الجزائر تدين «تضارب الأجندات الإقليمية والدولية» في ليبيا

أكدت أنها ستبذل قصارى جهدها لـ«تقريب وجهات نظر طرفي النزاع»

TT

الجزائر تدين «تضارب الأجندات الإقليمية والدولية» في ليبيا

استنكرت الجزائر «تضارب الأجندات الإقليمية والدولية في ليبيا، والتي يبدو أنها لا تتفق إلا على إبقائها على حالة الفوضى، ومسرحاً للحروب بالوكالة، وساحة لتصفية الحسابات على دماء أبناء الشعب الليبي الشقيق».
جاء ذلك في تصريح مكتوب لرئيس الدبلوماسية الجزائرية، صبري بوقادوم، نشرته وزارة الخارجية ليل أول من أمس، بمناسبة الاحتفال بـ«يوم أفريقيا» (25 مايو «أيار»)، المصادف لتأسيس «منظمة الوحدة الأفريقية» (1963) التي تحولت إلى «الاتحاد الأفريقي» خلال قمة القادة التي عقدت بالجزائر عام 1999، أكد فيه «انشغال بلده البالغ بالتطورات الخطيرة التي عرفتها ليبيا في الأسابيع الأخيرة»، في إشارة إلى عودة المواجهة العسكرية بحدة بين طرفي الصراع في العاصمة طرابلس.
وقال بوقادوم إن «التدفق الكبير للسلاح نحو ليبيا يعد انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية، وهو لم يؤجج سعير الحرب الأهلية فحسب؛ بل ساهم في تسليح المجموعات الإرهابية التي أضحت تـهدد أمن المنطقة، وتعرقل مسار التسوية السياسية لهذه الأزمة»؛ مشيراً إلى أن بلاده «ستواصل بذل قصارى جهدها من أجل لمّ شمل الفرقاء، وتقريب وجهات نظرهم، انطلاقاً من روح التضامن مع الشعب الليبي، وفي إطار التنسيق والتشاور مع كل الأطراف الليبية، ودول الجوار والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة».
ودعا صبري مجدداً أطراف الأزمة الليبية إلى عقد جولة حوار بالجزائر، وأكد على «الدور المحوري الذي يجب أن تلعبه دول الجوار، والاتحاد الأفريقي، في المسار الأممي لتسوية الأزمة الليبية». في إشارة إلى رفض الجزائر، ضمناً، تدخل دول بعيدة عن الفضاء الجغرافي لليبيا في أزمتها الداخلية.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد وجَّه غداة وصوله إلى الحكم مطلع العام، دعوة إلى رئيس حكومة «الوفاق الوطني»، فايز السراج، وقائد «الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر، لعقد لقاء بالجزائر، بهدف بحث مخرج سياسي للأزمة؛ علماً بأن الجزائر لا تخفي دعمها للسراج، بينما علاقتها متوترة بحفتر منذ اندلاع الحرب التي تعتبر أنها من أكثر بلدان المنطقة تضرراً من تداعياتها، وذلك بسبب تدفق السلاح وتسلل المتطرفين إليها عبر الحدود.
وبخصوص الوضع في مالي، الحدودية مع الجزائر، ذكر بوقادوم أن بلاده «تعمل على دعم جهود استعادة الأمن والاستقرار بها، من خلال التزامها بالمساهمة الفعالة في مرافقة الأشقاء الماليين في تنفيذ بنود اتفاق السلام، والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار التسوية الذي ترعاه الجزائر، باعتباره الإطار الأمثل لاستعادة الاستقرار والأمن في هذا البلد الشقيق».
وتم التوقيع على اتفاق السلام عام 2015، ويتضمن نزع سلاح المعارضة الطرقية المسيطرة على شمال البلاد، غير أنه لم يطبق بسبب انعدام الثقة بين الحكومة والمعارضة.
وأكد بوقادوم أن مساعي الجزائر من أجل تسوية الأزمتين الليبية والمالية «لا يمكن أن تكتمل دون مواصلة جهودنا لمكافحة آفة الإرهاب التي تعصف بمناطق واسعة من قارتنا؛ خصوصاً في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، وصولاً إلى القرن الأفريقي».
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الجزائري إن بلاده «تأسف لعدم تحقيق الديناميكية المرجوة في قضية الصحراء الغربية التي لم تعرف بعد طريقها إلى التسوية. فمنذ سنوات طويلة، تعكف الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تطبيق مراحل خطة التسوية المرسومة لهذه القضية، والمبنية على أساس حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره»، مشيراً إلى أنه «لمن المؤسف أن نلاحظ أن مسار السلام الأممي يسلك، منذ استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، طريقاً محفوفاً بالعقبات». وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في مايو 2019 استقالة مبعوثها إلى الصحراء هورست كولر، لـ«أسباب صحية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».