هكذا بدا الدوري الألماني في حلّته الجديدة

مدرجات خالية وادعاءات واحتجاجات أقل ومدير فني غائب وبدلاء يجلسون في مقاعد الجماهير

بالكوع والأقدام احتفل مهاجم فولفسبورغ دانييل غينتشيك (يسار) بهدفه مع المدافع كيفين مبابو (أ.ف.ب)  -  تعليمات غلاسنر مدرب فولفسبورغ كانت مسموعة في غياب صيحات الجماهير (إ.ب.أ)
بالكوع والأقدام احتفل مهاجم فولفسبورغ دانييل غينتشيك (يسار) بهدفه مع المدافع كيفين مبابو (أ.ف.ب) - تعليمات غلاسنر مدرب فولفسبورغ كانت مسموعة في غياب صيحات الجماهير (إ.ب.أ)
TT

هكذا بدا الدوري الألماني في حلّته الجديدة

بالكوع والأقدام احتفل مهاجم فولفسبورغ دانييل غينتشيك (يسار) بهدفه مع المدافع كيفين مبابو (أ.ف.ب)  -  تعليمات غلاسنر مدرب فولفسبورغ كانت مسموعة في غياب صيحات الجماهير (إ.ب.أ)
بالكوع والأقدام احتفل مهاجم فولفسبورغ دانييل غينتشيك (يسار) بهدفه مع المدافع كيفين مبابو (أ.ف.ب) - تعليمات غلاسنر مدرب فولفسبورغ كانت مسموعة في غياب صيحات الجماهير (إ.ب.أ)

يوم السبت الماضي، أصبحت فجأة ومن دون مقدمات شخصية مهمة، لكن على أية حال لا يمكنني أن أفتخر بذلك كثيرا، نظرا لأن جميع الأشخاص الـ239 الذين سُمح لهم بحضور مباراة أوغسبورغ ضد فولفسبورغ كان يتعين عليهم دخول الملعب من مدخل كبار الشخصيات. كما أنه لم يتم التعامل معنا مثل الأغنياء والمشاهير: ففي البداية كان يتعين علي أن أجيب عن أسئلة مكتوبة، ثم تم قياس درجة حرارتي. فمرحبا بكم في الدوري الألماني الممتاز، ومرحبا بكم في المباريات التي تُلعب من دون جمهور، وهي المباريات التي نطلق عليها في ألمانيا اسم «مباريات الأشباح».
وقد استأنف الدوري الألماني الممتاز مبارياته، كأول دوري من الدوريات الكبرى في العالم يستأنف أنشطته التي توقفت نتيجة تفشي فيروس «كورونا». وقد شاهدنا العالم أجمع، وكان ينتابنا شعور لا ينسى - أو بالأحرى شعور غريب - قبل المباراة وفي أثنائها. ولم يُسمح إلا لعشرة صحافيين فقط من الصحافة المكتوبة بالدخول إلى ملعب المباراة، كما كان يتعين على كل صحافي من هؤلاء الصحافيين أن يسجل بياناته قبل المباراة ببضعة أيام. وعندما أرسلت بياناتي بالبريد الإلكتروني إلى النادي، سألت صديقتي: «هل تشعرين بالقلق إذا ذهبت إلى الملعب يوم السبت؟» لكنها فكرت لحظة ثم قالت: «في ظل كل القواعد التي يتعين عليك الامتثال لها، فإنني لا أشعر بأي قلق على الإطلاق».
وفي أوغسبورغ يوم السبت الماضي، كان هناك كتالوج لبروتوكولات السلامة التي يتعين علينا الالتزام بها. فقد جلسنا على بُعد 1.5 متر على الأقل من بعضنا البعض في المكان المخصص للصحافيين، وكان يتعين علينا أن نرتدي أغطية الوجه طوال الوقت الذي كنا فيه داخل الاستاد، وهو الأمر الذي كان مزعجا على نحو خاص عندما أجريت محادثة مباشرة عبر الفيديو على صفحتنا الرئيسية. لكن لا بأس، فالأوقات الخاصة تتطلب دائما إجراءات خاصة.
لكن كانت هناك بعض المزايا أيضا، حيث كان الوصول إلى الملعب أسهل وأسرع من أي وقت مضى، خاصة وأنه لم تكن هناك أية أوقات للانتظار أو أية اختناقات مرورية. وداخل الملعب، كان كل شيء مختلفا تماما، حيث كان اللاعبون البدلاء يجلسون في المدرج الرئيسي. وعندما بدأ اللاعبون في إجراء عمليات الإحماء، كان يمكننا بسهولة سماع صوت مدرب حراس المرمى وهو يتحدث مع حراس المرمى الذين يمسكون الكرات. ولم يكن هناك مذيع داخلي في الاستاد، لكن تم تشغيل الموسيقى بصوت عالٍ بحيث لم يكن بإمكاننا سماع أصواتنا.
وبمجرد أن بدأت المباراة، كان بإمكانك أن تسمع أي كلمة يتفوه بها اللاعبون داخل الملعب، كما كان يمكننا سماع أصوات المديرين الفنيين وهم يوجهون التعليمات للاعبين. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك سوى مدير فني واحد في المباراة، بسبب القصة الأكثر جنونا لكرة القدم في عصر فيروس «كورونا»، حيث لم يتمكن المدير الفني لنادي أوغسبورغ، هيكو هيرليتش، من حضور المباراة لاختراقه قواعد الحظر المفروضة على لاعبي ومدربي الدوري الألماني الممتاز، عندما ذهب لأحد المتاجر، لشراء معجون أسنان، ليتغيب عن أولى مباريات فريقه بعد العودة من التوقف.
وتسبب ما قام به هيرليتش في إثارة حالة من النقاش والغضب على نطاق واسع، لكن عندما سألت النادي بعد ذلك مباشرة عن كيفية تعامله مع البيان الذي أصدره المدير الفني لتوضيح ما حدث، كان الجواب كالتالي: «لماذا، أين ترى المشكلة؟» وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أعلن أوغسبورغ أن هيرليتش قد قرر طواعية عدم حضور مباراة فولفسبورغ. ويعكس هذا الأمر مدى حساسية موضوع السلامة والنظافة.
وبالعودة إلى المباراة، فقد خرج اللاعبون من النفق المؤدي للملعب الواحد تلو الآخر، وحدث ذلك في البداية للاعبي الفريق صاحب الأرض، ثم للاعبي الفريق الضيف. وكان الشيء الملاحظ خلال المباراة هو أنها كانت «نظيفة» للغاية، بمعنى أنها كانت تركز على الجوانب الكروية فقط، ولم تكن هناك احتجاجات أو ادعاءات من جانب اللاعبين، على عكس ما كنا نراه في السابق. ومن ناحية أخرى، كانت الأجواء غريبة للغاية. وعندما أحرز أوغسبورغ هدف التعادل لتصبح النتيجة التعادل بهدف لكل فريق، تم تشغيل صوت داخلي في الاستاد لاحتفال سابق للجمهور بعد إحراز أحد الأهداف. لكن الحقيقة هي أن الملعب كان خاويا على عروشه، بعد أن كان يشهد ضجيجا هائلا من 25 ألف متفرج في كل مباراة!
لكنني تعلمت الكثير من هذه التجربة أيضا، فقد أدركت أنه من الخطر للغاية الآن أن تنظر في هاتفك المحمول أثناء المباراة. دعونا نتحدث في هذا الأمر بكل صراحة، فقد أصبحت هذه عادة منتشرة بين معظمنا خلال المباريات، لكن الآن لا يمكنكم سماع أصوات الجماهير التي تنبئك بوجود هجمة خطيرة وأنت تتابع هاتفك، وهو الأمر الذي يعني أنه قد يفوتك العديد من الفرص الخطيرة أو حتى الأهداف ولا يمكنك رؤيتها مرة أخرى لأنك كنت مشغولا على هاتفك! وبالتالي، فإن متابعة المباريات التي تقام من دون جمهور تتطلب قدرا أكبر من الاهتمام، كما تعزز صفة الانتباه لديك: فقد لاحظت عن كثب في تلك المباراة كيف يتحرك الفريق معا من الناحية التكتيكية، ورأيت كيف يتحرك اللاعبون لتغطية المساحات، وكيف يراقب اللاعبون بعضهم البعض في الركلات الركنية على سبيل المثال. لقد بدأت ألاحظ كل ذلك، لأن أصوات الجمهور التي كانت تشتت انتباهي لم تعد موجودة.
ويبدو أن اللاعبين اعتادوا على القواعد الجديدة في الملعب، وكان ذلك واضحا عندما أحرز فولفسبورغ الهدف الأول في المباراة، حيث اكتفى اللاعب الذي أحرز الهدف، ريناتو ستيفن، وزملاؤه بأداء رقصة صغيرة على مسافة آمنة من بعضهم البعض. وبعد إحراز هدف الفوز في اللحظات الأخيرة من عمر اللقاء، كان المدير الفني، أوليفر غلاسنر، يريد أن يركض من المنطقة المخصصة له لكي يحتضن دانيال غينتشيك، قبل أن يتذكر ويقول: «عفوا، هذا غير مسموح به».
وشرح غلاسنر ما شعر به في تلك اللحظة خلال المؤتمر الصحافي «الافتراضي» الذي عقد بعد المباراة التي فاز فيها فريقه بهدفين مقابل هدف وحيد. وبينما كنا نحن المراسلين نستمع للتصريحات ونحن موجودون في الطابق الثالث من الاستاد، كان المديرون الفنيون يتحدثون من غرفة المؤتمرات الصحافية في الطابق الأرضي، وتنقل تصريحاتهم إلينا عبر أحد التطبيقات. لكن الميكروفون الخاص بنا لم يكن يعمل، لذا كان يتعين علينا كتابة الأسئلة إلى المديرين الفنيين في «مربع الدردشة».
ويجب أن نشير إلى أن بعض الأمور لم تكن على ما يرام في عطلة نهاية الأسبوع الأول من هذا العصر الجديد لكرة القدم، حيث كان هناك الكثير من الأشياء الجديدة وغير المألوفة، وفي بعض الأحيان الغريبة للغاية. ومع ذلك، فنحن الألمان فخورون بأننا تمكنا، من خلال الاهتمام بأدق التفاصيل، من استئناف النشاط الكروي مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

ماينتس يذيق البايرن خسارته الأولى في الدوري الألماني

رياضة عالمية ستيفان بيل لاعب ماينتس يرتقي من فوق جوريتسكا لاعب بايرن ميونيخ (رويترز)

ماينتس يذيق البايرن خسارته الأولى في الدوري الألماني

مُني بايرن ميونيخ المتصدر بهزيمته الأولى في الدوري الألماني هذا الموسم بسقوطه أمام مضيفه ماينتس 1 - 2 السبت في المرحلة الـ14 من البطولة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية تشابي ألونسو مدرب باير ليفركوزن (رويترز)

ألونسو: قلق من مواجهة أوغسبورغ

يأمل باير ليفركوزن حامل لقب دوري الدرجة الأولى الألماني مواصلة سلسلة انتصاراته عندما يلعب السبت على أرض أوغسبورغ.

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية كريم أديمي مهاجم بروسيا دورتموند (رويترز)

أديمي قد يشارك مع دورتموند ضد هوفنهايم

قال نوري شاهين، مدرب بروسيا دورتموند، الجمعة، إن المهاجم كريم أديمي يتدرب بشكل جيد، وقد يشارك في مواجهة الفريق أمام ضيفه هوفنهايم.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية هاري كين يواصل الغياب عن بايرن ميونيخ (رويترز)

رغم عودته للتدريبات... كين يغيب عن مباراة ماينز

قال فينسن كومباني، مدرب بايرن ميونيخ، الجمعة، إن هداف الفريق هاري كين عاد للتدريبات، لكن مهاجم إنجلترا لن ينضم إلى تشكيلة الفريق عندما يحلّ ضيفاً على ماينز.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».