جدل حول تعيينات مفوضية الانتخابات العراقية

جانب من جلسة البرلمان العراقي قبل ثلاثة أسابيع للتصويت على الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان العراقي قبل ثلاثة أسابيع للتصويت على الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
TT

جدل حول تعيينات مفوضية الانتخابات العراقية

جانب من جلسة البرلمان العراقي قبل ثلاثة أسابيع للتصويت على الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان العراقي قبل ثلاثة أسابيع للتصويت على الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

بعد نحو ستة أشهر على إقرار البرلمان العراقي قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بوصفه أحد أهم الأهداف التي طالب بها المتظاهرون، عاد الجدل السياسي حول استقلالية المفوضية التي شككت قوى سياسية في معيار التعيينات في هيكلها الإداري، في حين يستعد البرلمان للبدء في مناقشة الملحق الخاص بقانون الانتخابات عند استئناف جلساته المقررة بعد عطلة العيد.
وكان البرلمان أقر تشكيل المفوضية الجديدة من قضاة مستقلين، استجابة لأحد مطالب الحراك الشعبي. وأعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بعد التصويت، أن «أعضاء المفوضية وفقاً لقانونها الجديد سيكونون قضاة من ذوي الخبرة من الصنف الأول»، مبيناً أن «اختيارهم سيكون عن طريق القرعة لضمان الشفافية». وأضاف، أن «القانون يتميز بإنهاء عمل المفوضية الحالية ونقل المديرين العامين إلى دوائر أخرى مع إبقاء أربعة وإعفاء مديري الشُعب لإعطاء استقلالية واطمئنان للمفوضية رغم وجود مديرين أكْفاء». وشدد على أن «هذا القانون مهم، وهناك جهود لإقرار قانون مجلس النواب».
لكن زعيم «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي اعتبر في تغريدة على موقع «تويتر»، أمس، أن «التعيينات داخل المفوضية مبنية المحاصصة». وأضاف، أن «التعيينات المبنية على المحاصصة في الوظائف الدنيا في مفوضية الانتخابات، وعدم تحديد موعد الانتخابات المبكرة، وعدم المباشرة بتعديل قانون الانتخابات ومفوضيتها، مؤشر خطير على نية الحكومة المؤقتة الاستمرار»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر لا يمكننا السماح به انطلاقاً من مطالب أبناء الشعب العراقي بالإصلاح، كما أنه مدخل إلى الفوضى».
ووجه «تحالف القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان اتهامات إلى المفوضية، وقال في بيان «في الوقت الذي استجبنا فيه إلى المطالب الشعبية بإصلاح بناء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وسعينا مع شركائنا في العملية السياسية إلى تصحيح مسار العملية الانتخابية واستكمال متطلباتها البنيوية وقانونها، وراعينا الدعوة إلى اختيار قضاة وقانونيين لإدارة مجلسها، إلا أننا وبعد مراقبة أدائها عن كثب تلمسنا انحرافاً خطيراً في مسارات تشكيل مفاصلها وتسييس اختيارات الكوادر الوسطية والفنية فيها».
ودعا قضاة المفوضية إلى «ضرورة الإسراع بمعالجة هذه الاختلالات وتصحيحها وإنصاف جميع مكونات الشعب العراقي فيها»، محذراً في الوقت نفسه «مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من مغبة الاستمرار بالانصياع لجهات معينة وتنفيذ أجندتها». ولوح باعتماد «الآليات الدستورية في تصحيح مسار المفوضية العليا للانتخابات والحفاظ على استقلاليتها وضمان كفاءة أدائها وثقة الجمهور والمجتمع الدولي بها».
في المقابل، اعتبرت مفوضية الانتخابات أن الاتهامات الموجهة ضدها «تقف خلفها أجندات سياسية». واتهمت قوى سياسية بـ«التدخل في تعيينات مفوضية الانتخابات للحصول على مناصب في الانتخابات المقبلة». واعتبرت أن «موضوع تسوية وتعيين مديري المكاتب وأقسام الشعب داخل المفوضية يثير حساسية تلك الجهات التي لا تريد وصول شخصيات مستقلة ومهنية إلى تلك المناصب؛ (لأن ذلك) يشكل تهديداً لنفوذها الذي تسعى للحفاظ عليه مهما كلف الأمر».
وفي هذا السياق، قال النائب عن «تحالف القوى» عبد الله الخربيط، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مفوضية الانتخابات تم تغيير كادرها الأعلى فقط بينما بقي كادرها الوسطي والذي يشكل عصب المفوضية وكيانها لا يزال كما هو لم يتغير». وأضاف، أن «كادرها البسيط مثل صغار الموظفين أو ممن يعملون بالأجور اليومية أثناء وقت الانتخابات، إنما هم مجندون تحت يد هؤلاء الذين يؤثرون عليهم في كل مجريات العملية الانتخابية».
وأوضح أن «المفوضية في الواقع مملوكة ملكاً صرفاً لجهات سياسية معينة، ولن يغير من واقع الأمر شيئاً تغيير العناوين العليا، رغم أن تغيير أعضاء المفوضية واستبدالهم بالقضاة أمر في غاية الأهمية، لكن من دون تغيير الكوادر الوسطية بالكامل، فلن يحدث أي تغيير حقيقي، وستبقى المفوضية ميالة لمن تريد وتبقى عرضة للابتزاز}.

ولفت نائب رئيس «الجبهة التركمانية» حسن توران إلى أنه «في كركوك مثلاً، تم الإتيان بأشخاص لرئاسة المفوضية ممن كان لهم دور في تزوير الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2018». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «من الواضح أن الهدف خلف ذلك هو تكرار تزوير الانتخابات المقبلة أيضاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».