5 أعوام في ظل الانقلاب تدفع الاقتصاد اليمني إلى هاوية الإفلاس

إغلاق للشركات وانهيار للأعمال مع تنامي ثروة قادة الميليشيات

يمني يرتدي كمامة في متجر مواد غذائية بصنعاء (رويترز)
يمني يرتدي كمامة في متجر مواد غذائية بصنعاء (رويترز)
TT

5 أعوام في ظل الانقلاب تدفع الاقتصاد اليمني إلى هاوية الإفلاس

يمني يرتدي كمامة في متجر مواد غذائية بصنعاء (رويترز)
يمني يرتدي كمامة في متجر مواد غذائية بصنعاء (رويترز)

حاول تعداد الأسباب التي وقفت وراء إفلاسه. قال إن أبرزها يتمثل بالانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية قبل خمسة أعوام وسياسات النهب الابتزاز والمصادرة التي أثرت بشكل سلبي ومباشر على الاقتصاد المحلي وقادت إلى تدهور الحالة المعيشية لدى الناس وحدت من قدرتهم الشرائية.
بملابس بالية ظهر أبناء رجل يدعوه جيرانه العم عبد الله في أيام عيد الفطر بإحدى حارات صنعاء على غير ما اعتادوا عليه من مظاهر النعمة قبل الانقلاب. لقد دفع جبروت الجماعة عشرات الشركات إلى الإفلاس والمئات من التجار إلى توقف أعمالهم أو مغادرة مناطق سيطرة الميليشيات هربا من أعمال الجبايات والنهب.
فبعد إعلان الرجل الذي يبلغ من العمر 49 عاما قبل إفلاسه وإغلاق واحد من كبرى متاجر المواد الفخارية والأواني المنزلية التي تبيع بالجملة والتجزئة في سوق باب اليمن الشهير بصنعاء؛ وافق أبناؤه أمين وميرفت وعلاء على التخلي عن مصروفهم اليومي وعدم شراء احتياجاتهم الكمالية للوقوف إلى جانب أبيهم للتخفيف ولو قليلا من معاناته وأوجاعه بفعل الخسارة التي أصابته.
كان ذلك منذ ثلاثة أعوام. يعتصر قلب التاجر الصنعاني ألما وحزنا وهو يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عما حل بأبنائه وهم يعيشون البؤس ويعانون الحرمان بعد اعتيادهم على توفر كل ما يحتاجونه من متطلبات الحياة .
اضطر التاجر وأسرته وبصورة إجبارية عقب إغلاق متجره للتكيف مع وضعه الجديد في ظل انعدام شبه كامل لكافة الاحتياجات التي كان يوفرها لعائلته.
ومثل العم عبد الله يوجد الآلاف من التجار ورجال المال في صنعاء ومدن أخرى أعلنوا إفلاسهم بالإضافة إلى مئات الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة التي أوقفت أعمالها بشكل نهائي وسرحت موظفيها نتيجة استمرار أساليب وممارسات الجماعة الانقلابية بحق القطاع الخاص.
ويتابع حديثه بالقول: «بالنسبة لي أحمد الله على ما أصابني وبأقل الخسائر... فغيري الكثير من التجار الذين أعرفهم ممن أعلنوا إفلاسهم ودخل بعضهم بعد ذلك ضمن قائمة المختلين عقليا (المجانين) والبعض الآخر من هول ما حل بهم أصيبوا بجلطات قلبية ودماغية وفارقوا الحياة، فيما آخرون زج بهم الحوثيون في السجون بسبب ما عليهم من مديونيات وإيجارات ورواتب عمال والتزامات أخرى».
وبفعل تعسفات وجرائم الجماعة المتكررة بحق منتسبي القطاع الخاص، تحول «العم عبد الله» من تاجر كبير للجملة إلى بائع متجول يطوف يوميا برفقة عربته الصغيرة التي يدفعها يدويا معظم الشوارع والطرقات وباحات الأسواق المزدحمة في صنعاء لبيع بضاعته وكسب بعض المال لعائلته التي أدرجت ضمن قائمة الفقراء.
ويضيف «ليس لدي سلعة محددة لأبيعها ، لكني كل مرة أبحث عن شيء جديد أستطيع بيعه بسرعة والحصول بمقابله على ربح وإن كان بسيطا، مرة أبيع البيض والبطاطس المسلوقة، ومرة أبيع بعضا من الفاكهة والخضراوات، وقبل أيام قليلة كنت أبيع أنواعا مختلفة من الحلويات ومكسرات العيد».
وعلى مدى خمسة أعوام منصرمة وتحديدا منذ انقلاب الحوثيين على السلطة وبسط سيطرتهم على العاصمة ومدن يمنية أخرى، دخل الاقتصاد اليمني في أتون أزمات متعددة وشهد خلالها تدهوراً حاداً نتيجة سياسات الجماعة الممنهجة وحملات التعسف والنهب والابتزاز والمصادرة بحق التجار والشركات والتي أجبرت عددا كبيرا من رؤوس الأموال على مغادرة مناطق الحوثيين، فيما دفع الإفلاس آخرين إلى إغلاق شركاتهم ومتاجرهم.
ومن بين المئات من الشركات والمؤسسات التي أعلنت إفلاسها نتيجة تعسفات الجماعة، إشهار إفلاس شركة «واي» للاتصالات كرابع مشغل للهاتف النقال في اليمن بمنتصف مارس (آذار) الماضي، حيث أعلن الحوثيون وعبر محكمة تابعة لهم بصنعاء إفلاس الشركة في خطوة وصفها اقتصاديون محليون بأنها تهدف إلى تمكين نافذين حوثيين من استكمال الاستحواذ والسيطرة عليها.
وزعمت حينها المحكمة أن إعلان إفلاس هذه الشركة جاء بناءً على عجزها عن سداد ديونها التجارية لـ«شركة لينك إن تايم المحدودة» و «شركة مينا فاز المحدودة» في ضوء رفع الشركتين دعوى ضد «واي» أمام المحكمة.
وكان خبراء اقتصاديون حذروا في وقت سابق من خطورة الإجراءات الحوثية على رجال الأعمال اليمنيين والمتمثلة في فرض رسوم جمركية وضريبية مرتفعة وجبايات وإتاوات أخرى غير قانونية.
وتوقع الخبراء أن تؤدي تلك الممارسات وغيرها إلى إفلاس شركات القطاع الخاص، وانكماش الاقتصاد الوطني ما ينعكس سلبا على الحياة المعيشية للمواطنين.
وتباعا لمخططات الجماعة التي نجحت تدريجيا على مدى خمسة أعوام في تفكيك القطاع الخاص والقضاء عليه، أعلنت مطلع الأسبوع الماضي شركة «راحة» للنقل البري المحلي والدولي ومقرها صنعاء عن إفلاسها وإغلاق نشاطها نهائياً وتسريح جميع موظفيها.
وأرجعت مصادر في الشركة لـ«الشرق الأوسط»، إنهاء خدماتها إلى الأوضاع بشكل عام التي تمر بها البلاد والتي تسبب بوقوعها انقلاب الميليشيات على السلطة، وكذا تفشي فيروس «كورونا» المستجد.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات، المسنودة من إيران، تكبيد القطاع الخاص تكاليف إضافية باهظة فوق طاقته عبر فرض المزيد من الضرائب والإتاوات بصورة يومية لتمويل أنشطتها ودعم حربها ضد اليمنيين، كشفت مصادر اقتصادية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إفلاس عدد كبير الشركات الصغيرة والمتوسطة بانتظام في الأمانة العامة والمحافظات الواقعة تحت السيطرة الحوثية.
واعتبرت المصادر أن الإتاوات الحوثية ضيقت الخناق على «الرساميل الصغيرة»، مع تراجع القوى الشرائية من قبل المواطنين، بسبب توقف الرواتب، وندرة فرص العمل، وارتفاع تكاليف التشغيل، ووصول أصحاب الشركات إلى العجز في تسديد أقساط القروض، وإغلاق محلاتهم.
وبحسب معلومات اقتصادية يمنية فإن هناك أكثر من 30 في المائة من مؤسسات الأعمال قد أغلقت أبوابها وخسرت أكثر من 70 في المائة من قاعدة عملائها في مناطق سيطرة الجماعة متضررة من الحرب التي أشعلتها الميليشيات، كما أن 95 في المائة من المشاريع التي تم إغلاقها تكبدت أضرارا مادية جزئية أو كلية، فيما أكدت قرابة 41 في المائة من المشاريع التجارية أنها استغنت عما يزيد على نصف قوتها العاملة.
وكان البنك الدولي، قد أكد أنّ شركات القطاع الخاص تضررت بشدة من الحرب الحوثية وفي ظل غياب الخدمات، إلا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضررًا.
وتشكل الصناعات الصغيرة أكثر من 90 في المائة من حجم الاقتصاد، في حين تعثر نحو 40 في المائة منها بسبب توقف في الإنتاج، ما تسبب بتأثير مباشر على الاقتصاد والإنتاج وتوسع شريحة الفقراء وازدياد نسبة البطالة.
وكان اقتصاديون محليون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» عن حالة التدهور المريبة التي شهدها الاقتصاد اليمني والتي جاءت نتيجة الانقلاب الحوثي على السلطة.
وأكدوا أن الانقلابيين انتهجوا في تدميرهم الاقتصاد اليمني وإدارة الأسواق السوداء البديلة خطة تشبه في كثير من تفصيلاتها منهج الحرس الثوري الإيراني في إدارته للمؤسسات الموازية في إيران. مؤكدين أن هذه الأسواق ليست سوى نموذج بسيط لهذا التدمير الممنهج.
وقالوا إن «النشاط الاقتصادي في اليمن لم يعد سوى اقتصاد حرب كما لم يعد هناك مشروع دولة بل مشاريع صغيرة تقف خلفها ميليشيات الحوثي ذراع إيران في اليمن». وأشاروا إلى أن الميليشيات ومنذ سيطرتها المسلحة على العاصمة ومدن يمنية أخرى سعت جاهدة للقضاء على الاقتصاد اليمني وأسست مقابل ذلك مراكز اقتصادية جديدة تكن الولاء الطائفي لها.
وفيما أشار الاقتصاديون إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة لحجم الخسائر الاقتصادية في اليمن. قالوا بالمقابل إن بعض التقديرات المحلية، تؤكد أن البلاد تكبدت خسائر اقتصادية جسيمة تفوق في تقديراتها الأولية الـ100 مليار دولار.
وكان مسؤولون في الحكومة اليمنية أكدوا في تصريحات سابقة أن الاقتصاد اليمني خسر نحو 50 مليار دولار، بسبب الحرب وقالوا إن مئات الآلاف من العاملين بالقطاع الخاص فقدوا وظائفهم، نتيجة تراجع الإنتاج.
وأشاروا إلى أنّ «تراجع الإنتاج تسبب في فقدان المواطن نحو ثلثي دخله، نتيجة ارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية، وارتفاع نسبة الفقر إلى نحو 78 في المائة من السكان، كما يعاني نحو 60 في المائة من السكان انعدام الأمن الغذائي».
وأوضح المسؤولون الحكوميون أن هناك تدهوراً حاداً بمنظومات الخدمات الأساسية، خاصةً خدمات المياه والصحة والكهرباء والتعليم وغيرها، وأن 22 مليوناً من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية، بينهم نحو 3 ملايين نازح داخل البلاد.
وتباعا لمسلسل الانتهاكات الحوثية التي ارتكبت بحق الاقتصاد ومنتسبيه، فقد أكد تقرير أممي آخر أن انقلاب الجماعة كبد الاقتصاد اليمني خسائر بالغة بلغت 89 مليار دولار. وأضاف أن الحرب التي أشعلتها الجماعة تسببت في تراجع التنمية البشرية بمقدار 20 عاما.
وبحسب التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فمع الانقلاب الحوثي لم تتعطل التنمية البشرية في اليمن فحسب، لكنها تراجعت بالفعل سنوات إلى الوراء.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.