واشنطن ترتب لتزويد عشائر الأنبار بالأسلحة تحت إشراف حكومة بغداد

مخاوف من انتهائها إلى السوق السوداء ومسلحي «داعش»

واشنطن ترتب لتزويد عشائر الأنبار بالأسلحة تحت إشراف حكومة بغداد
TT

واشنطن ترتب لتزويد عشائر الأنبار بالأسلحة تحت إشراف حكومة بغداد

واشنطن ترتب لتزويد عشائر الأنبار بالأسلحة تحت إشراف حكومة بغداد

تعتزم الولايات المتحدة المضي قدما في تسليح عشائر الأنبار السنة لدعمهم في قتال مسلحي تنظيم داعش بالتنسيق مع الحكومة العراقية التي يتم من خلالها تنفيذ خطة التسليح. وقدم مسؤولو البنتاغون خطة تسليح عشائر الأنبار للكونغرس الأميركي والبيت الأبيض، وتتضمن تسليح العشائر ببنادق كلاشنيكوف وبنادق هجومية من طرازAK - 47 وقذائف صاروخية وذخيرة هاون، بتكلفة تصل إلى 24 مليون دولار. كما تخطط الولايات المتحدة لإرسال مئات من الجنود الأميركيين (المستشارين) إلى محافظة الأنبار للمساعدة في تدريب رجال القبائل. ويعد مبلغ 24 مليون دولار لتسليح عشائر الأنبار جزءا من ميزانية أكبر تصل إلى 1.6 مليار دولار، طلبت الإدارة الأميركية من الكونغرس إقرارها لتدريب وتسليح القوات العراقية والكردية وتوريد الآلاف من البنادق والرشاشات ومدافع الهاون وقاذفات الصواريخ ومضادات الدروع وغيرها من المعدات لتدريب وتجهيز تسعة ألوية في الجيش العراقي.
وقال مسؤولو البنتاغون في وثيقة للكونغرس الأميركي، إن تسليح عشائر الأنبار جزء من استراتيجية شاملة لتحجيم تنظيم داعش. وحذر المسؤولون من التأخير في الموافقة على تلك الميزانية. لكن بعض المسؤولين يخشون وقوع الأسلحة الأميركية في أيدي المتطرفين من تنظيم داعش. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلا عن مصادر عسكرية عراقية، عن أن أسلحة سلمت للجيش العراقي لتسليمها إلى العشائر انتهت إلى السوق السوداء وأيدي مسلحي «داعش». ونقلت الصحيفة عن العقيد شعبان العبيدي، وهو من قوى الأمن الداخلي وأحد وجهاء الأنبار، أنه حذر الأميركيين من تقديم الأسلحة عبر الجيش العراقي «لأن الفساد في كل مكان».
ويسيطر تنظيم داعش على مناطق كثيرة في محافظة الأنبار، منها أحياء من مدينة الرمادي، إضافة إلى مدينة الفلوجة. وقد كشفت الهجمات الأخيرة للتنظيم في محافظة الأنبار عن تغيير في تكتيكاته والاعتماد بشكل أقل على دعم القبائل السنية المحلية، خاصة بعد هجوم مسلحيه على مدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار)، وقيامهم بإعدام أعضاء بارزين من رجال العشائر، مما قوض علاقات الدعم والتعاون السابقة بين بعض العشائر والتنظيم.
ويعتقد المسؤولون في البنتاغون أن تسليح رجال العشائر في الأنبار سيساعد على تحقيق تقدم في الحرب ضد تنظيم داعش ومنعه من احتلال منطق أخرى بعد تحريرها. وأفاد مصدر مسؤول «الشرق الأوسط» بأن الحكومة العراقية تقدمت بطلب إلى الولايات المتحدة لتسليح العشائر في الأنبار لمحاربة «داعش» في المناطق الغربية ودعم الجهود التي يقوم بها الجيش العراقي، مشيرا إلى أن كل خطط التسليح وتوريد الأسلحة ستتم من خلال الحكومة العراقية.
وكانت بعض عشائر الأنبار ساندت «داعش» في البداية ردا على الحملات التي شنتها الحكومة العراقية تحت قيادة نوري المالكي في الماضي، لكن بعد مجييء رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي الذي يلقي قبولا أكبر لدى العشائر السنية تبدلت الأوضاع وأصبحت العشائر أكثر ميلا إلى مساندة القوات الحكومية. وقد عمل العبادي على تعزيز دفاعات المنطقة الغربية واجتمع مع قادة محافظة الأنبار وتعهد بتعزيز الدعم الجوي للأنبار وتعزيز القوات المسلحة في المحافظة.
يذكر أن الجنرال لويد أوستن، مسؤول القيادة المركزية الأميركية، كان التقى أول من أمس وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في بغداد وناقش الوضع الميداني وتطورات ضربات التحالف الدولي ضد مسلحي تنظيم داعش.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.