي، أول من أمس، أن احتياطياته من العملات الأجنبية في أبريل (نيسان)، باستثناء الذهب، تراجعت بنسبة 15.5 في المائة على أساس شهري إلى 50.1 مليار دولار. وانخفض إجمالي احتياطيات البنك التي تشمل ودائع الذهب والعملات الأجنبية المملوكة للبنوك المحلية، بنسبة 6.3 في المائة إلى 86.3 مليار دولار. وتوقعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن الاقتصاد التركي قد ينكمش بنسبة 3 في المائة خلال العام الحالي.
وتتوالى أنباء عن حملات اقتراض جديدة، في الوقت الذي تهيمن فيه المخاوف على الأسواق بفعل ديون تركيا من العملة الأجنبية قصيرة الأجل الواجب سدادها خلال عام، التي تقدر بـ170 مليار دولار.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».