السودان: صعوبة صرف النقود تعكّر فرحة زيادة الرواتب

طوابير طويلة أمام ماكينات الصراف الآلي

زيادة قياسية في الرواتب لكن السودانيين يخشون أن يلتهمها ارتفاع معدل التضخم (رويترز)
زيادة قياسية في الرواتب لكن السودانيين يخشون أن يلتهمها ارتفاع معدل التضخم (رويترز)
TT

السودان: صعوبة صرف النقود تعكّر فرحة زيادة الرواتب

زيادة قياسية في الرواتب لكن السودانيين يخشون أن يلتهمها ارتفاع معدل التضخم (رويترز)
زيادة قياسية في الرواتب لكن السودانيين يخشون أن يلتهمها ارتفاع معدل التضخم (رويترز)

تكدس مئات العاملين في الدولة أمام ماكينات سحب النقود الآلية «الصرافات الآلية» في السودان، وذلك مع بداية صرف الرواتب واقتراب عيد الفطر المبارك، في أول تجربة من نوعها أثناء تقليل البنوك لأنشطتها وأعمالها اليومية بسبب الحظر المفروض في البلاد بسبب تفشي «كورونا».
وشهدت «الشرق الأوسط» في جولة قامت بها في العاصمة الخرطوم، توقف الخدمة في عدد من الصرافات الآلية نتيجة للأعطال أو لعدم تغذيتها بالنقود، ما أدى لازدحام وتكدس خانقين أمام الماكينات، في أكبر تهديد لسياسات التباعد التي تفرضها السلطات بمواجهة فيروس كورونا المستجد.
وبدأ الموظفون صرف رواتبهم لشهر مايو (أيار) الجاري ومنحة العيد عبر «الماكينات الآلية»، إنفاذا للإجراءات الاحترازية التي فرضتها تداعيات انتشار فيروس كورونا بالبلاد وأدت لتوقف العمل بمنافذ الجمهور في البنوك.
وطبقت الحكومة منذ الشهر الجاري زيادة غير مسبوقة في أجور العاملين بلغت 569 في المائة، في محاولة من وزارة المالية لمواكبة ارتفاع الأسعار وارتفاع نسب التضخم المتصاعدة التي بلغت أبريل (نيسان) الماضي 98.81 في المائة، فضلا عن تدهور سعر صرف العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الأجنبية، الذي وصل إلى 130 جنيها مقابل الدولار الواحد في السوق الموازي، بينما سعره الرسمي 55 جنيها للدولار الواحد.
وقال موظفين بالخرطوم التقتهم «الشرق الأوسط»، إن زيادة أجور العاملين كانت مجزية، وستساعدهم في التغلب على مشكلات الحصول على احتياجاتهم من السلع التي تتصاعد أسعارها يوميا، مؤكدين أن زيادة رواتبهم سيحقق لهم الرضى الوظيفي ويطور من الأداء في دواوين العمل ويساعد في إنجاز المهام الوظيفية بصورة أفضل.
ووصف الموظف بهيئة تلفزيون وإذاعة ولاية الخرطوم زاهر منصور، لـ«الشرق الأوسط» الزيادة في المرتبات بأنها جيدة، بيد أنه عاد ليستدرك: «لكن حصول معظم الموظفين على النقود يحتاج مشقة كبيرة، في ظل إغلاق البنوك لأبوابها وقلة الصرافات الآلية العاملة، وتكدس المواطنين أمامها للحصول على نقودهم لقضاء احتياجاتهم»، وتابع: «زيادة الأجور كبيرة ولكن يقابلها ارتفاع كبير في أسعار السلع بالأسواق، وبالتالي لن نستفيد من هذه الزيادة إذا لم تتخذ الدولة إجراءات جريئة للحد من غلاء الأسعار وجشع التجار في الأسواق».
وقال منصور: «كثير من الموظفين تواجههم مشكلة سحب رواتبهم عبر الصرافات الآلية بسبب انتهاء صلاحية بطاقات الصرف الآلي، والتي لم تجدد نتيجة توقف عمل البنوك منذ أكثر من شهر بسبب إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا».
وتتزايد أسعار السلع الاستهلاكية بصورة كبيرة نتيجة الاعتماد على الاستيراد من الخارج، حيث يستورد السودان نحو 5 آلاف سلعة، ومع شح موارد النقد الأجنبي وتدهور قيمة العملة الوطنية، وتداعيات الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، تضاعفت أسعار بعض السلع الاستهلاكية بنسب تراوحت ما بين 100 إلى 250 في المائة.
وتشهد الصرافات الآلية منذ يوم السبت الماضي ازدحاما كبيرا، ويحتاج الموظف الذي يتقاضى عشرين ألف جنيه، إلى عشرة أيام لسحبها من الصرافات الآلية، بواقع ألفي جنيه السقف المسموح به يوميا، بعد أن فرضت الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا المتخذة في البلاد على المصارف اقتصار عمليات السحب والإيداع للنقود عبر (الصرافات الآلية) فقط.
ويبلغ عدد الصرافات الآلية في البلاد بحسب شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية المسؤولة عن التشغيل الفني لها نحو 1540 صرافا، ويوجد بولاية الخرطوم نحو 800 صراف آلي، وتغذية الصراف الواحد تتراوح ما بين 200 إلى 400 ألف جنيه.
وقالت المعلمة بمرحلة الأساس مواهب عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا رحلة من المعاناة منذ الخميس الماضي في البحث عن المرتبات، التي أودعتها وزارة المالية في الحسابات المصرفية للموظفين»، وقالت المعلمة وهي تتحدث عن صعوبة سحب الرواتب في ظل إجراءات حظر التجوال المتخذة في الخرطوم، وأضافت: «نمضي ساعات من اليوم أمام الصرافات الآلية للحصول على ألفي جنيه فقط هي المسموح به خلال اليوم، لنعاود الكرة اليوم التالي».
وحذرت المعلمة من تكدس المواطنين أمام الصرافات الآلية، وقالت إنه يشكل خطورة كبيرة على المتكدسين، وأغلبهم لا يتبعون إجراءات الوقاية بوضع الكمامات الواقية أو الحفاظ على مسافة التباعد الآمنة.
وشكى موظفون من تأخر إيداع الرواتب في حساباتهم البنكية من قبل مؤسساتهم بسبب قصر ساعات عمل البنوك، وأبدوا مخاوف من ضيق الوقت المتاح للسحب قبل حلول عيد الفطر المبارك في ظل الازدحام على ماكينات صرف النقد الآلية.
وقال الموظف بهيئة الآثار السودانية متوكل عدار، إن زيادة المرتبات أوجدت ارتياحا وسط الموظفين بصورة عامة، وأشار إلى أنه منذ العام 2013. لم نحظى بزيادة في المرتبات، وتابع: «زيادة الأجور تحقق رضى العاملين في الدولة»، بيد أن الخوف من أن يبدد ارتفاع الأسعار فرحة الموظفين بزيادة رواتبهم.
وارتفع الحد الأدنى لأجر العامل بناء على القرارات الجديدة إلى 7130 جنيها بدلا عن 1911 ألفا، وارتفع راتب الخريج الجامعي إلى 17344 جنيها بدلاً عن 2741، وبلغ راتب أساتذة المدارس 19631 جنيها بدلاً عن 2741، وحددت وظائف الأستاذ الجامعي والطبيب المتخصص ووكلاء الوزارات في القطاع الأول براتب شهري يصل إلى أكثر من 50 ألف جنيه، وهي أول زيادات في الرواتب من نوعها في تاريخ البلاد، بنسبة زيادة تجاوزت 500 في المائة.



تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
TT

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات عالية المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي؛ مما يسهم في ارتفاع التهديدات السيبرانية التي تستهدف صناديق الثروة الوطنية للدول.

وقال عبيد عمران رئيس مجلس إدارة المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية، في كلمته بالاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان، الاثنين، إن العصر الحالي مليء بالتغيرات والتقلبات الاقتصادية على الصعيد العالمي، ومن ذلك بروز الذكاء الاصطناعي في بيئة سريعة التطور كرمز للأمل.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي «قد يكون سبباً لتحديات وتهديدات واسعة؛ الأمر الذي يتطلب من الجميع مواكبة السرعة باتخاذ قرارات حكيمة وحذرة تسهم في الحد من ارتفاع التهديدات السيبرانية»، داعياً لاستخدام الذكاء الاصطناعي «بصورة استراتيجية ومسؤولة، بهدف تحقيق التوازن بين استثمار هذه الفرص والتطورات التقنية، والمسؤولية في الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي، إلى جانب تعزيز مبادئ سانتياغو والحوكمة السليمة، والتطلع نحو مستقبل أكثر إشراقاً وطموحاً».

ويُعدّ الاجتماع الذي يُعقد في مسقط الأكبر في تاريخ المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية منذ تأسيسه في عام 2009، ويشارك فيه رؤساء وأعضاء أكثر من خمسين صندوقاً سيادياً من 46 دولة حول العالم، بحضور نخبة من أبرز المتحدثين على المستويين العالمي والإقليمي، منهم إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتَي «سبيس إكس» و«تسلا» الذي شارك بصورة افتراضية (عن بُعد).

وفي حوار افتراضي تحدث إيلون ماسك عن الابتكار والذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للتغيير والاستدامة في الاقتصاد العالمي، وقال: «من المهم أن تُعطى الأولوية للمبادئ الإنسانية والأبعاد الأخلاقية المرتبطة بالأمان في التوجه الحالي لإنشاء وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي».

كما أكد الأهمية القصوى لاستثمار صناديق الثروة السيادية في مشروعات تنموية مستدامة في قطاعات الابتكار والذكاء الاصطناعي، مشدداً في الوقت نفسه على دور التقنية الحديثة في تعزيز الاستثمارات وتحقيق العوائد الاقتصادية للدول.

وافتُتح المنتدى بكلمة لوزير الثقافة والرياضة والشباب العماني ذي يزن بن هيثم آل سعيد، أكد فيها أن السلطنة استطاعت اجتياز دروب التحديات الاقتصادية، «وليس أدلّ على ذلك من نجاحها في إعادة تصنيفها الائتماني كدولة ذات درجة استثمارية»؛ لتواصل مسارات الاستقرار وتفتح ذراعيها أمام الاستثمارات العالمية.

في حين أشار عبد السلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني إلى أن «المحافظ الاستثمارية للجهاز تُسهم بصورة مباشرة في دعم الاقتصاد الوطني، وصناعة فرص التوظيف والأعمال، وتطوير صناعات المستقبل، وذلك بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص؛ إذ عزز ذلك من تأكيد مكانة سلطنة عمان، ورفع تصنيفها إلى مستوى الجدارة الائتمانية؛ مما يعكس قوة الوضع المالي للبلاد، وشفافية عمليات الجهاز».