تصريحات لحميدتي تكشف تصدعاً داخل الحكم في السودان

اتهم أطرافاً في «الانتقالي» بالتآمر على «قواته»... ونفى إرسال قوات إلى ليبيا

محمد حمدان دقلو (حميدتي)
محمد حمدان دقلو (حميدتي)
TT

تصريحات لحميدتي تكشف تصدعاً داخل الحكم في السودان

محمد حمدان دقلو (حميدتي)
محمد حمدان دقلو (حميدتي)

اتهم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، أطرافاً في السلطة الانتقالية في البلاد، بالتآمر على قوات «الدعم السريع» التي يقودها و«شيطنتها»، ونفى من جهة أخرى إرسال قوات إلى ليبيا، وذلك في تصريحات رأى محللون أنها تميط اللثام عن وجود تصدع داخل التحالف الحاكم في السودان.
ولا تعد هذه التصريحات الأولى التي يخرج فيها «دقلو» للحديث عن الاستهداف الممنهج للقوات التي يقودها (الدعم السريع) من جهات عدة بهدف إخراجها خارج العاصمة الخرطوم ومن المعادلة السياسية لتنفيذ مخططاتها الرامية للانقلاب على الحكومة المدنية الانتقالية.
وكشف دقلو للمرة الأولى أن مشاركته في المجلس العسكري المنحل، جاءت بعد تشاور واتفاق مع قوى إعلان الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، وبإصرار كبير من رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان.
بيد أن الرجل عاد وأشار إلى أن حزب المؤتمر الوطني المنحل وأحزابا محسوبة على قوى الحرية والتغيير الشريكة المدنية في السلطة الانتقالية تقف خلف المؤامرات ومحاولات الشيطنة التي تتعرض لها قوات الدعم السريع.
ففي المقابلة الصحافية التي أجرتها معه قناة «سودانية 24» أول من أمس، كشف عن تصدي قواته لمخطط كانت تقوده تشكيلات خارج القوات الأمنية لفض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم بالدبابات العسكرية في 11 من أبريل (نيسان) الماضي.
ووعد نائب رئيس مجلس السيادة، بالكشف عن الكثير من الحقائق المخفية والقوات التي شاركت في فض الاعتصام، بعد ظهور نتائج لجنة التحقيق الخاصة بالأحداث التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى في الثالث من يونيو (حزيران) العام الماضي.
ونفى «دقلو» وجود قوات الدعم السريع في ليبيا تعمل «كمرتزقة» كما تروج لها بعض الجهات، على حد تعبيره، كاشفاً عن مساعٍ قام بها من أجل وساطة بين الأطراف الليبية لإنهاء الاحتراب في ليبيا، لم تجد القبول من أحد أطراف الصراع.
ولتفسير التصريحات الغاضبة والاتهامات المباشرة التي وجهها الرجل لأطراف ضمن الشراكة الانتقالية، قال نائب رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، إن «دقلو» دائماً ما يتحدث بصراحة ومصداقية عالية، وأكبر دليل على ذلك إقراره في تصريحات سابقة بمشاركة جزء من قواته في عملية فض الاعتصام. ويضيف: «أثبتت الأحداث أن دقلو تصرف بوطنية وحقن دماء السودانيين عندما رفض تنفيذ أوامر الرئيس المعزول، عمر البشير، بفض الاعتصام بالقوة المسلحة، وكل مواقفه تؤكد وقوفه مع الثورة والتغيير في البلاد في مواجهة أعداء الثورة». وأضاف أن «اتهام دقلو لبعض الجهات باستهدافه في شخصه وقواته، مرده إلى بعض الأصوات التي لا تزال تنظر لقوات الدعم السريع كميليشيا، وليست قوى عسكرية تعد جزءاً من القوات النظامية في البلاد، ما يهمنا الأفعال لا الأقوال، ووجود قوات الدعم السريع صمام أمان الثورة وحماية للفترة الانتقالية».
ويذهب المحلل السياسي، عبد الله رزق، إلى أن التصدعات بدأت تضرب عميقاً داخل التحالف السياسي الحاكم، وهذا يمثل بداية مرحلة لإعادة فرز واستقطاب جديد داخل القوى المكونة للسلطة الانتقالية، منبهاً إلى ملامح ظهور تحالفات داخلية يعمل كل طرف للاستقواء بالآخر في مواجهة الآخرين.
ويضيف: الأوضاع الراهنة غير مستقرة، وظهور «دقلو» للحديث بصورة متواترة لا يخفي مخاوفه من وجود تآمر عليه داخل المكون العسكري لتحميله مسؤولية فض الاعتصام، وهذا قد يدخله في مواجهة مع جزء من العسكريين، وهي الرسائل التي ظل الرجل يرددها باستمرار في وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية.
ويرى رزق أن مجزرة فض الاعتصام بدأت تفعل فعلها وسط العسكريين ما جعلهم يبدون غير منسجمين، ما يعكس هشاشة التحالف بين العسكريين والمدنيين في السلطة الانتقالية، ويجذر الصراع داخل التحالف مع اقتراب إعلان نتائج التحقيق في الأحداث.
ويعزو رزق أحاديث قائد قوات الدعم السريع المتكررة عن الاستهداف الذي يتعرض له، إلى بعض القوى السياسية داخل تحالف «التغيير» لا تريد أن تتجاوز للرجل مشاركته في حرب دافور، واعتقادها الراسخ بأن قواته متورطة بشكل مباشر في مجذرة فض الاعتصام.
ويشير المحلل السياسي، عبد الله رزق، إلى أن قضية فض الاعتصام قد تؤدي لإدخال المرحلة الانتقالية برمتها في مأزق حاد، حال خرجت نتائج التحقيق بتحميل جزء من المكون العسكري المسؤولية عن الأحداث، الأمر الذي قد يقودهم إلى الانقلاب على الحكم لحماية أنفسهم من المحاكمات.
ويقول رزق إن «دقلو بدأ من وقت مبكر في تحسين موقفه بكسب تأييد الحركات المسلحة في دارفور، ونجح في عقد اتفاقات معهم من خلال سيطرته على ملف مفاوضات السلام، وربما يقود إلى تحالفات بين الطرفين»، مشيراً إلى أن هذه الحركات بدأت تنظر بإيجابية لقائد قوات الدعم السريع وتناست دوره في حرب دارفور.
ولا يستبعد رزق حدوث مساومة على ملف قضية فض الاعتصام لتفادي أي اتهامات يمكن أن تلاحق أفرادا من العسكريين في مجلس السيادة، شريطة ألا يعرقلوا الفترة الانتقالية، ويقول: «لهذا يسعى دقلو لتحسين صورته وسط القوى السياسية والمجتمع المدني، من خلال إشاراته الواضحة إلى أن هنالك جهات تسعى لإجهاض الثورة وأنه يقف إلى جانب الشارع ضدها».
من جهته، عزا المحلل السياسي خالد التجاني، ما يحدث من مشاكسات إلى صراع النفوذ بين العسكريين والمدنيين، ووصفه بأنه «سباق» يحاول كل طرف تعزيز موقفه في السلطة، ويرى أن المخرج بالتزام الشريكين بالوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.