يوم السبت الماضي، أصبحت فجأة ومن دون مقدمات شخصية مهمة، لكن على أية حال لا يمكنني أن أفتخر بذلك كثيرا، نظرا لأن جميع الأشخاص الـ239 الذين سُمح لهم بحضور مباراة أوغسبورغ ضد فولفسبورغ كان يتعين عليهم دخول الملعب من مدخل كبار الشخصيات. كما أنه لم يتم التعامل معنا مثل الأغنياء والمشاهير: ففي البداية كان يتعين علي أن أجيب عن أسئلة مكتوبة، ثم تم قياس درجة حرارتي. فمرحبا بكم في الدوري الألماني الممتاز، ومرحبا بكم في المباريات التي تُلعب من دون جمهور، وهي المباريات التي نطلق عليها في ألمانيا اسم «مباريات الأشباح».
وقد استأنف الدوري الألماني الممتاز مبارياته، كأول دوري من الدوريات الكبرى في العالم يستأنف أنشطته التي توقفت نتيجة تفشي فيروس «كورونا». وقد شاهدنا العالم أجمع، وكان ينتابنا شعور لا ينسى - أو بالأحرى شعور غريب - قبل المباراة وفي أثنائها. ولم يُسمح إلا لعشرة صحافيين فقط من الصحافة المكتوبة بالدخول إلى ملعب المباراة، كما كان يتعين على كل صحافي من هؤلاء الصحافيين أن يسجل بياناته قبل المباراة ببضعة أيام. وعندما أرسلت بياناتي بالبريد الإلكتروني إلى النادي، سألت صديقتي: «هل تشعرين بالقلق إذا ذهبت إلى الملعب يوم السبت؟» لكنها فكرت لحظة ثم قالت: «في ظل كل القواعد التي يتعين عليك الامتثال لها، فإنني لا أشعر بأي قلق على الإطلاق».
وفي أوغسبورغ يوم السبت الماضي، كان هناك كتالوج لبروتوكولات السلامة التي يتعين علينا الالتزام بها. فقد جلسنا على بُعد 1.5 متر على الأقل من بعضنا البعض في المكان المخصص للصحافيين، وكان يتعين علينا أن نرتدي أغطية الوجه طوال الوقت الذي كنا فيه داخل الاستاد، وهو الأمر الذي كان مزعجا على نحو خاص عندما أجريت محادثة مباشرة عبر الفيديو على صفحتنا الرئيسية. لكن لا بأس، فالأوقات الخاصة تتطلب دائما إجراءات خاصة.
لكن كانت هناك بعض المزايا أيضا، حيث كان الوصول إلى الملعب أسهل وأسرع من أي وقت مضى، خاصة وأنه لم تكن هناك أية أوقات للانتظار أو أية اختناقات مرورية. وداخل الملعب، كان كل شيء مختلفا تماما، حيث كان اللاعبون البدلاء يجلسون في المدرج الرئيسي. وعندما بدأ اللاعبون في إجراء عمليات الإحماء، كان يمكننا بسهولة سماع صوت مدرب حراس المرمى وهو يتحدث مع حراس المرمى الذين يمسكون الكرات. ولم يكن هناك مذيع داخلي في الاستاد، لكن تم تشغيل الموسيقى بصوت عالٍ بحيث لم يكن بإمكاننا سماع أصواتنا.
وبمجرد أن بدأت المباراة، كان بإمكانك أن تسمع أي كلمة يتفوه بها اللاعبون داخل الملعب، كما كان يمكننا سماع أصوات المديرين الفنيين وهم يوجهون التعليمات للاعبين. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك سوى مدير فني واحد في المباراة، بسبب القصة الأكثر جنونا لكرة القدم في عصر فيروس «كورونا»، حيث لم يتمكن المدير الفني لنادي أوغسبورغ، هيكو هيرليتش، من حضور المباراة لاختراقه قواعد الحظر المفروضة على لاعبي ومدربي الدوري الألماني الممتاز، عندما ذهب لأحد المتاجر، لشراء معجون أسنان، ليتغيب عن أولى مباريات فريقه بعد العودة من التوقف.
وتسبب ما قام به هيرليتش في إثارة حالة من النقاش والغضب على نطاق واسع، لكن عندما سألت النادي بعد ذلك مباشرة عن كيفية تعامله مع البيان الذي أصدره المدير الفني لتوضيح ما حدث، كان الجواب كالتالي: «لماذا، أين ترى المشكلة؟» وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أعلن أوغسبورغ أن هيرليتش قد قرر طواعية عدم حضور مباراة فولفسبورغ. ويعكس هذا الأمر مدى حساسية موضوع السلامة والنظافة.
وبالعودة إلى المباراة، فقد خرج اللاعبون من النفق المؤدي للملعب الواحد تلو الآخر، وحدث ذلك في البداية للاعبي الفريق صاحب الأرض، ثم للاعبي الفريق الضيف. وكان الشيء الملاحظ خلال المباراة هو أنها كانت «نظيفة» للغاية، بمعنى أنها كانت تركز على الجوانب الكروية فقط، ولم تكن هناك احتجاجات أو ادعاءات من جانب اللاعبين، على عكس ما كنا نراه في السابق. ومن ناحية أخرى، كانت الأجواء غريبة للغاية. وعندما أحرز أوغسبورغ هدف التعادل لتصبح النتيجة التعادل بهدف لكل فريق، تم تشغيل صوت داخلي في الاستاد لاحتفال سابق للجمهور بعد إحراز أحد الأهداف. لكن الحقيقة هي أن الملعب كان خاويا على عروشه، بعد أن كان يشهد ضجيجا هائلا من 25 ألف متفرج في كل مباراة!
لكنني تعلمت الكثير من هذه التجربة أيضا، فقد أدركت أنه من الخطر للغاية الآن أن تنظر في هاتفك المحمول أثناء المباراة. دعونا نتحدث في هذا الأمر بكل صراحة، فقد أصبحت هذه عادة منتشرة بين معظمنا خلال المباريات، لكن الآن لا يمكنكم سماع أصوات الجماهير التي تنبئك بوجود هجمة خطيرة وأنت تتابع هاتفك، وهو الأمر الذي يعني أنه قد يفوتك العديد من الفرص الخطيرة أو حتى الأهداف ولا يمكنك رؤيتها مرة أخرى لأنك كنت مشغولا على هاتفك! وبالتالي، فإن متابعة المباريات التي تقام من دون جمهور تتطلب قدرا أكبر من الاهتمام، كما تعزز صفة الانتباه لديك: فقد لاحظت عن كثب في تلك المباراة كيف يتحرك الفريق معا من الناحية التكتيكية، ورأيت كيف يتحرك اللاعبون لتغطية المساحات، وكيف يراقب اللاعبون بعضهم البعض في الركلات الركنية على سبيل المثال. لقد بدأت ألاحظ كل ذلك، لأن أصوات الجمهور التي كانت تشتت انتباهي لم تعد موجودة.
ويبدو أن اللاعبين اعتادوا على القواعد الجديدة في الملعب، وكان ذلك واضحا عندما أحرز فولفسبورغ الهدف الأول في المباراة، حيث اكتفى اللاعب الذي أحرز الهدف، ريناتو ستيفن، وزملاؤه بأداء رقصة صغيرة على مسافة آمنة من بعضهم البعض. وبعد إحراز هدف الفوز في اللحظات الأخيرة من عمر اللقاء، كان المدير الفني، أوليفر غلاسنر، يريد أن يركض من المنطقة المخصصة له لكي يحتضن دانيال غينتشيك، قبل أن يتذكر ويقول: «عفوا، هذا غير مسموح به».
وشرح غلاسنر ما شعر به في تلك اللحظة خلال المؤتمر الصحافي «الافتراضي» الذي عقد بعد المباراة التي فاز فيها فريقه بهدفين مقابل هدف وحيد. وبينما كنا نحن المراسلين نستمع للتصريحات ونحن موجودون في الطابق الثالث من الاستاد، كان المديرون الفنيون يتحدثون من غرفة المؤتمرات الصحافية في الطابق الأرضي، وتنقل تصريحاتهم إلينا عبر أحد التطبيقات. لكن الميكروفون الخاص بنا لم يكن يعمل، لذا كان يتعين علينا كتابة الأسئلة إلى المديرين الفنيين في «مربع الدردشة».
ويجب أن نشير إلى أن بعض الأمور لم تكن على ما يرام في عطلة نهاية الأسبوع الأول من هذا العصر الجديد لكرة القدم، حيث كان هناك الكثير من الأشياء الجديدة وغير المألوفة، وفي بعض الأحيان الغريبة للغاية. ومع ذلك، فنحن الألمان فخورون بأننا تمكنا، من خلال الاهتمام بأدق التفاصيل، من استئناف النشاط الكروي مرة أخرى.
هكذا بدا الدوري الألماني في حلّته الجديدة
مدرجات خالية وادعاءات واحتجاجات أقل ومدير فني غائب وبدلاء يجلسون في مقاعد الجماهير
هكذا بدا الدوري الألماني في حلّته الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة