البرلمان الجزائري يناقش قانون الموازنة التكميلي في غياب جلّ النواب

أثار سخطاً كبيراً بسبب ما تضمنه من زيادة في أسعار الوقود

TT

البرلمان الجزائري يناقش قانون الموازنة التكميلي في غياب جلّ النواب

بدأ «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع) بالجزائر، أمس، مناقشة قانون الموازنة التكميلي لسنة 2020. الذي أثار جدلا واسعا بسبب ما يتضمنه من زيادات في أسعار الوقود، وذلك في غياب عدد كبير من أعضائه، خاصة نواب أحزاب المعارضة، الذين استقالوا العام الماضي مع اندلاع الحراك الشعبي.
وعرض وزير المالية عبد الرحمن راوية مشروع الحكومة أمام النواب المنتمين لأحزاب «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«تجمع أمل الجزائر» الموالين للسلطة، ونواب حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي المعارض، وبرلمانيي أحزاب صغيرة. فيما غاب عن الاجتماع نواب ثلاثة أحزاب معارضة، هي «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«جبهة القوى الاشتراكية»، و«حزب العمال»، وهي تشكيلات سياسية ترى أن البرلمان غير شرعي على أساس أن أعضاءه التحقوا به بـ«التعيين وليس الانتخاب»، في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وقال هواري تيغرسي، برلماني «جبهة التحرير»، بأن «لجنة المالية والميزانية» بالمجلس الوطني لم تتمكن من الاجتماع بسبعة وزراء، لهم علاقة مباشرة بقانون المالية التكميلي، بعدما تم تحديد لقاءات معهم وألغيت حسبه. مشيرا إلى أن اللجنة، التي هو أحد أعضائها، لم تعد تقريرها الذي يتضمن مآخذها حول القانون، «وبالتالي نحمّل رئيس المجلس (سليمان شنين) المسؤولية». في إشارة إلى أن المسؤول الأول عن غرفة التشريع حدد تاريخ جلستي مناقشة القانون والتصويت عليه، دونما أن يتمكن النواب من الحصول على تقرير اللجنة المالية، الذي يعتبر قاعدة تنطلق منها النقاشات والتصحيحات، التي يفترض إدخالها على النص.
وكانت الحكومة قد صرحت بأن لجوءها إلى نص تكميلي لقانون المالية 2020 «أملته ظروف خاصة»، منها أزمة «كوفيد 19»، وتراجع أسعار النفط، زيادة على إجراءات اتخذتها وترتبت عنها آثار مالية، أهمهما إلغاء الضريبة على العمال الذين يقل مدخولهم الشهري عن 30 ألف دينار (حوالي 240 دولارا).
وتضمن المشروع زيادة في أسعار الوقود، وهو ما اعتبره نواب «قرارا غير شعبي»، فيما قالت الحكومة إنه «ضروري للاقتراب من السعر الحقيقي للطاقة». كما يتضمن خفض مبلغ العملة الصعبة المسموح للمسافرين حمله إلى الخارج إلى ألف يورو، بينما هو حاليا 5 آلاف يورو.
وقال جلول جودي، برلماني «حزب العمال»، الذي استقال من «المجلس الوطني»، إن «البرلمان الحالي لا يمكنه المصادقة على قوانين تطبق على الشعب، لأنه غير شرعي، ولا يمكن لأعضائه أن يزعموا تمثيل الشعب».
من جهته، أوضح ناصر حمدادوش، برلماني «مجتمع السلم»، أن القانون «سنّته الحكومة في استعجال، وبنفس الذهنيات والسلوكات التقليدية للحكومات المتعاقبة، مع فقدان لجنة المالية السيادة في دراسة الوثيقة، والاستماع لكل الوزراء والمديرين والخبراء، وعبث إدارة المجلس في التعاطي معه». مشيرا إلى أن «الذهنيات والممارسات القديمة بخصوص نظرة السلطة وتعاملها مع الشأن العام، ما زالت مستمرة، وتتجلى في قانون المالية، ومبرر الإجراءات التصحيحية له بهذا القانون التكميلي». ويقصد بذلك أن الحكومة تمرر قوانينها برلمانيا، برغم مآخذ النواب عليها، التي لا توليها في الغالب أي أهمية، لذلك يطلق على البرلمان صفة «غرفة لتدوين قرارات السلطة»، ما يجعل من السلطة التشريعية في نظر بعض المراقبين، تابعة للسلطة التنفيذية.
وأكد حمدادوش أن بعض التدابير، التي يتضمنها النص «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومنها تحسين القدرة الشرائية للمواطن بإجراءات شعبوية، وقد تضمن إجراءات مناقضة لها، منها تخفيض قيمة الدينار، وما انجر عنه من ارتفاع نسبة التضخم، والزيادة في المواد الطاقوية، وأثرها على أسعار الكثير من الخدمات».
وتابع حمدادوش: «ما يلاحظ على هذا القانون هو استمرار مؤشرات العجز في موازنة الخزينة العمومية، والميزان التجاري وميزان المدفوعات، مع تراجع مصادر تمويل الخزينة، ولا توجد إجراءات ناجعة في نظر الحكومة إلا الاعتماد على الجباية العادية، وتتمثل في جيب المواطن، وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية لقطاعات واسعة من الجزائريين».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».